العلم بها بشرط تأدية طرق مخصوصة وهي مجهولة عندنا يدل على اعتبار الظنّ بالحكم الواقعي الحاصل من الطريق التي حصل الظنّ باعتبارها عند الشّارع وأنها هي الطّريق المجعولة في الواقع كخبر الواحد فإذا انحصرت أطراف العلم الإجمالي في الأخبار المتعارضة لا يتعدى في إعمال الظنّ منها إلى غيرها هذا ويشكل الدّليل المذكور بمنع العلم الإجمالي هنا لانحلاله في المقام إلى علم تفصيلي وجهل بسيط لأنّ أغلب الأخبار المتعارضة يعالج تعارضها بحسب الدّلالة بحمل أحدهما على الآخر بالتقييد أو التخصيص أو نحوهما وقد تقدّم كون الجمع بحسب الدّلالة إجماعيّا وجملة منها يندفع تعارضها بشاهد خارجي من الأخبار يشهد بالجمع بين المتعارضين منها وطائفة أخرى يرجح الرّاجح منها بالمرجحات المنصوصة الّتي اتّفقت كلمة الأصحاب على اعتبارها مع فرض حصول الظنّ منها وما خرج من تحت الوجوه المذكورة من المتعارضات ليس إلاّ أقل قليل منها ولا ريب في عدم حصول العلم الإجمالي بصدور مثل ذلك عن أهل العصمة عليهمالسلام فلا يجري دليل الانسداد فيها لأن من جملة مقدّماته تحقّق العلم الإجمالي المنتفي في المقام الثالث أن اعتبار الأخبار إنما هو من باب الكشف والطريقية دون السّببيّة والموضوعيّة كما يشهد به التّعليل في آية النبإ واعتبار المرجحات المنصوصة وغيرهما من القرائن فمع تعارض الخبرين ورجحان أحدهما يستقلّ العقل بتقديم الرّاجح وما هو الأقرب منهما أو الواقع وبعبارة أخرى أنّ الحكمة في اعتبار الأخبار هي كشفها عن الواقع ولو نوعا والعقل يحكم بتقديم ما تكون حكمة الجعل والاعتبار فيه أقوى عند التّعارض وعدم إمكان العمل بهما الرّابع أصالة الاشتغال لأنّه مع رجحان أحد المتعارضين يدور الأمر بين التعيين والتخيير والمتعيّن في مثله هو وجوب الأخذ بمحتمل التعيين إذا كان الشكّ في الطّريق كما تقدّم في كلام المصنف رحمهالله الخامس استقرار طريقة العقلاء بالأخذ بما هو أقلّ خطرا من الطّريقين إذا دار الأمر بينهما وكذا في المقام لكون الأخبار طريقا إلى الواقع فيتعيّن الأخذ بما هو الرّاجح من المتعارضين منها السّادس ما استظهره المصنف قدسسره من الأخبار ثمّ إنّه بعد ثبوت اعتبار مطلق المرجحات بالأدلّة المذكورة ليس في مقابلها الأمران أحدهما الأدلّة الدّالة على اعتبار الأخبار لأنّ مقتضى شمولها لكلا المتعارضين هو التخيير عند عدم إمكان العمل بهما معا بمقتضى حكم العقل وثانيهما إطلاق أخبار التخيير في متعارضات الأخبار لأنّ المرجحات الّتي لم يثبت اعتبارها بالخصوص لا تصلح لتقييدها أمّا الأوّل فيرد عليه أنّ العقل إنّما يحكم بالتخيير مع عدم رجحان أحدهما وقد عرفت حكم العقل بتقديم الرّاجح منهما وأمّا الثّاني فيرد عليه أوّلا أنّ أخبار التخيير غير شاملة لصورة رجحان أحد الخبرين المتعارضين لانصرافها إلى صورة تحيّر المكلّف في مقام العمل وعدم رجحان أحدهما على الآخر أصلا كما استظهره المصنف رحمهالله لكن قد تقدّم في الحاشية السّابقة ما يدفعه وثانيا أن فيما اخترناه جمعا بين الأخبار ولو اقتصرنا على المرجحات المنصوصة لا تجتمع الأخبار بعضها مع بعض وذلك لأنّه على ما اخترناه من اعتبار مطلق المرجحات وتقديم ذي المزية مطلقا يمكن حمل أخبار الترجيح على بيان إمضاء ما استقرّ عليه بناء العقلاء من تقديم ذي المزية من الخبرين المتعارضين في أمور معاشهم وحمل أخبار التخيير على صورة التحير المحض هذا بخلاف ما لو اقتصرنا على المرجحات المنصوصة وحملنا أخبارها على بيان الجعل والإنشاء من الشّارع وذلك لأن أخبار الترجيح كلّها صدرت عن الباقر ومن بعده من الأئمّة عليهمالسلام دون من قبلهم فحينئذ لا يخلو إمّا أن يقال إن المكلّفين الّذين كانوا قبل الباقر عليهالسلام كانوا مكلفين بالتخيير في متعارضات الأخبار وإلغاء الترجيح بالكليّة أو كانوا غير محتاجين إلى إعمال المرجّحات لعدم تعارض الأخبار إلى زمان صدور هذه الأخبار أو يقال بجواز تأخير البيان عن وقت الحاجة والأوّل يستلزم تغير أحكام الله تعالى باختلاف الأشخاص والأزمان والثّاني بعيد جدّا بل معلوم الفساد يقينا والثّالث بديهيّ البطلان عند ذوي العقول وأمّا لو حملنا أخبار الترجيح على إمضاء طريقة العقلاء فيمكن أن يقال إنّهم كانوا عاملين بذي المزية مطلقا ومقدّمين له على صاحبه لكونهم من جملة العقلاء وثالثا أن إجماع الفقهاء المعتنين بالفقه منعقد على تقديم التّرجيح بكلّ ذي مزية على التخيير ابتداء كما هو واضح لمن تتبع كلماتهم فلا يعبأ بخلاف الأخباريين ومن يحذو حذوهم ولا أقلّ من تحقق الشّهرة في ذلك وأخبار التخيير كلّها كما قيل ضعيفة فلا جابر لها سيّما مع تحقق الشّهرة على خلافها(قوله) منها التّرجيح بالأصدقية إلخ هذا بناء على كون الصّفات في المقبولة من مرجحات الرّواية دون الحكمين وإلاّ خرج الترجيح بمثل الأصدقية من محلّ الكلام ودعوى أنّ الاستدلال بالأصدقية والأوثقيّة على جواز الترجيح بكلّ مزية توجب قوة الظنّ بصدور ذي المزية إنّما يتم لو كانت هاتان الصّفتان ملازمتين لأقربية الخبر إلى الصّدور وليس كذلك لأنّ غايتهما أكثريّة تحرز صاحبهما عن تعمد الكذب بالنسبة إلى الفاقد لهما لا أقربية خبره إلى الصّدور مطلقا لاحتمال الخطإ والنسيان بل كثرتهما مدفوعة بأنّ احتمال الخطإ والنسيان مندفع بالأصل المجمع عليه منع اشتراكه بين الخبرين وكثرتهما مفروضة العدم وإلاّ سقط الخبر عن درجة الاعتبار(قوله) لم يسأل عن صورة وجود بعضها إلخ هذا دليل على فهم السّائل لعدم اعتبار اجتماع الصّفات وقوله وتخالفها دليل على فهمه لجواز التّرجيح بكل مزية أمّا الأوّل فواضح إذ لو لم يفهم ما ذكرناه احتيج إلى السّؤال عن صورة وجود بعضها إذ بيان حكم صورة الاجتماع لا يغني عن بيان حكم وجود البعض نعم عدم السّؤال عنه لا يدلّ على جواز التّرجيح بكل مزية لاحتمال كون عدم السّؤال عنه لفهمه لجواز الترجيح بكلّ واحدة من الصّفات تعبّدا وأمّا الثاني فإنّ فهمه لجواز التّرجيح بكلّ واحدة منها لا يغني عن بيان حكم تخالفها فإن قلت إن حكم صورة التخالف غير محتاج إلى البيان لأنّ الخبرين إن وجدت في أحدهما إحدى الصّفات دون الأخرى فقد فرضنا فهم السّائل لحكمه بترك السّؤال عن صورة وجود بعضها وإن وجدت في كلّ واحد منهما ما وجدت في الأخر بأن كان راوي كل من الخبرين أصدق وأوثق فهو داخل في صورة التّساوي الّتي وقع السّؤال عنها وإن وجدت في كلّ واحد منهما صفة مغايرة للصفة الموجودة في الآخر بأن كان راوي أحدهما أوثق والآخر أعدل فقد ظهر حكمه من الترتيب المذكور في الرّواية فيقدم ما هو المتقدّم ذكرا فيها قلت إنّ