القرآن ما ثبت بالتّواتر وما ليس بمتواتر ليس بقرآن فلا تجوز القراءة بغيرها ولذا ذهب العلاّمة إلى عدم جواز القراءة بقراءة ابن مسعود لعدم ثبوت تواترها حتّى إنّه قد صرّح بعضهم بعدم جواز الخروج من القراءات السّبع وإن كان بعضها مخالفا للقواعد العربيّة وأمّا القائل بكون المتواتر في السّبع لا أن السّبع متواترة كما تقدّم فإن تعيّن ذلك بأن علم كون المتواتر هو الجوهري من القراءات السّبع كما احتملناه في كلام الشّهيد الثّاني اختصّ ذلك بالحكم وإن لم يتعيّن ذلك بأن علم إجمالا وجود قراءة شاذّة في جملة السّبع ولم تتميّز عن المتواترة يجري فيه ما ستعرفه من الرّجوع إلى مقتضى الأصول من البراءة والاشتغال وقد ذهب جماعة من المنكرين لتواتر السّبع كالبهائي والمحدث البحراني إلى وجوب القراءة بها وعدم جواز الخروج منها واحتجوا لذلك بوجوه أحدها إجماع أصحابنا قولا وعملا ولذا يحكمون ببطلان صلاة من قرأ الفاتحة بما خرج من السّبع أو العشر وبعدم الخروج من العهدة بغيرها إذا استؤجر لقراءة القرآن وثانيها الأخبار الدّالة على ذلك قال المحدّث البحراني في حدائقه ثمّ إنّ الّذي يظهر من الأخبار أيضا هو وجوب قراءة القرآن بهذه القراءات المشهورة لا من حيث ما ذكروه من ثبوتها وتواترها عنه صلىاللهعليهوآله بل من حيث الاستصلاح والتقية فروى في الكافي بسنده إلى بعض الأصحاب عن أبي الحسن عليهالسلام قال قلت له جعلت فداك إنا نسمع الآيات ليست هي عندنا كما نسمعها ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نائم فقال لا اقرءوا كما علّمتم فسيجيء من يعلّمكم وروي فيه عن أبي سالم بن سلمة قال قرأ رجل على أبي عبد الله عليهالسلام حروفا ليس على ما يقرؤها النّاس فقال أبو عبد الله عليهالسلام كفّ عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ النّاس حتّى يقوم العليم الحديث وثالثها قاعدة الاشتغال لعدم العلم بالخروج من عهدة التّكليف المتعلق بما تجب فيه قراءة القرآن بالقراءة بما هو خارج من السّبع وعندي هذه الوجوه ضعيفة أما الأوّل فإنّ الإجماع المذكور تقييدي لاحتمال كون عدم تجويز بعض المجمعين للقراءة بما خرج من السّبع لأجل زعمه كونها متواترة وبعض آخر لأجل إمضاء الأئمة عليهمالسلام لها والمنع من غيرها كما عرفته من الأخبار فمن ينكر الأمرين لا يجوز له التّمسك بهذا الإجماع وأمّا الثّاني فإن تلك الأخبار واردة في مقام بيان عدم جواز القراءة بقراءة أهل البيت عليهمالسلام من دون نظر إلى الأمر بقراءة مخصوصة لاحتمال أن يكون المراد بقوله عليهالسلام كما يقرأ النّاس هو الإحالة إلى القراءة بحسب متفاهم اللّسان وعلى ما تقتضيه القواعد العربيّة من دون لزوم اتباع القراء السّبعة بل هذا هو الظّاهر من الفقرة المذكورة ويحتمل الإحالة إلى القراءة بقراءة مخصوصة غير السّبع المشهورة أو القراءة بها وبغيرها من القراءات وأمّا الثالث فإنّ مرجع الشّك في وجوب القراءة بالسّبع المشهورة وعدمه إلى الشّك في الأجزاء والشّرائط وسيأتي في محلّه أن المختار فيه أصالة البراءة دون الاشتغال فإن قلت إنّ الرّجوع إلى أصالة البراءة أنّما هو فيما كان الشّكّ فيه في الشّرطيّة والجزئيّة لا فيما كان الشّكّ فيه في مصداقهما بعد تبين مفهومهما وما نحن فيه من هذا القبيل لأنّ المأمور به وهي قراءة القرآن في الصّلاة مبيّن المفهوم لأنّ القرآن عبارة عن الكلام المنزل للإعجاز والشّكّ أنّما هو في أنّ مصداق هذا المفهوم هو الألفاظ على نحو ما قرأه السّبع أو ما كان مطابقا للقواعد العربيّة سواء طابق إحدى القراءات السّبع أم لا والمرجع عند الشّك في تحقّق مصداق الجزء أو الشّرط إلى قاعدة الاشتغال دون البراءة قلت إنا نمنع كون المقام من قبيل الشّكّ في المصداق إذ القرآن وإن كان هو الكلام المنزل للإعجاز إلاّ أنّه لا ريب في قيام هذا المعنى بجواهر الألفاظ المطابقة للقواعد العربيّة سواء طابقت القراءات السّبع أم لا والشّكّ أنّما هو في اشتراط القراءة بإحدى السّبع فيما اشترطت فيه قراءة القرآن وعدمه فهذا ليس من قبيل ما دار الأمر فيه بينما هو قرآن وغير قرآن بل في اشتراط القراءة ببعض ما صدق عليه القرآن حقيقة وعدمه هذا كله على مذهب من أنكر تواتر السّبع وادعى تعيّن العمل بها وأمّا المختار من منع التواتر وعدم قيام دليل معتبر على وجوب القراءة بها فالتحقيق أن يقال إنّ المعتبر هي القراءة بما ينطبق على القواعد العربيّة وإن كان خارجا من
السّبع نعم الأولى القراءة بإحدى السّبع خروجا من خلاف من أوجبها هذا إذا كانت مطابقة للقواعد العربيّة وأمّا إذا كانت مخالفة لها كالعطف على الضمير المجرور من دون إعادة الخافض فيعدل عنها حينئذ إلى ما يوافق القواعد وأمّا إذا لم تعلم الموافقة والمخالفة لأجل عدم استحضار موارد استعمالات العرب فيتبع حينئذ إحدى السّبع لكونهم أقرب إلى أهل اللّسان وأمّا فيما يخطّئهم بعض علماء الأدب مثل نجم الأئمّة والزّمخشري والزجاج وأمثالهم ممّن قد علم بكونه أعلى مرتبة في الإحاطة بكلمات العرب وموارد استعمالاتهم من هؤلاء السّبعة فالظّاهر حينئذ اتباع علماء الأدب هذا بحسب ما يتعلق بقواعد العرب وأمّا ما يختصّ بفنّهم في كيفيّة تأدية الألفاظ مثل الإمالة واللّين والتفخيم والتّرديد والإشمام والرّوم والإدغام وزيادة المدّ ونحوها فالظّاهر عدم وجوب متابعتهم في ذلك بل المعتبر فيه الرّجوع إلى متعارف أهل اللّسان في تأدية الألفاظ بل هذه الأمور على الوجه المقرّر عند المتحلّين بهذه الصّناعة في أمثال هذه الأعصار ربّما تخل بسلاسة القرآن وحلاوة قراءته واستماعه وبالجملة فالمتّبع ملاحظة طريقة أهل اللسان في ذلك والله أعلم الثّالثة قال السّيّد الجزائري في كشف الأسرار وقد ظهر في قريب من هذه الأعصار السّجاوندي الّذي يكتب ويرسم على الآيات من علامات الوقف المطلق واللاّزم ونحو ذلك وقد وضعه رجل اسمه سجاوند وبعد ملاحظة تفاسير الخاصّة وأحاديث أهل البيت عليهمالسلام لم يبق شكّ ولا ريب في عدم اعتباره وقد شاع وذاع كتابة