الفرق إلخ بلزوم القبح على الشّارع على الثّاني دون الأوّل وتوضيح الفرق أن تقرير المكلّفين على مقتضى عقولهم من البراءة والتخيير مع ثبوت التكليف في الواقع وكذا إنشاء الحكم عموما أو إطلاقا مع ثبوت التخصيص أو التقييد في الواقع وإن استلزم كلّ منهما تفويت الواقع عليهم إلاّ أنه لا قبح في الأوّل لأن التفويت فيه ليس بمستند إلى الشّارع بل إلى اختيار المكلّف لفرض إمكان الاحتياط واحتمال ثبوت التكليف في الواقع فمجرّد تقرير الشّارع وسكوته عن بيان الواقع لا قبح فيه أصلا بخلاف الثّاني لأنّ إنشاء الحكم عموما أو إطلاقا بيان لنفس الواقع فيزعم منه المكلّف عدم التخصيص والتقييد في الواقع فيقدم على الامتثال زاعما للعموم أو الإطلاق فيكون تفويت الواقع حينئذ مستندا إلى الشّارع لا محالة وأمّا توضيح المنع بعد اشتراك المقيس مع المقيس عليه في إمكان الاحتياط واحتمال ثبوت التكليف في الواقع على خلاف مقتضى البراءة أو العموم والإطلاق واضح ممّا ذكره المصنف ره (قوله) وإخفاء القرينة المتضمنة إلخ فلا يلزم ما تقدّم من الترخيص في فعل الحرام أو ترك الواجب (قوله) فإن قلت اللاّزم من ذلك إلخ توضيح السّؤال أن إثبات تكليفنا بالعموم بواسطة أصالة عدم المخصص إنما يتم على وجهين أحدهما أن يكون الخطاب عاما للمعدومين أيضا إذ بعد إثبات عدم ورود المخصّص من الشّارع يثبت تكليفنا بالعموم لا محالة لقبح الخطاب بما له ظاهر مع إرادة خلافه وثانيهما بعد تسليم اختصاص الخطاب بالمشافهين أن تقول بالملازمة بين عدم ورود التخصيص من الشّارع وإرادة العموم في الواقع لأنّه بعد إثبات عدم المخصّص بأصالة عدمه يثبت تكليف المشافهين بالعموم في الواقع ويثبت في حقنا أيضا بدليل الاشتراك في التكليف وأمّا إذا قلنا باختصاص الخطاب وكذا بعدم الملازمة المذكورة كما هو الفرض في المقام فغاية ما يثبت بأصالة عدم المخصّص هو تكليف المشافهين بالعموم في الظّاهر وإن كان المراد به الخصوص في الواقع ولا دليل على الاشتراك في التكليف في الأحكام الظّاهرية لعدم الإجماع عليه كما قرّر في محلّه وحاصل الجواب أن مبنى أصالة الحقيقة في الظواهر هو قبح الخطاب بما له ظاهر وإرادة خلافه مع فرض كون إلقاء الكلام للإفهام وحينئذ نقول إن مقتضى أصالة الحقيقة كون تكليف المشافهين في الواقع بالعموم غاية الأمر أنه إذا ورد مخصّص للعام بعد حضور وقت العمل به كشف ذلك عن مخالفة المتكلّم لهذه القاعدة لمصلحة راعاها وأن تكليف المشافهين إنّما كان بالعموم ظاهرا دون الواقع وأمّا إذا لم يظهر المخصّص كما هو الفرض في موارد التمسّك بأصالة عدمه فمقتضى أصالة الحقيقة هو تعلق تكليف المشافهين في الواقع بالعموم فيثبت ذلك في حقنا أيضا بدليل الاشتراك في التكليف (قوله) لا إشكال في ترجيح التقييد على ما حقّقه سلطان العلماء إلخ توضيح المقام يتوقف على بيان أقسام المطلقات فنقول إنها على ثلاثة أقسام أحدها الإطلاق بحسب الأحوال أعني الإطلاق الحاصل بحسب أحوال التكليف الناشئ من عدم البيان لأنّ عدم تقييد الأمر بالعتق في قولنا أعتق رقبة بزمان أو مكان أو حالة يورث له الإطلاق بحسب هذه الأحوال لأجل عدم بيان القيد وهذا الإطلاق خارج من مدلول اللفظ وإنما هو ناش من عدم بيان القيد ولا شكّ أنّ التقييد في مثل هذا الإطلاق لا يوجب تجوزا في اللفظ لفرض خروجه من مدلوله كما عرفت ولذا لا ترى المنافرة والتمانع بينهما أصلا عرفا ولو في بادي النّظر بخلاف قرائن المجاز لأنّ التمانع بينهما حاصل إلاّ أنّ تقديم ظهور القرينة على ظهور الحقيقة لأجل قوته ورجحانه بالنسبة إليه ولذا سميت قرائن صارفة لا من باب البيان كما فيما نحن فيه ولعلّ المشهور أيضا لا يقولون بالمجازية هنا وإن نسب القول بالتجوز على وجه الإطلاق إليهم بحيث يشمل المقام أيضا ومن هنا يظهر أنّه إذا دار الأمر بين التخصيص وتقييد مثل هذا الإطلاق فهو من قبيل دوران الأمر بين الأصل والدّليل لأنّ العمل بالثاني من باب عدم البيان وعموم العام بيان له بلا إشكال كما أوضحه المصنف رحمهالله والثّاني الإطلاق بحسب الفرد المنتشر المعبر عنه بالحصّة الشائعة كما عرفه بها جماعة مثل أعتق رقبة بناء على كون التنوين للتنكير ومحصّل نزاعهم واحتجاجاتهم في حصول التجوز بالتقييد في هذا القسم هو أن من يقول بالتجوّز يدعي أنّ مدلول رقبة في المثال بحسب الوضع هو الفرد المنتشر بوصف التعرية عن جميع القيود حتى القيود الثابتة من الخارج كما إذا ثبت بالإجماع كون المكلّف به في المثال هو المؤمنة وهذا لازم ما ذكره المحقق القمي قدسسره فإنه وإن لم يصرّح بوصف التعرية على نحو ما ذكرناه بل ادعى كون وضعه للفرد المنتشر لا بوصف التعرية ولا بوصف عدمها بل له في حال التعرية نظر إلى كون الوضع وحدانيا إلاّ أنّ ما ذكرناه لازم ما ادعاه من كون تقييد المطلقات مورثا للتجوز مطلقا حتّى بالقيود الثابتة من الخارج إذ لا وجه له سوى أخذ وصف التعرية في الموضوع له فيكون استعماله في غير حال التعرية مجازا لا محالة لانتفاء جزء الموضوع له حينئذ وأمّا من يقول بالحقيقة فيدعي كون مدلول رقبة هو الفرد المنتشر مطلقا بمعنى عدم تقيّده بوصف التعرية لا بمعنى تقيده بوصف عدم التعرية حتّى يلزم التجوز عند استعماله في نفس الفرد المنتشر من دون قيد بل بمعنى وضعه لمعنى يجتمع مع الإطلاق والتقييد من دون أن يكون شيء منهما مأخوذا في الموضوع له وهي الطبيعة المهملة كما يراه سلطان العلماء رحمهالله وحيثما تطلق المطلقات مطلقة أو مقيّدة بشيء فالمراد بها هذه الطّبيعة المهملة الّتي وضعت لها والقيد حيثما ثبت إنّما يراد من الخارج لا بنفسها وهذا هو المختار للتبادر لأنا لا نفهم من المطلقات إلا هذا المعنى نعم إن أريد القيد من لفظ المطلق كان مجازا والظاهر أنّ سلطان العلماء أيضا لا ينكر ذلك والإطلاقات العرفية منزلة على غير هذه الصّورة وهي صورة إرادة المطلق في ضمن المقيّد بالحمل المتعارف بأن ثبت القيد من الخارج لا أن يكون مرادا من لفظ المطلق مع الطّبيعة وعلى هذا القول يكون الحكم بالإطلاق لأجل عدم البيان لا لأجل ظهوره في الإطلاق وحيث كان ظهور العام في العموم صالحا للبيانيّة يقدم التقييد على التخصيص عند دوران الأمر بينهما الثالث الإطلاق بحسب الطبيعة المعراة مطلقا حتّى عن قيد الفرد المنتشر أعني الطبيعة المطلقة والكلام فيه من حيث كون التقييد مورثا للتجوّز وعدمه