العوارض تستصحب الحرمة الثّابتة حال الانفتاح فإذا ثبتت الحرمة في هذه الصّورة ثبتت في سابقتها بل في صورة الانفتاح أيضا حتى بالنّسبة إلى الموارد النّادرة الّتي يتعذر فيها تحصيل العلم بعدم القول بالفصل فإن قلت كيف تدعي عدم القول بالفصل والفاصل موجود لأنّك تدعي وجوب الاحتياط في المواضع النّادرة والعبارة المحكيّة عن المرتضى في المعالم صريحة في جواز العمل بأصالة البراءة قلت إنّ العمل بأصالة البراءة في المواضع النّادرة ليس عملا بالظنّ ومقصودنا نفيه فيتحقّق الإجماع المركّب بالنّسبة إلى نفيه وإن كان بعض المجمعين عاملا بالبراءة وبعض آخر بالاحتياط هذا خلاصة الكلام في نفي جواز العمل بالظنّ على طريقة الاحتياط (قوله) وقد يقرّر الأصل هنا بوجوه أخر إلخ قد يقرّر الأصل بوجوه أخر أيضا منها الاستصحاب ويقرّر بوجوه أحدها استصحاب بقاء الأمر في خصوص العبادات المركّبة لأنّه إذا ظنّ عدم جزئيّة شيء من العبادة أو شرطيّته وأتى بها من دون هذا المشكوك فيه فالأصل بقاء الأمر بالكلّ فيثبت وجوب الإتيان بها مشتملة على المظنون عدم جزئيّته أو شرطيّته فإن قلت إنّ المستصحب لا يخلو إمّا أن يكون هو الأمر المتعلّق بما اشتمل على هذا المشكوك فيه أو بما خلي عنه أو الأمر الواقعي المردّد في أنظارنا بين الأمرين والأول غير متحقّق الثّبوت سابقا والثّاني مع اشتراكه مع سابقه في الضّعف أنّه لا معنى له بعد إتيانه بما خلي عن المشكوك فيه والثّالث موقوف على ثبوت التّكليف بالأحكام الواقعيّة على ما هي عليه وليس كذلك لأنا مكلّفون بمؤديات الطّرق دون الواقع من حيث هو قلت نفي التّكليف بالواقع لا وجه له واستصحاب الأمر المردّد مانع منه هذا ويرد عليه أولا منع كون ما نحن فيه من موارد الاستصحاب لأنّ العلم بالتّكليف إجمالا والشّك في الإتيان به على بعض الوجوه الّتي يشكّ معه في الخروج من عهدة التّكليف الواقعي علة تامة في حكم العقل بوجوب الإتيان بما يحصل معه القطع بالخروج من عهدة التكليف فلا يبقى حينئذ شكّ حتّى يستصحب الحكم المشكوك فيه إلى زمان الشّكّ وبالجملة أنّه لا مجال لاستصحاب الاشتغال في مورد قاعدته كما أنّه لا مجرى لاستصحاب البراءة في مورد قاعدتها كما سيأتي في محلّه وثانيا أنّ استصحاب الأمر المردّد فيه لا يثبت كون المأمور به هو المشتمل على المشكوك فيه حتّى يجب الإتيان به إلاّ على القول بالأصول المثبتة وهو ضعيف وثانيها استصحاب بقاء التّكليف بمجموع الأحكام الّتي جاء بها النّبي صلىاللهعليهوآله لأنّا قد علمنا بأنّ الله تعالى قد بعث نبيّنا وأوحى إليه أحكاما وأنّه صلىاللهعليهوآله قد بلّغ هذه الأحكام إلى الحاضرين وأنّا مشاركون لهم فيها فإذا اكتفينا في امتثالها بالظنّ احتملنا عدم خروجنا من عهدة هذه الأحكام فيستصحب بقاؤها إلى أن يحصل اليقين بالفراغ ويرد عليه ما أوردناه أولا على سابقه فالأولى حينئذ هو التمسّك بقاعدة الاشتغال دون استصحابه وثالثها استصحاب الحالة السّابقة في كل قضيّة شخصيّة إذ القضايا الخارجة الّتي هي قابلة لتعلّق التّكليف بها لا تخلو إمّا أن لا يعلم انقلاب العدم الأزلي فيها إلى الوجود أو يعلم انقلابه فيها فكلّ ما كان عن قبيل الأول يستصحب فيه العدم الأزلي وكلّ ما كان من قبيل الثّاني يستصحب فيه بقاء الأمر السّابق فتعين حينئذ إلغاء الظن الحاصل بخلافهما هذا على المشهور من استصحاب البراءة أو الاشتغال في مورد قاعدتهما وأمّا على المختار من عدم جريان الاستصحابين فيتمسّك بنفس القاعدتين وهذا الوجه متّجه ورابعها استصحاب عدم حجيّة الظنّ وستعرف الكلام فيه عند شرح كلام المصنف ومنها قاعدة البراءة بتقريب أنّ المكلّف لا يخلو إمّا أن يعلم أنّه لو تفحّص أوصل إلى دليل علمي وإمّا أن يعلم بعدم وصوله إليه ولو مع الفحص وإمّا أن يشكّ فيه ولا إشكال في وجوب الفحص على الأول والثّالث وأمّا على الثّاني فلا يخلو إمّا أن يعلم أنّه لو تفحّص أوصل إلى دليل ظنّي أو يعلم بعدم تمكّنه منه ولو مع الفحص أو يشكّ فيه وعلى التقادير لا يخلو إمّا أن يقوم دليل علمي على وجوب العمل بالظنّ أو على حرمته أو لا يقوم دليل على شيء منهما ولا إشكال في وجوب الفحص فيما علم بتمكّنه من الوصول إلى دليل ظنّي مع قيام دليل علمي على وجوب العمل به كما لا إشكال في عدم وجوبه فيما لو علم بعدم تمكّنه من الوصول إليه وكذا لو علم بتمكّنه منه أو شكّ فيه لكن قام دليل قاطع بحرمة العمل به وأمّا فيما عدا هذه الصّور فمقتضى أصالة البراءة هو عدم وجوب الفحص وإذا لم يجب الفحص حرم العمل بالظن لأنّ وجوبه من باب المقدّمة ولا يعقل عدم وجوب المقدّمة مع وجوب ذيها ومع عدم وجوب العمل به يحرم العمل به إذ كلّ من قال بعدم وجوبه قال بحرمته كما أن كلّ من قال بجوازه قال بوجوبه وما يتوهّم من عدم جريان البراءة في الواجبات الغيريّة نظرا إلى أن مؤداها دفع العقاب ولا عقاب على الواجبات الغيريّة كما قرر في مبحث المقدّمة مدفوع بمنع انحسار مؤداها فيما يترتّب العقاب على مؤداها بالخصوص بل هي كما تجري فيما يترتّب العقاب على تركه بنفسه كالواجبات النّفسيّة كذلك تجري فيما يكون منشأ للعقاب ولو لأجل كون تركه مؤدّيا إلى ترك ما يترتب العقاب عليه بنفسه كما سيأتي في مبحث البراءة عند بيان حكم الشّكّ في الأجزاء والشّرائط ويرد عليه أنّ المتعيّن في مثل المقام هي ملاحظة الأصل الجاري في خصوص الوقائع التي يراد بالفحص تحصيل العلم أو الظن بأحكامها فما كانت من هذه الوقائع مسبوقة بعدم التّكليف بأن لا يعلم بانقلاب العدم الأزلي السّابق فيها إلى الوجود يتمسّك فيها باستصحاب العدم أو بقاعدة البراءة وما كانت منها مسبوقة بوجود التّكليف وشكّ في ارتفاعه بالعمل بالظنّ يتمسّك فيها باستصحاب الشّغل أو قاعدته أو هذان الأصلان ما كان على أصالة البراءة عن وجوب الفحص ومنها قاعدة الضّرر لأنّ في العمل بالظنّ احتمال الوقوع في الضّرر كما إذا ظنّ بعدم وجوب فعل فتركه أو ظن بعدم حرمته فأتى به مع احتمال وجوبه أو حرمته واقعا ولا ريب أنّ العقل كما يحكم بوجوب التّحرر عن الضّرر المقطوع به والمظنون كذلك يحكم بوجوب التّحرز عن الضّرر المحتمل وناهيك في ذلك من حكمه بوجوب النّظر إلى معجزة مدّعى النّبوة بمجرّد احتمال صدقه المستلزم مخالفته لمؤاخذته