في كلمات الأصحاب ، فإنّ المتتبّع فيها يرى الأصحاب متسالمين في هذه الدعوى من دون لجلجة واضطراب ، أو دغدغة وارتياب ، مع اشتهاره بينهم قديماً وحديثاً ، كما قال العلاّمة المجلسي : «وكان قرب الإسناد من الأصول المعتبرة المشهورة ، وكتبناه من نسخة قديمة مأخوذة من خطّ شيخنا محمّد ابن إدريس وكان عليها صورة خطّه ، هكذا الأصل الذي نقلته منه كان فيه لحن صريح وكلام مضطرب فصورته على ما وجدته خوفاً من التغيير والتبديل»(١) انتهى.
ولقد أجاد المحقّق الخوانساري في المشارق عند الكلام في طهارة ما يؤكل لحمه وروثه ، فإنّه بعدما ذكر أنّه وجد رواية في كتاب قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر الحميري فذكرها وقال : «هذه الرواية مع صحّة سندها واضحة الدلالة على المطلوب ، قال : إلاّ أن يناقش فيها بعدم ثبوت انتساب الكتاب إلى مؤلّفه ولا يخلو من بعد»(٢).
قلت : بل الأمر أظهر من هذا ، كيف وأنّ مثل الفاضل الحلّي المطّلع على الأصول ومصنّفيها قد استطرف نبذة من أخبار هذا الكتاب في آخر السرائر كما استطرف من أخبار غير واحد من الأصول المعتبرة والكتب المشهورة مثل : نوادر أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، وكتاب أبان بن تغلب ، وجميل بن درّاج ، وحريز بن عبد الله السجستاني ، ومشيخة الحسن ابن محبوب ، ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب وغيرها فالاعتماد والتعديل على بعضها كما قال بعد ذكر مستطرفاته من كتاب حريز : «وكتاب حريز أصل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) بحار الأنوار١ / ٢٦.
(٢) مشارق الشموس : ٢٩٩.