في العرف والعادة بالنّسبة إلى من لم يقصد إفهامه وإن فرض كونه مخاطبا بالكلام كالخطابات الشّفاهيّة بالنّسبة إلى المعدومين على القول بشمولها لهم إذ لا ريب في عدم اعتبار أصالة عدم القرينة في دفع احتمال وجود قرائن حين صدور الآيات في عملنا بظواهر الكتاب وإن قلنا بكوننا مخاطبين بها إذ كيف يرضى عاقل بجواز العمل بالأصل لدفع احتمال قرينة صادرة قبل ألف سنة ويدعى بناء العقلاء عليه والمحقق المذكور وإن التزم بذلك بل جعله من ثمرات عموم الخطاب في مسألة الخطاب الشّفاهي إلا أنا قد أوضحنا فساده في تلك المسألة بوجوه شتّى بل المدار في العمل بظواهر الكتاب هو الفحص عن متفاهم الموجودين المشافهين على حسب ما تقتضيه القواعد المقرّرة في ذلك الزّمان سواء قلنا بعموم الخطاب أم لا ولعلّ منشأ توهّم المحقّق المذكور هو توهّم ملازمة الخطاب لقصد الإفهام كما هو معناه في الاصطلاح لكونه عبارة عن إلقاء الكلام نحو الغير للإفهام أو الكلام الملقى كذلك فتدبّر (قوله) الظنّ النّوعي إلخ قد يسمّى بالظن الطّبيعي أيضا(قوله) مع أن عدم تحقق الغفلة إلخ قد يقال إن الأولى ذكر هذه الفقرة بعد قوله في جميع أمور العقلاء أقوالهم وأفعالهم إذ المقصود هنا ذكر موانع الظنّ وهناك ذكر أسبابه ودفع موانعه ولكنّك خبير بوجه مناسبتها للمقام (قوله) كما نبّهنا عليه في أوائل المبحث إلخ لعلّه أشار بذلك إلى ما ذكره في أوائل المبحث بقوله وبالجملة الأمور المعتبرة عند أهل اللّسان إلى آخر ما ذكره لاختصاص ذلك بما يعدّ قرينة للكلام بحيث يستند إليه ظهوره فلا يشمل سائر الظّنون الّتي لا تعطي الكلام ظهورا كما في المقام (قوله) إن ما ذكرنا سابقا إلخ لا يخفى أنّه لم يسبق ذكر لذلك في كلامه نعم قد سبقت عند عنوان المبحث دعوى الاتّفاق على اعتبار الظواهر ولكن مطلقا لا في خصوص الدّعاوي والأقارير والشهادات كما هو ظاهر كلامه وكيف كان فوجه عدم إجداء ذلك في ردّ هذا التّفصيل هو كون حجيّة الظواهر في مقام الدّعاوي والأقارير ونحوهما بالنّسبة إلى كلّ من سمعها وإن لم يكن مقصودا بالخطاب لأجل كون احتمال خلافها مسبّبا عن احتمال الغفلة من المتكلّم في إيراد كلامه على وجه يفي بمراده أو من السّامع في الاستماع والاستفادة لا من سنوح السّوانح الخارجة(قوله) لم يكن على اعتباره دليل خاصّ إلخ لما أشار إليه آنفا بقوله ولو فرض حصول الظنّ من الخارج (قوله) والحاصل أن القطع حاصل لكل متتبع إلخ هذا توطئة لدفع ما يمكن أن يورد به على ما تمسّك به من إجماع العلماء على العمل بالظّواهر من كون ذلك إجمالا عمليّا ووجه عملهم مجمل فلعلّهم عملوا بها من باب الظنون المطلقة لانسداد باب العلم بمرادات الشّارع غالبا فلا يمكن إثبات حجيّة الظواهر من باب الظنون الخاصّة بمثل هذا الإجماع وحاصل الدّفع هو دعوى القطع بكون عملهم بها من باب الظنون الخاصّة دون المطلقة لأنّ عملهم بها من حيث كونها ظواهر لا من حيث كونها من جملة أفراد الظنون المطلقة ويشهد به أولا أنا نرى بالعيان عملهم بالظواهر على كثرتها كتابا وسنّة من دون تفاوت بينها فلو كان اعتبارها من باب الظنون المطلقة فلا بدّ أن يفرقوا بين موارد إفادة الظنّ وعدمها إذ ليست هذه الظواهر على كثرتها مفيدة للظنّ مطلقا فتأمل وثانيا أن اعتبارها من باب الظّنون المطلقة خلاف ما استقرّت عليه طريقتهم من تقديمها على سائر الأمارات الظنّية الّتي لم يثبت اعتبارها بالخصوص وإن كانت أقوى منها بمراتب شتى في إفادة الظنّ كالشّهرة ونحوها وثالثا ما أشار إليه المصنف رحمهالله من أنّه قد عمل بها من يدعي انفتاح باب العلم كالسّيد وأتباعه فإن قلت نعم إلا أنّه لا ريب في انسداد باب العلم بمرادات الشّارع غالبا وهو يقتضي كون اعتبار الظّواهر من باب الظنون المطلقة وهو لا يجتمع مع دعوى كون اعتبارها من باب الظنون الخاصّة قلت نعم إن باب العلم بمرادات الشّارع وإن كان منسدّا غالبا إلا أن هذا الانسداد حكمة لإمضاء الشّارع للعمل بالظّواهر لأنّ الشّارع العالم بالعواقب لما كان عالما بكون تحصيل العلم بمراداته لأغلب المكلّفين متعذرا أو متعسّرا في أغلب الموارد فصار ذلك حكمة لتشريعه لجواز العمل بالظّواهر مطلقا حتّى بالنّسبة إلى الموارد المتمكّن فيها من العلم وبالنّسبة إلى من تمكن من العلم بمراداته كالحاضرين في خدمته إن سلم كونه متمكنين من ذلك وبالجملة أنّ كون الانسداد الأغلبي لأغلب المكلّفين حكمة لتشريع الشّارع لجواز العمل بالظّواهر لا ينافي كون اعتبارها من باب الظنون الخاصّة بل يؤكّده نعم لو كان الانسداد المذكور علة للحكم كان الحكم دائرا مدار الانسداد المذكور لعدم جواز التّخلف بين المعلول وعلته وبالعكس فلا يجوز العمل بها للتّمكن من تحصيل العلم ويكون العمل بها من حيث كونها من جملة الظّنون المطلقة من دون خصوصية لها لكنّه خلاف طريقة الأصحاب كما عرفت ثمّ إنه مع تسليم إجمال جهة عملهم وتردّدها بين كونه من حيث كون الظّواهر من الظّنون الخاصّة أو المطلقة نقول إنّ هذا المقدار كاف في المقام إذ مقتضى القاعدة في مثلها ترتيب آثار الظّنون الخاصّة عليها إذ الأصل حرمة العمل بالظنّ فلا بدّ أن يقتصر على ما قام عليه الدّليل والظّواهر ممّا قام عليه الإجماع في الجملة فيجوز العمل بها لكن لا وجه حينئذ للتّعدي والحكم بكون العمل بها لغير المخاطبين من حيث كونها من جملة أفراد الظّنون المطلقة المستلزم لكونها في عرض سائر الظنون الّتي لم يقم دليل على اعتبارها بالخصوص كالشهرة ونحوها كما هو مدعى المفصّل هكذا قيل وفيه نظر لمنع كون اعتبار الظّواهر من باب الظّنون الخاصّة متيقنا لأنّه أنما يتجه في موارد إفادتها للظنّ الشّخصي للعلم باعتبارها حينئذ إما من باب الظنّ الخاصّ أو الظنّ المطلق وأمّا في موارد عدم إفادتها له فلا إجماع على العمل بها والأصل حرمة العمل بالظنّ مع أن ما ذكر أنما يتجه فيما ثبت العمل به في الجملة بخلاف ما دار الأمر فيه بين العمل بأحد الأمرين كعموم الكتاب والشهرة الخاصّة إذ العمل بالعموم حينئذ ليس بمتيقن إذ لو كان العمل بالظّواهر من باب الظنون الخاصّة تعين العمل بالعموم حينئذ وإن كان من باب الظّنون المطلقة تعين العمل