منهم ويمنعهم عن المخاصمة ـ قلت ويحتمل انهم يستبشرون بإخوانهم وأحبائهم الذين لم يلحقوا بهم فى درجتهم ان لا خوف على إخوانهم ولا هم يحزنون لما اعطى الله للشهداء درجة الشفاعة فى إخوانهم واحبابهم اخرج ابو داود وابن حبان عن ابى الدرداء قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول الشهيد يشفع فى سبعين من اهل بيته واخرج احمد والطبراني مثله من حديث عبارة بن الصامت والترمذي وابن ماجة مثله من حديث المقدام بن معد يكرب ـ واخرج ابن ماجة والبيهقي عن عثمان بن عفان عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ـ وأخرجه البزار وزاد فى آخره ثم المؤذنون ـ قلت لعل المراد بالعلماء الذين سبقوا على الشهداء فى الشفاعة العلماء الراسخون علماء الحقيقة ـ (يَسْتَبْشِرُونَ) كرره للتأكيد او يقال الاول بشارة بدفع الضرر وهذا بشارة بجلب النفع. (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) ثوابا لاعمالهم (وَفَضْلٍ) زيادة عليه من الله تعالى وذلك رؤية الله ومراتب قربه وتنكيرهما للتعظيم (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٧١) قرا الجمهور بفتح انّ عطفا على فضل فهو من جملة المستبشر به ـ عن ابى هريرة ان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال تكفل الله لمن جاهد فى سبيل الله لا يخرجه من بيته الا الجهاد فى سبيله وتصديق كلمته ان يدخله الجنة او يرجعه الى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من اجر وغنيمة وقال والذي نفسى بيده لا يكلم أحد فى سبيل الله والله اعلم بمن يكلم فى سبيله الا جاء يوم القيامة وجرحه تبعث دما اللون لون الدم والريح ريح المسك رواه ((١)) وعنه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم الشهيد لا يجد الم القتل الا كما يجد أحدكم الم القرصة (٢) رواه الدارمي والترمذي وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب ورواه النسائي بسند صحيح ورواه الطبراني فى الوسط عن ابى قتادة بسند صحيح ـ والاية تدل على عدم ضياع اجر المؤمنين عامة شهيدا كان او غيره كانّ الشهداء يستبشرون بحال جميع المؤمنين ـ وقرا الكسائي على انه استيناف معترض دال على ان ذلك اجر لهم على ايمانهم ومن لا ايمان له اعماله محبطة لا اجر عليها ـ وقيل هذه الاية نزلت فى شهداء بدر كانوا اربعة عشر رجلا ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين وهذا القول ضعيف وقراءة قتّلوا بالتشديد يأبى عنه لدلالتها لكثرة المقتولين ـ وقال قوم نزلت هذه الاية فى شهداء بير معونة وكان سبب ذلك على ما روى محمد بن إسحاق
__________________
(١) هكذا بياض فى الأصل ـ وفى حاشية نقل البغوي ـ ابو محمد عفا عنه ـ
(٢) القرص أخذك لحم الإنسان بإصبعيك حتى تولمه ولسع البراغيث ـ قاموس ـ منه رح