باختصار عن الجذور التاريخية للوقف فنقول :
هناك رأيان تعرّضا للجذور التاريخية للوقف ، وهما :
الرأي الأوّل : إنّ الوقف ـ كمصطلح شرعيٍّ ـ في مفهومه وحقيقته شأن لم يسبق إليه أحد من الأمم قبل الإسلام سواءً كان وقفاً خيريّاً أو ذرّيّاً ، بخاصّة عند العرب في العصر الجاهلي ؛ حيث لم يسجّل التاريخ المكتوب أيّ أثر لوجود وقف عندهم ولو على مستوى الرواية التاريخية الواحدة ، ولذا ذهب الإمام الشافعي (ت٢٠٤هـ) إلى أنّ الوقف من الأمور التي اختصّ بهاالإسلام.
قال في كتابه الأمّ : «لم يحبس أهل الجاهلية ـ فيما علمتُ ـ داراً ولا أرضاًتبرّراً بحبسها وإنّما حبس أهل الإسلام»(١) ، فالوقف عنده من خصائص أهل الإسلام.
وقال ابن المرتضى : «ولم يكن في الجاهلية وقف على الوجه المشروع ، بل السائبة ... والبَحيرَة .. والوصيلة .. والحامي ... قال تعالى : (مَا جَعَلَ الله مِن بَحِيرَة وَلاَ سَائِبَة وَلاَ وَصِيلَة وَلاَ حَام وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوايَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ) وتفسير الكلمات (بحيرة) : الناقة تُشَقُّ أذنها ، ويترك الانتفاع بها إذا ولدت خمسة أبطن آخرهاذكر. ولا (سائبة) : الناقة ينذرونها للآلهة ويتركونها كالبحيرة.
__________________
(١) الأمّ ٣/٢٧٥. وانظر : حاشية إعانة الطالبين ٣/١٥٦.