والإنفاق عليهم ... الخ.
إنّ نظام الوقف نظام إسلامي أصيل في مفهومه وحقيقته ، يستمدّ من القرآن في إطاره العامّ ، وقد وضع قواعده وأحكامه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومِن بعده الأئمّة من أهل بيته عليهمالسلام ، وجاءوا بتفاصيل أحكامه وطبّقوه فعلاً ، وفعْل رسول الله (صلى الله عليه وآله) سنّة وكذا فعْل أهل بيته عليهمالسلام فتابعهم فيه الصحابة والتابعون حتّى شاع في الأمّة وانتشر في كلّ بلد يتواجد فيها مسلمون.
فالوقف في الإسلام بكلّ أقسامه عمل جليل من أعظم النظم الاجتماعية ، ووسيلة لمساعدة المحتاجين يراد به البرّ ووجه الله تعالى ، «وليس مقصوراً على المعابد والكنائس ، وما أُرصد لها من أموال ينفق من غلالها عليها ، بل إنّه يتجاوز المعابد إلى جميع أنواع الصدقات ، فهو يشمل الوقف على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية»(١).
مضافاً إلى أنّ (الوقف الذرّي) الخاصّ ، والوقف العام من : المدارس والمستشفيات والمساجد لانجد مثيلاً له قبل الإسلام.
أمّا قول الشافعي وابن حزم وابن رشد وغيرهم بنفي الأحباس في الجاهلية ؛ فهؤلاء لم ينفوا الأحباس في العصور القديمة قطعاً ، بل نفوا وجودهاالتي يقصد منها القربة والبرّ آنذاك ، ونفوا أحباس أهل الجاهلية ، والجاهلية إذا أُطلقت فالمراد بها العرب قبل الإسلام ، وليس المراد الأمم التي سبقت الإسلام كلّها ، حيث كان الوقف عندها نوعاً من الهبة الشخصية
__________________
(١) محاضرات في الوقف : ٧ ، ٨.