إنزال ما هو أزيد ممّا تحقّق نزوله ثمّ أنزل ما هو أنقص من ذلك لمصلحة اقتضته وثانيها أن يكون المقصود أنّ الله تعالى قد أنزل على بيت المعمور ما كان أزيد ممّا أنزل على الأرض فأطلق عليه النّقص بهذا الاعتبار وثالثها أن يكون المحذوفات من قبيل التّفسير والبيان لبطون القرآن ولم يكن جزء منه كما حكي عن المحدث الكاشاني في مقدّمات تفسيره (تنبيه) اعلم أنّ الأخبار الواردة في وقوع التحريف في القرآن قد جعلها شريف العلماء الّذي هو من مشايخ المصنف رحمهالله من جملة الأدلّة على عدم حجيّة الكتاب وقد عدل المصنف رحمهالله عن هذه الطّريقة فذكرها في تنبيهات المسألة والسّر فيه عدم تمسّك أحد من متقدمي الأخباريين ومتأخريهم بها في المقام ليذكر في تضاعيف أدلّتهم ولعل السّر في عدم تمسّكهم بها مع كثرتها وكونها بمرأى منهم وسمع هو كون نزاعهم في حجيّة الكتاب قبل وقوع التّحريف فيها كما في زمان النّبي صلىاللهعليهوآله أو مع قطع النّظر عن ذلك (قوله) لعدم العلم الإجمالي باختلال إلخ لا يذهب عليك أنّ هذه الأجوبة عليلة أمّا الأوّل فإنّ حاصله منع تحقق العلم الإجمالي باختلاف الظّواهر بذلك لاحتمال كون السّاقط آيات مستقلّة من بين الآيات غير مخلّة بظواهر الباقية منها أو كون السّاقط من غير آيات الأحكام كما يؤيّده عدم الدّاعي إلى الإسقاط منها إذ الدّاعي لهم إلى ذلك إخفاء فضل الأئمّة وإلقاء الشّبهة بين الأمّة في إمامتهم كما روي مستفيضا أنّ آية الغدير هكذا نزلت يا أيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك في عليّ فإن لم تفعل فما بلغت رسالته وعن تفسير العيّاشي عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه لو لا أنّه زيد في كتاب الله وما نقص ما خفي حقّنا على ذي حجى ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن وفيه أنّ الوجه الثّاني وإن كان مظنونا إلا أن الإنصاف بعد ملاحظة مجموع هذه الأخبار بناء على اعتبارها والأخذ بظواهرها عدم بقاء الوثوق بظواهر الآيات وقد روي مستفيضا بل يقل متواترا عن أمير المؤمنين عليهالسلام حيث سئل عن المناسبة بين قوله (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) وقوله (فَانْكِحُوا) أنّه سقط من بينهما أكثر من ثلث القرآن وكذا ما ورد في تفسير قوله تعالى (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) إلى غير ذلك مع أنّه يمكن منع حصول الظنّ بالوجه الثّاني أيضا لوجود الدّواعي أيضا إلى إخفاء الأحكام الفرعيّة المنافية لأدائهم وأهوائهم وأغراضهم من الدّنيا وأهلها وأمّا الثّاني فلمنع كون المقام من قبيل الشّبهة غير المحصورة بل من قبيل اشتباه الكثير في الكثير مع أنّ كونه من قبيلها غير مجد في المقام لوضوح الفرق بين غير المحصورة المصطلحة وبين ظواهر الآيات إذ المناط في العمل بظواهر الأدلّة اللفظيّة هو الظّهور اللّفظي الزّائل بمجرّد العلم إجمالا بعدم إرادة ظاهر بعضها وإن كانت أطراف الشّبهة غير محصورة بخلاف الأمر في الشّبهة غير المحصورة المصطلحة ومن هنا يظهر ما في الوجه الثّالث لعدم إجداء خروج بعض أطراف الشّبهة من محلّ الابتلاء في المقام كما لا يخفى (قوله) قد يتوهم إلخ المتوهم هو المحقّق القمي رحمهالله (قوله) موجب لعدم ظهور إلخ ممّا يوضح ذلك أنّه لو فرض تصريح النّبي صلىاللهعليهوآله بلسانه الشّريفة بأنّ ظواهر الكتاب حجّة لا يتوهم أحد تناقضا في هذا الكلام بأن يقال إنّ مقتضى حجّيتها حجيّة الظواهر النّاهية عن العمل بالظنّ ومقتضاها عدم حجّية ظواهر الكتاب مطلقا وليس الوجه فيه إلاّ ما ذكره المصنف ره (قوله) فتأمّل إلخ لعل الأمر بالتّأمّل إشارة إلى أنّ الآيات النّاهية وإن لم تشمل أنفسها لقصور اللّفظ عن الدّلالة عليه إلا أنّه يعلم ثبوت الحكم لهذا الفرد أيضا للعلم بعدم خصوصيّة مخرجة له من هذا الحكم وقد أشار المصنف رحمهالله إلى هذا الوجه عند الإيراد على مفهوم آية النّبإ بأنها تدلّ بمفهومها على حجيّة الإجماع الّذي ادعاه السّيّد على عدم حجيّة أخبار الآحاد وإن شئت قلت إنّ الأمر بالتّأمّل إشارة إلى أنّ عدم شمول الآيات النّاهية لأنفسها أنّما هو من حيث كونها من جملة ظواهر الآيات لا من حيث كونها من أفراد الظّنون المطلقة وحينئذ لا بدّ أن لا تشمل سائر الآيات أيضا فلا يتم التّوهم المذكور ومن هنا يظهر السّر فيما ادعاه المصنف رحمهالله من أنّ فرض وجود الدّليل على حجيّة الظّواهر موجب لعدم ظهور إلى آخر ما ذكره وذلك لأنّ حجيّة الظواهر النّاهية لأجل الدّليل المفروض أنّما هو بعنوان كونها من جملة ظواهر الكتاب لفرض كون مؤدّى الدّليل اعتبار ظواهر الكتاب من حيث كونها ظواهر الكتاب لا من حيث كونها من أفراد الظنون فإذا فرض اعتبارها بهذا الوصف العنواني فكيف يمكن فرض شمولها لسائر الآيات مع فرض تحقّق مناط اعتبار هذه الآيات فيها أيضا وهذا الوجه وإن كان عقليّا إلاّ أنّه منشأ لفهم العرف عدم شمول هذه الآيات لحرمة العمل بالظواهر(قوله) وفيه ما لا يخفى إلخ لأنّ القطع باعتبار أمارة ظنّية أنّما يمنع من شمول حكم الآيات النّاهية لها لا خروجها من موضوعها لعدم صيرورتها بذلك قطعيّة فخروجها منها من باب التّخصيص دون التّخصص وهو واضح (قوله) وأمّا التّفصيل الآخر إلخ حق العبارة أن يقال وأمّا الكلام في الخلاف الثّاني (قوله) وهو الفرق بين قصد إفهامه إلخ لا يخفى أنّ مقتضى هذا التّفصيل حجّية الظّواهر من باب الظن الخاصّ بالنّسبة إلى من قصد إفهامه سواء كان مخاطبا بالكلام أم كان المخاطب غيره كما إذا خوطب شخص وكان المقصود إفهام غيره أم لم تكن هنا مخاطبة أصلا كما في تأليفات المصنّفين وحجّيتها من باب الظنّ المطلق بالنّسبة إلى غير من قصد إفهامه سواء كان مخاطبا أم لا وهذا التّفصيل غير ظاهر من كلام المحقّق القمي رحمهالله لأنّ ظاهره عند بيان حجيّة الكتاب وفي مبحث الاجتهاد والتّقليد هو التّفصيل بين الخطابات الشّفاهيّة بالنّسبة إلى المخاطبين مطلقا سواء كانوا مقصودين بالإفهام أم لا كما عرفت وتأليفات المصنّفين وبينما لم يكن من أحد القبيلين كظواهر الأخبار بالنّسبة إلينا وهذا التّفصيل حيث كان ضعيفا جدّا حمله المصنف رحمهالله على ما ذكره وأمّا وجه ضعفه فلعدم اعتبار الظّواهر