خبير بأن تخصيص مورد الخلاف بمخالف الأصل أنما يتمّ على أحد تقريري العمل بالظنّ وهو جعل الأفعال والحركات على طبق الظنّ من دون استناد إليه وتعبّد به وإلاّ فقد تقدّمت حرمة استناد الحكم إلى الله تعالى استناد إلى الظنّ سواء طابق الأصل أم خالفه نعم الاستناد إلى الظنّ في مورد المخالفة بكون حراما من جهتين كالإفطار بالمغصوب أو النّجس في شهر رمضان كما أسلفناه سابقا ثمّ إنّ بناء تقرير الاستدلال على القول بالبراءة أو الاحتياط فيما دار الأمر فيه بين التخيير والتّعيين لا يخلو من نظر لأنّ ذلك أنّما يتمّ فيما كان القيد المشكوك فيه قيدا للمأمور به كما لو شكّ في كون المأمور به عتق مطلق الرّقيّة أو خصوص المؤمنة وأمّا لو كان قيدا لامتثال الأمر مثل قصد الوجه في العبادة فهو مورد لقاعدة الاحتياط وإن قلنا بالبراءة فيما دار الأمر فيه بين التّعيين والتخيير كما تقدّم في حجيّة القطع عند بيان ما يتعلق باعتبار العلم الإجمالي وسيأتي في بعض مسائل البراءة ولم يظهر من القائل بالبراءة في تلك المسألة القول بها في مثل المقام أيضا ويرد على الاستدلال مضافا إلى ما عرفت ما أشار إليه في الجواب عن بعض وجوه تقرير الأصل من كون الشّكّ في حجيّة الظنّ علة تامّة لحكم العقل بحرمة العمل به فلا يبقى هنا شكّ حتّى يتمسّك بقاعدة الاشتغال مع أنّ الأصل الجاري في خصوص الوقائع التي يتفحّص عن الدّليل لتحصيل الظنّ بأحكامها مغن عن التّمسّك بقاعدة الاشتغال بل مانع منه كما لا يخفى (قوله) فممّا أشير فيه إلى الأولى إلخ وجه الإشارة في الآية أنّه قد تقدّم أنّ المراد بالافتراء فيها نسبة حكم إلى الله من دون إذن فعلي منه تعالى فيه وغير خفي أنّ هذا المعنى لا ينطبق على المعنى الثّاني للعمل بالظنّ أعني مجرّد جعل العمل على طبقه من دون استناد إليه وتعبّد به إذ المقصود بالافتراء في الآية نسبة الحكم إليه تعالى على وجه إبراز الموهوم أو المظنون أو المقطوع بالعدم في صورة المعلوم وهو ليس إلاّ معنى التعبّد بغير العلم ومن هنا يظهر وجه الإشارة في الرّواية أيضا إذ القضاء بالحق بغير علم لا يكون إلاّ بهذا الوجه لأنّ القضاء وإن كان هو قطع الخصومات في الموارد الشّخصيّة إلاّ أنّه يتضمّن نسبة الحكم الكلّي إلى الله تعالى على الوجه المذكور لا محالة(قوله) وممّا أشير فيه إلى الثّانية إلخ وجه الإشارة في الآية كونها واردة في مقام الذّم على العمل بالظنّ من حيث مخالفة عمله للواقع وهو إمّا العلم أو الأمارات والأصول المعتبرة شرعا لكون مؤديات الأصول والأمارات بمنزلة الواقع ما لم ينكشف خلافها فالذّم حينئذ يشمل صورة العمل بالظنّ المخالف لها ومن هنا يظهر وجه الإشارة في الرّواية أيضا لأنّ الإفتاء من غير علم وإن كان ظاهرا في إبراز نسبة حكم غير معلوم إلى الله تعالى في زيّ المعلوم كما عرفته في القضاء بالحق بغير علم في الحاشية السّابقة إلاّ أنّ ظاهر الرّواية كون الذّم على العمل بالظنّ في الإفتاء من حيث غلبة مخالفته للواقع فيستفاد منها كون المناط في الحرمة هي مخالفة الواقع فتشمل ما لو كان العمل بالظنّ على وجه الاستناد أو على وجه العمل على طبق الظنّ وهو لا ينافي حرمة العمل من حيث الاستناد أيضا(قوله) وأمّا إذا قلنا باشتراط إلخ ومثله ما لو قلنا باعتبار الأصول لفظيّة كانت أو عمليّة من باب الظنّ الشّخصيّ كما حكي القول بذلك في الأصول اللّفظيّة عن المحقّق الخونساري بل حكي القول به في مبحث الاستصحاب عن شيخنا البهائي والتّقريب فيه يظهر ممّا ذكره المصنف رحمهالله ولكن في العبارة إشكال من جهة أنّ ظاهرها كون القول باعتبار الأصول ما لم يقم الظنّ على خلافها علة تامّة لعدم حرمة العمل بالظنّ كما هو مقتضى الشّرطيّة وليس كذلك لأنّ العمل بالظنّ في صورة الانسداد لا يتمّ إلاّ بإبطال وجوب الاحتياط وفي صورة الانفتاح إذا قلنا بكفاية الظنّ بالفراغ في الخروج عن عهدة التّكليف الثّابت يقينا كما حكي عن المحقق السّبزواري لا يتوقّف إثبات جواز العمل بالظنّ على اعتبار الأصول ما لم يقم الظنّ على خلافها لكون هذه المقدّمة بنفسها ناهضة لإثباته من دون فرق بين أن نقول باعتبار الأصول مطلقا أو مقيّدا بعدم الظنّ بخلافها لأنّ مرجعها إلى حجيّة الظنّ (قوله) بالآيات النّاهية إلخ منها قوله تعالى (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) ومنها قوله سبحانه (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ومنها قوله عزوجل (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ومنها قوله عزّ وعلا (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) ومنها قوله جلّ وعلا (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) ومنها قوله عزّ من قائل (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) إلى غير ذلك ويتلوها الأخبار المتكاثرة الواردة في المقام منها صحيحة البجلي إيّاك أن تفتي النّاس برأيك وتدين بما لا تعلم وصحيحة الخدّاء من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله تعالى لعنه ملائكة الرّحمة والعذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه ورواية سليم من عمي نسي الذكر واتّبع الظنّ وبارز خالقه وما في مباحات المطيعين من قوله عليهالسلام فإنّ الشكوك والظنّون لواقح الفتن ومكدّرة لصفوة المنائح والمنن وما عن قرب الإسناد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إيّاكم والظنّ فإنّ الظنّ أكذب الكذب إلى غير ذلك من الأخبار وقد أطال الكلام فيها في القوانين وغيره بما هو غير خفي على المتتبع الخبير والنّاقد البصير ولا يهمّنا الكلام فيها نقضا وإبراما كما أشار إليه المصنف قدس سرّه (قوله) بيان ما خرج أو قيل بخروجه إلخ من الأوّل الأمارات المستعملة في مقام تعيين المرادات والظّواهر وخبر الواحد في الجملة ومن الثّاني الشّهرة والإجماع المنقول في الجملة لأنّ خروج الأوّل على ما هو مقتضى التحقيق عنده والثّاني على قول بعضهم كما ستقف عليه في محلّه (قوله) القسم الأوّل ما يعمل تشخيص مراد إلخ يعني لتشخيص مراد المتكلّم بمقتضى ظاهر اللفظ لا مراده الواقعي كما ربّما يوهمه ظاهر العبارة فيئول المعنى حينئذ إلى أنّ القسم الأوّل ما يعمل لتشخيص كون مقتضى ظاهر اللّفظ مرادا للمتكلّم عند احتمال إرادته خلافه ثمّ إنّ مقتضى التّرتيب الطّبعي هو تعاكس القسمين بجعل القسم الثّاني أولا لأنّ الكلام في القسم الثّاني