كون الفحص عن المخصّص والمقيّد والنّاسخ وقرائن المجاز مورثا للظنّ بعدمها عند عدم الوجدان على مذهبهم فيصح لهم العمل بظواهر الآيات بعد الفحص والتّتبع بخلافه على مذهب الخاصّة لكون كثير من الأحكام باقيا عند أهل البيت عليهمالسلام على مذهبهم كما نطقت به أخبارهم وفيه أنّه إن أراد به إبداء الفرق بين المذهبين بالنسبة إلى المشافهين فهو بيّن الفساد وإن أراد ذلك بالنّسبة إلينا فهو قبل الفحص وإن كان مسلما لعلمنا بوجود مخصّصات ومعارضات في جملة أخبارنا إلا أنّه بعد الفحص عنها ترجع حالنا إلى مثل حال المشافهين في العمل بالظّواهر كما ستأتي إليه الإشارة الخامس ما ذكره الأمين الأسترآبادي أيضا من وجوب الفحص عن النّاسخ والمنسوخ والتخصيص والتّأويل عند المحقّقين من الأصوليين وطريق التفحص عندنا منحصر في سؤالهم عليهمالسلام والرّجوع إلى أخبارهم فلا يجوز العمل بالكتاب قبله وفيه أنّه مسلم إذ نحن أيضا لا نعمل بالعمومات إلاّ بعد الفحص عن مخصّصاتها ولا بسائر الأدلة إلا بعد الفحص عن معارضاتها لكنّه لا يمنع من العمل بعد الظن بعدم المخصّص والمعارض لأجل الفحص عن مظانها السّادس الآيات الآمرة بالرّجوع إلى النّبي صلىاللهعليهوآله وخلفائه عليهمالسلام في التمسّك بالكتاب وقد تمسّك بها في مقدّمات الحدائق وهو إمّا من باب إلزام الخصم أو لأجل وصول بيان من الأئمّة عليهمالسلام منها قوله تعالى في سورة النّحل (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) حيث خصّ بيان ما أنزل إليهم ببيانه صلىاللهعليهوآله ومنها قوله سبحانه في سورة النّساء وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه حيث علق علم ما جاء في الكتاب على الردّ إلى الرّسول وأولي الأمر منهم وهم الأئمّة عليهمالسلام على ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام ومنها قوله عزوجل في سورة آل عمران (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) دلّ بالمفهوم على أن من لم يتبع الرّسول صلىاللهعليهوآله ليس ممّن يحبّ الله ولا ريب أنّ اتباع الرّسول أنّما هو باتباع أوامره ونواهيه والوقوف عن تفسير الآيات إلاّ ببيانه صلىاللهعليهوآله نوع اتباع له فيجب والأئمّة عليهمالسلام أيضا يقومون مقامه بالإجماع المركّب وفيه منع دلالة هذه الآيات على المدعى أمّا الأولى فلعدم دلالتها على حصر البيان فيه صلىاللهعليهوآله إذ ظاهرها بيان كون المقصود من أنزل القرآن هو بيان النّبي صلىاللهعليهوآله لا أنّه يجوز لغيره استنباط شيء منه إلاّ بعد بيانه مع أنّ من أخذ بظواهر القرآن فقد أخذ ببيانه لصدقه معه فتأمل وأمّا الثّانية فلعدم إشعار فيها بالمدعى لو ردوها في جماعة من المنافقين وضعفاء المسلمين الّذين أفشوا أراجيف أخبار المدينة وأدخلوا الرّعب في قلوب المؤمنين لأنّهم كانوا إذا جاءهم أمر من إقبال عدوّ يقصد المسلمين وهو المراد بالخوف أو من ظهور المؤمنين على عدوّهم وهو المراد بالأمن تحدثوا وأفشوه من غير أن يعلموا بصحّته فأنكر الله تعالى ذلك لأنّ من فعل هذا لا يخلو كلامه عن كذب فأنزل الله تعالى الآية ولا دخل لها فيما نحن فيه أصلا مع أنّ الرّد إلى ظاهر الآية ردّ إلى الرّسول صلىاللهعليهوآله مضافا إلى أنّ الآية السّابقة عليها وهي قوله تعالى (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) صريحة في جواز التدبّر في ظواهر الآيات ومعانيها والتأمّل في نظمها وأسلوبها وهو مناف لما ادعوه من إجمالها وعدم جواز الأخذ بشيء منها وأمّا الثّالثة فلأن غايتها الدّلالة على وجوب التّأسّي بالنّبي صلىاللهعليهوآله في أفعاله كما استدلوا بها على ذلك في محلّه ولا دخل لها فيما نحن فيه مع أنّ الأخذ بظاهر الآيات اتباع له كما أنّ الأخذ بما فسّره من الآيات اتّباع له فتأمل السّابع ما زاده بعض أواخر المتأخرين من الأصوليين من قبلهم من دلالة جملة من الأخبار على وقوع التّحريف في القرآن المسقط له من الاعتبار لا محالة ولم أر من المتقدّمين والمتأخّرين من تمسّك بهذه الأخبار مع كثرتها وكونها بمرأى منهم ومسمع وهذا ربّما يومئ إلى كون نزاعهم في حجيّة الكتاب قبل سنوخ مثل ذلك كما في عصر النّبي صلى الله عليه وآله أو مع قطع النّظر عنه وكيف كان سيأتي الكلام في بيان هذه الأخبار وما يرد عليها فانتظره الثّامن ما تمسّك به السّيّد الصّدر من أنّ مقتضى الأصل حرمة العمل بالظنّ وقد خرجنا من مقتضاه في الأخبار بالدّليل وبقي الكتاب تحته وفيه أنّه قد تقدّم في الحاشية السّابقة الأدلّة على حجّته ظواهر الكتاب من وجوه شتّى فيها يخرج أيضا من مقتضى الأصل (قوله) الأخبار المتواترة المدعى ظهورها إلخ هي على أقسام منها ما ورد في النّهي عن تفسير القرآن حتّى روي عن عائشة كما في شرح الوافية للمحقّق الكاظمي أنّها قالت لم يكن النّبي صلىاللهعليهوآله يفسر القرآن إلا بعد أن يأتي جبرئيل وهي كثيرة قد أشار المصنف رحمهالله إلى جملة منها بل ربّما يدعى تواترها معنا ومنها الأخبار المفسّرة لكثير من الآيات بخلاف ظاهرها مثل تفسير النّجم برسول الله صلىاللهعليهوآله وتفسير اللّيلة المباركة بفاطمة عليهاالسلام وفي رواية عبد الرّحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) قال أمير المؤمنين عليهالسلام والأئمة عليهمالسلام وأخر متشابهات قال فلان وفلان (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) أصحابهم وأهل ولايتهم (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) أمير المؤمنين عليهالسلام والأئمّة عليهمالسلام وهذه الأخبار كثيرة جدّا ومع ملاحظة كثرتها لا يبقى ظنّ بإرادة الظّاهر من سائر الآيات التي لم يرد فيها تفسير عنهم عليهمالسلام ومنها الأخبار الحاصرة علم القرآن في النّبي صلىاللهعليهوآله وخلفائه عليهمالسلام وأنّهم أهله مثل ما رواه الكليني عن الصّادق عليهالسلام قال إنّما يعلم القرآن من خوطب به وما رواه في الرّوضة عنه عليهالسلام أنّه ليس من علم القرآن ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقاييس وقد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كلّ شيء وجعل للقرآن وعلم القرآن أهلا إلى أن قال وهم أهل الذّكر الّذين أمر الله هذه الأمّة