ووجدان مخصصات ومقيّدات عديدة لا يجدي في ارتفاع العلم الإجمالي المذكور كما أنّه لو تردّد لفظ بين معينين أو علم إجمالا بمخالفة أحد ظاهرين للظّاهر الآخر كالعالمين من وجه فمجرّد الفحص من دون وجدان قرينة معينة لأحد المعنيين أو لاندراج مادة الاجتماع تحت أحد العامين بالخصوص لا يجدي في جواز العمل بالدّليل وحاصل الجواب منع أوسعية دائرة العلم الإجمالي من الأخبار الموجودة في أيدينا اليوم لاحتمال كون المندرسة منها واردة في المواعظ والقصص والأمثال أو نحو ذلك ممّا لا دخل له في الأحكام ولكنّك خبير بأنّ هذا الجواب ربّما ينافي ما ذكره في شرائط العمل بأصالة البراءة الّتي منها وجوب الفحص لأنّه بعد أن ادعى ثمة انحصار أطراف العلم الإجمالي بوجود التّكاليف الواقعيّة في الأخبار الّتي يمكننا الوصول إليها قال ولكن هذا لا يخلو عن نظر لأنّ العلم الإجمالي أنّما هو بين جميع الوقائع من غير مدخليّة لتمكّن المكلّف من الوصول إلى مدارك التّكليف وعجزه عن ذلك ودعوى اختصاص أطراف العلم الإجمالي بالوقائع المتمكن من الوصول إلى مداركها مجازفة انتهى والفرق بين هذا العلم الإجمالي والعلم الإجمالي المذكور في المقام غير ظاهر كيف ومن الآيات عمومات البراءة كما لا يخفى (قوله) فإنّ العلم الإجمالي إلخ تقرير للشّبهة(قوله) إمّا أن يبقى أثره إلخ لأجل بقاء العلم الإجمالي (قوله) فلا مقتضى للفحص إلخ بعد العلم التّفصيلي بعدة مخصّصات (قوله) حيث قال بعد إثبات إلخ كلامه هذا صريح في التفصيل بين محكمات الكتاب وظواهره بل قد ادعى الإجماع في بعض كلماته الآتية على جواز العمل بالمحكمات وسيظهر ضعفه ممّا أورده المصنف رحمهالله عليه وهنا تفصيل آخر للمحدّث البحراني بتجويز العمل بالآيات الواردة في غير الأحكام والشّرائع ومنعه فيما ورد فيها حيث ذكر ما ملخّصه أنّه لا خلاف بين أصحابنا الأصوليين في العمل بالكتاب في الأحكام الشّرعيّة والاعتماد عليه حتّى إنّه صنف جملة منهم كتبا في الآيات المتعلّقة بالأحكام الفقهيّة وهي خمسمائة آية وأمّا الأخباريون فالّذي وقفنا عليه من كلام متأخّريهم ما بين إفراط وتفريط فمنهم من منع فهم شيء منه مطلقا حتّى قوله تعالى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) إلا بتفسير من أهل العصمة عليهمالسلام ومنهم من جوز ذلك حتّى كاد يدعي المشاركة لأهل العصمة في تأويل مشكلاته وحلّ مبهماته والتّحقيق في المقام أنّ الأخبار متعارضة من الجانبين متصادقة من الطّرفين إلا أن أخبار المنع أكثر عددا وأصرح دلالة وساق الكلام في ذكر شطر من أدلّة الطّرفين من الآيات والأخبار قال في أثناء الاحتجاج لا يخفى على الفطن المنصف صراحة هذه الأدلّة يعني أخبار المنع في المدعى وظنّي أن ما يقابلها مع تسليم التكافؤ لا صراحة له في المعارضة فمن ذلك الأخبار الواردة بعرض الحكم المختلف فيه الأخبار على القرآن والأخذ بما يوافقه وطرح ما يخالفه ووجه الاستدلال أنّه لو لم يفهم منه شيء إلا بتفسيرهم عليهمالسلام انتفت فائدة العرض والجواب أنّه لا منافاة فإن تفسيرهم أنّما هو حكاية لمراد الله تعالى فالأخذ بتفسيرهم أخذ بالكتاب وأمّا ما لم يرد فيه تفسير عنهم عليهمالسلام فيجب التّوقف فيه وقوفا على تلك الأخبار وتقييدا لهذه الأخبار بها إلى أن قال والقول الفصل والمذهب الجزل في ذلك ما أفاده شيخ الطّائفة رضوان الله عليه في كتاب التّبيان وتلقاه بالقبول جملة من الأعيان حيث قال بعد نقل جملة من أخبار الطّرفين ما ملخّصه والّذي نقول إنّ معاني القرآن على أربعة أقسام أحدها ما اختصّ الله تعالى بالعلم به ولا يجوز لأحد تكلف القول فيه وثانيها ما يكون ظاهره مطابقا لمعناه فكل من عرف اللّغة الّتي خوطب بها عرف معناه مثل قوله (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) وثالثها ما هو مجمل لا ينبئ ظاهره عن المراد به مفصّلا مثل قوله (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ثمّ ذكر جملة من الآيات التي بهذا المساق قال إنه لا يمكن استخراجها إلاّ ببيان من النّبي صلىاللهعليهوآله ورابعها ما كان اللفظ مشتركا بين معنيين فما زاد عليها ويمكن أن يكون كلّ واحد مرادا فإنّه لا ينبغي أن يقدم أحد فيقول إن مراد الله تعالى بعض ما يحتمله إلاّ بقول نبيّ صلىاللهعليهوآله أو إمام معصوم إلى آخر كلامه زيد في إكرامه وعليه تجتمع الأخبار على وجه واضح المنار ويؤيّده ما رواه في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث الزّنديق الّذي جاء إليه بآي من القرآن زاعما تناقضها حيث قال في أثناء الحديث إنّ الله جلّ ذكره لسعة رحمته ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدثه المبدّلون من تغيير كتابه قسم كتابه ثلاثة أقسام قسما منه يعرفه العالم والجاهل وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ممّن شرح الله صدره للإسلام وقسما لا يعرفه إلاّ الله وأنبياؤه والرّاسخون في العلم وإنّما فعل الله ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله صلىاللهعليهوآله من علم الكتاب ما لم يجعل الله لهم وليقودهم الاضطرار إلى الائتمار بمن ولي أمرهم إلى أن قال فأمّا ما علمه الجاهل والعالم فمن فضل رسول الله صلىاللهعليهوآله من كتاب الله قول الله عزوجل (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) وقوله (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ولهذه الآية ظاهر وباطن فالظاهر قوله صلّوا عليه والباطن قوله سلّموا تسليما أي سلّموا لمن وصّاه واستخلفه عليكم فضله وما عهد به إليه تسليما وهذا ممّا أخبرتك أنّه لا يعلم تأويله إلاّ من لطف حسّه وصفا ذهنه وصحّ تمييزه الحديث وأقول القسم الثّاني من كلام الشيخ هو الأوّل من كلامه عليهالسلام وهو الّذي يعرفه الجاهل والعالم وهو ما كان محكم الدّلالة وهذا ممّا لا ريب في صحّة الاستدلال به والمانع مكابر والقسم الرّابع من كلامه هو الثّاني من كلامه عليهالسلام وهو الّذي لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسّه والظّاهر أنّه أشار بذلك إلى الأئمّة عليهمالسلام فإنّهم هم المصطفون بتلك الصّفات على الحقيقة وإن ادعى بعض من أشرنا إليه دخوله في ذلك ثمّ قال لا يقال إنّه يلزم اتّحاد القسم الثّاني من كلامه عليهالسلام بما بعده لكون القسم الثّالث أيضا من القسم الثّاني لأنا نقول الظاهر تخصيص القسم الثّالث بعلم الشّرائع الّذي