كما سيشير إليه في إثبات الظهور وفي هذا القسم في إثبات كون الظاهر المفروغ من ظهوره مرادا للمتكلم فالقسم الثّاني بمنزلة المقدّمة لإثبات القسم الأوّل فهو أولى بالتّقديم إلا أنّ المصنف رحمهالله قدّمه اهتماما بشأنه لكثرة ما يتعلّق به من الكلام ولكونه من أوضح أفراد الظّنون الخاصّة لعدم مخالفة أحد في اعتبار الظّواهر وعليه إجماع أهل اللّسان في كلّ زمان والخلاف في حجيّة ظواهر الكتاب أو في حجيّة الظّواهر مطلقا بالنّسبة إلى غير من خوطب بها لا ينافي كون كليّة الكبرى مسلّمة كما يظهر من تحرير المصنف رحمهالله للنّزاع في المقامين فلاحظه ثم إنّ حاصل الكلام في القسم الأوّل بيان اعتبار الظنّ الحاصل بمراد المتكلّم من حقائق الألفاظ أو مجازاتها المحفوفة بالقرائن المقالية أو الحالية وأمّا الظن الحاصل بالمراد من المجملات بسبب القرائن الخارجة أو الظن بالمراد من الخبر بسبب شهرة الفتوى بمضمونه أو بفهم الأصحاب فلا اعتداد به وإن كشفت الشّهرة ظنّا عن احتفافه بقرينة ظنّية حين صدوره إذ القدر المتيقن من الإجماع وبناء العرف على اعتبار الظّواهر هو الظنّ الحاصل من ظواهر الألفاظ سواء كان الظّهور ناشئا من أصالة الحقيقة أو قرينة المجاز وأمّا الظنون الخارجة التي لا تعطي اللفظ ظهورا فلا يعتد بها عندهم وكذلك المعتبر من القرائن عندهم هي القرينة المقطوع بوجودها وإن كانت ظنّية الدّلالة لا القرينة الظنيّة الوجود ثمّ إنّ المراد بالظنّ بالمراد هو الظنّ الحاصل بالإرادة بعد العلم بالأوضاع لأنّ هذا هو المتيقّن من إجماع العلماء وبناء العرف فما حكي عن بعض الأفاضل سماعا منه من الاكتفاء بالظنّ بالأوضاع نظرا إلى كون الظن بها مستلزما للظنّ بالمراد وإن الظنّ به معتبر إجماعا فيكون الظنّ بالوضع معتبرا حينئذ لا محالة خال من التّحقيق لما عرفت من أنّ المعتبر من الظّواهر هو الظّنّ الحاصل بالمراد بعد العلم بالوضع لا مطلقا(قوله) كأصالة الحقيقة إلخ لاختصاص موردها بما تميزت المعاني الحقيقيّة عن المجازية ووقعت الشّبهة في إرادة المعنى الحقيقي الذي فرض ظهور اللفظ فيه أو المعنى المجازي فتعمل أصالة الحقيقة حينئذ لتعيين إرادة المعنى الأوّل ومثله الكلام في أصالة العموم والإطلاق بل هما من جزئيات ذاك الأصل والوجه في أفرادهما بالذّكر هو الاهتمام بشأنهما لكثرة موردهما كأنّهما صارا أصلين مستقلّين في قبال أصالة الحقيقة (قوله) المتكلم الحكيم إلخ القاصد للإفهام وستأتي الإشارة إلى وجه التّقليد(قوله) وكغلبة استعمال إلخ عطف على قوله كأصالة الحقيقة وهذه الغلبة من القرائن المفهمة لأنّ القرائن على ما تقرّر في محلّه إمّا صارفة وهي إحدى قرينتي المجاز إذ المعتبر فيه نصب قرينتين صارفة ومعيّنة أو قرينة ذات جنبتين وإمّا معينة وهي قرينة المشترك والقرينة الأخرى للمجاز على ما عرفت وإمّا مفهمة وهي قرينة المشترك المعنوي ووجه التّسمية في الكلّ واضح ثمّ إنّ الظاهر عدم الفرق في تسمية قرينة المشترك المعنوي بما ذكر بين القول بكون تقييد المطلقات موجبا للتجوّز فيها كما عزي إلى المشهور وعدمه كما هو المختار وإن كانت هي على الأوّل من القرائن الصّارفة كما لا يخفى ثم إنّ إفراد الغلبة بالذّكر مع شمول قرائن المقام لها أنّما هو لكون المراد بقرائن المقام هي قرائن المجاز فلا تشمل الغلبة التي هي من القرائن المفهمة وتخصيص القرائن المقاميّة بالذّكر أنّما هو لعدم وجود قرينة عامّة في القرائن المقاليّة بحيث ترجع إلى قاعدة ومقصود المصنف رحمهالله هي الإشارة إلى القرائن الكليّة نعم ما ذكره من الكليّة يشمل جميع القرائن وهو واضح (قوله) بناء على عدم وصوله إلخ اعلم أنّ في دلالة المطلقات التي لها أفراد شائعة على تلك الأفراد وجوها أو أقوالا أحدها كونها لأجل النّقل بأن كانت المطلقات لأجل كثرة استعمالها في تلك الأفراد منقولة عرفا عن الطبيعة إلى تلك الأفراد وثانيها كونها لأجل الاشتراك بأن بلغت لكثرة استعمالها في تلك الأفراد إلى مرتبة الاشتراك بينها وبين الطبيعة لكن الشّهرة قرينة معينة لإرادة خصوص تلك الأفراد وثالثها كونها لأجل صيرورة المطلقات مجازات مشهورة في تلك الأفراد ورابعها كون العمل بالأفراد الشّائعة من باب القدر المتيقّن وقاعدة الاشتغال لأنّها متيقّنة الإرادة من بين أفراد الطّبيعة كما يظهر من المحقق القمي ره وخامسها كونها من باب تعدّد الدّال والمدلول بأن كان المطلق دالاّ على الطّبيعة وشيوع تلك الأفراد على إرادتها في ضمنها وسادسها التّفضل بين أقسام التشكيك بأنّه إن كان من قبيل البدوي فهو في حكم المتواطي في الحكم بالإطلاق وإن كان من قبيل المضر الإجمالي فهو محكوم بالإجمال بالنّسبة إلى الأفراد النّادرة وإن كان من قبيل مبيّن العدم فهو منصرف إلى الأفراد الشّائعة من قبيل تعدّد الدّالّ والمدلول وهذا هو أقرب الوجوه المذكورة كما قرّرناه في مبحث المطلق والمقيّد مع سائر ما يتعلّق بالمقام في كتابنا المسمّى بغاية المأمول والوجه فيما قيّد به المصنف رحمهالله هو إلغاء الغلبة بناء على وصول الاستعمال إلى حدّ الوضع لأنّ المدار في الحمل على الحقيقة في متحد المعنى هي أصالة الحقيقة لا وجود القرينة وإن كانت فهي مؤكّدة لمقتضى هذا الأصل لا مؤسّسة في الحمل نعم تخرج على ما ذكره الغلبة على القول بكون المطلقات التي لها أفراد شائعة مشتركة بينها وبين الطبيعة ولا وجه له لأن الغلبة على هذا تكون قرينة معنية لإرادة أحد معنى المشترك والظهور النّاشئ من هذه القرينة أيضا داخل في القسم الأوّل اللهمّ إلاّ أن يمنع كون الغلبة قرينة معنية لها كما يظهر من بعض كلمات المحقّق القمي رحمهالله حيث منع كون اشتهار استعمال المشترك في أحد معنييه قرينة لإرادته وعليه يحكم بالإجمال فيما نحن فيه فإن قلت إنّ الكلام في المقام كما يشير إليه عند بيان القسم الثّاني أنّما هو في إعمال الأمارات لتشخيص كون الظّاهر المفروغ من ظهوره مرادا للمتكلّم عند احتمال خلافه ولا ريب أن الغلبة ووقوع الأمر عقيب الخطر بل جميع قرائن المجاز أنّما هي من أمارات ظهور اللّفظ بمعنى كونها معطية للظهور له لا مثبتة لاعتبار الظهور وكونه مرادا للمتكلم بعد الفراغ من أصل وجوده إذ لا إشكال في عدم ظهور اللّفظ في المعنى