رسومه في المصاحف والظاهر أنّه إن مضى زمان يدعى تواتره ووجوب القراءة به وإبطال صلاة من قرأ بغيره ولا نقول كما قيل العلم نقطة كثره الجاهلون بل نقول العلم بسيط وقد ركّبه العالمون انتهى وببالي أنّه قد ذكر في كتاب الأنوار أنّ رسوم خطّ القرآن الّتي قد تداولت كتابة خطّ القرآن بها في المصاحف وهي خارجة من قواعد الخطّ أنّما نشأت من جهل عثمان بن عفان بقواعده وقال في كشف الأسرار أيضا في وصف القرآن الذي كتبه عثمان ألا ترى إلى رسم قواعد خطّه كيف خالفت علم العربيّة مثل كتابة الألف بعد واو المفرد وحذفها بعد واو الجمع ونحو ذلك حتّى صار اسمه رسم القرآن وذلك لجهل عثمان بقواعد الخطّ وقواعد علم العربيّة (قوله) على وجهين مختلفين إلخ توضيح المقام وتتميم هذا المرام أنّه إذا اتّفقت القراءات أو اختلفت لكن لا بحيث يؤدي إلى اختلاف الحكم المستفاد منها تجوز القراءة بكل منها عند مدعي تواترها وكذا عند منكره كما هو المختار ما لم تخالف القواعد العربيّة كما تقدم في الحاشية السّابقة وأمّا إذا اختلفت بحيث يؤدّي إلى اختلاف الحكم المستفاد منها مثل قراءة يطهّرن بالتّشديد الظّاهر في الاغتسال والتخفيف الظّاهر في انقطاع الدّم فعلى القول بتواترها فاللاّزم عليه من حيث القراءة بها جواز القراءة بكلّ منها وعدم جواز الإخلال بكلّ منها وأمّا من حيث استفادة الحكم منها فيجب الرّجوع إلى المرجّحات الدّلالتيّة لكون القراءتين بعد فرض تواترهما كآيتين متعارضتين فيحمل الظّاهر منهما على النّصّ أو الأظهر إن كان هنا تفاوت بالنّصوصيّة أو الظّهور وإن تكافأتا يرجع إلى مقتضى العمومات إن كانت إحداهما موافقة لها كما في المثال بناء على كون قوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) للعموم الزماني بأن كان أنّى بمعنى متى إذ مقتضاه حينئذ جواز الوطء مطلقا خرج منه زمان رؤية الدّم يقينا وبقي الباقي وحينئذ يكون جواز الوطء بعد النّقاء وقبل الاغتسال ثابتا بالعموم وإن لم تكن إحداهما موافقة للعموم كما في المثال بناء على كون لفظ أنّى بمعنى حيث يجب الرّجوع إلى مقتضى الأصل الموافق لإحداهما وهو استصحاب حرمة الوطء إلى زمان الاغتسال وإن انقطع الدّم وإنّما قلنا بالرّجوع إلى الأصل الموافق لأن الرّجوع إلى الأصل المخالف مستلزم لطرح قوله سبحانه إذ الكلام هنا على تقدير تواتر القراءات وأمّا إذا لم تكن إحداهما موافقة للأصل فيتخير حينئذ في العمل بأيّهما أراد من باب حكم العقل دون الأخبار لاختصاصها بالأخبار الظنّية السّند والفرض في المقام تواتر القراءتين وما ذكره بعضهم ويستفاد أيضا من كلام المحقق القمي من ملاحظة المرجّحات مثل موافقة التخفيف للشّهرة والإجماعات المنقولة والأخبار وفيها الصّحيح والموثق ضعيف جدّا كما عرفت وممّا ذكرناه يظهر ما في إطلاق المصنف رحمهالله للتوقف والرّجوع إلى الغير اللهمّ إلاّ أن يريد بالغير ما يشمل التخيير العقلي أيضا فتدبّر ثمّ إنّه لا فرق فيما ذكرناه بين أن نقول بتواتر القراءات مطلقا سواء كانت جوهرية أم أدائيّة وبين أن نقول باختصاص المتواتر بالجوهريّات غاية الأمر أنّه على الأوّل يجري فيه ما ذكرناه مطلقا وعلى الثّاني فيما كان من قبيل الجوهريّات ويلزم في غيرها ما يلزم المنكرين للتواتر مطلقا وأمّا من أنكر التواتر مطلقا وادّعى تواتر إمضاء الشّارع للقراءات السّبع بحيث يجوز الاستدلال بكلّ قراءة فيلزمه أيضا ما قدّمناه من التّفضيل نعم بينهما فرق من حيث إنّ مثبتي التواتر يعملون بالسّبع من حيث كون ما تضمنته من الأحكام الواقعيّة لفرض تواترها عن النبي صلىاللهعليهوآله ومثبتي الإمضاء يعملون بها من حيث كون ما تضمنته من قبيل الأحكام الظّاهريّة وأمّا من أنكر كلاّ من التّواتر والإمضاء فلا بدّ له من التّوقف في محل التّعارض والرّجوع إلى مقتضى القواعد مع عدم المرجّح أو مطلقا بناء على عدم ثبوت التّرجيح هنا أمّا من جهة الدّلالة فلأن جواز التّرجيح من جهتها فرع اعتبار المتعارضين سندا والفرض عدم ثبوت تواتر القراءتين ولا جواز العمل بهما والحجّة منهما هي إحداهما المجهولة عندنا ومن هنا يظهر وجه عدم ملاحظة التّرجيح بحسب السّند أيضا لكونه أيضا فرع اعتبار المتعارضين مضافا إلى اختصاص المرجحات السّندية بالأخبار كما لا يخفى وربّما يظهر من المصنف رحمهالله نوع تردّد في ذلك ولعلّ وجهه هو يتفتح المناط أو الأولويّة لأنّ الترجيح بحسب السّند أنّما هو بملاحظة حال الدّليلين وعدم طرحهما رأسا فإذا لوحظ ذلك في الظنّيين فملاحظته فيما كان أحدهما قطعيّا أولى فمع عدم ملاحظة المرجّح إما يحكم في المثال بالحرمة لاستصحابها أو بالجواز لعموم أنّى شئتم كما أسلفناه ونقول هنا أيضا في توضيح الوجهين الذين أشار إليهما المصنف رحمهالله أنّ لفظ أنّى إن كان بمعنى حيث أو كيف فاستفادة العموم الزّماني من الآية حينئذ أنّما هي باعتبار إطلاق الحكم بحسب أحواله بالنّسبة إلى كلّ زمان ولا ريب في كون المقام حينئذ من موارد استصحاب حكم المخصّص لكونه مبيّنا للمطلق ومقيّدا له بغير زمان ما بعد انقطاع الدّم قبل الاغتسال وإن كان بمعنى متى الظّاهر في العموم الأفرادي فالمقام حينئذ من موارد العمل بعموم العامّ لكون العام في شموله لكلّ زمان بالعموم الأفرادي دليلا بالنّسبة إلى الاستصحاب بل لا معنى له بعد فرض كون كل زمان موضوعا بحياله وإنّ قطع النّظر عن شمول حكم العام لها هذا كلّه فيما وافقت إحدى القراءتين عموما أو أصلا وإن خالفتاهما فيتخيّر حينئذ في العمل بأيّهما أراد من باب حكم العقل دون الأخبار كما تقدّم وهذا كلّه من حيث استفادة الحكم وأمّا من حيث القراءة بهما فيتخير أيضا بينهما فإن قلت إنّ المقام من قبيل الشكّ في المكلف به إذ القرآن ما يقرأ بأحد وجوه القراءة المعيّن في الواقع المجهول عندنا فلا يحصل اليقين بالخروج من عهدة التّكليف المتعلّق بما اشترطت فيه قراءة القرآن بقراءة إحدى القراءتين فصاعدا فلا بد من الإتيان بالجميع لتحصيل اليقين بالبراءة قلت نعم هذا متجه لو لا قيام إجماع الإماميّة على خلافه