إلى إعراض الإمام عليهالسلام عن الجواب عن حيثيّة اختلافهما في مستند حكمهما نعم لما فرض الرّاوي تساويهما فيها أرجعه الإمام عليهالسلام إلى ملاحظة مرجحات مستندهما فأوّل مرجّحات الرّواية في المقبولة هي الشّهرة فتوافق المقبولة حينئذ(قوله) وأخبار التوقّف إلخ الواردة في الشبهات الحكميّة فتحمل رواية الإحتجاج أيضا على صورة التمكّن من العلم بل هي صريحة فيها (قوله) اعلم أنّ حاصل ما يستفاد إلخ لم يذكر التّرجيح بالأحدثية مع كونها من المرجحات المنصوصة لإعراض الأصحاب عن الترجيح بها(قوله) ولأجل ما ذكر لم يذكر إلخ أي لأجل ما ذكرنا من أنّ المستفاد من مجموع الأخبار هو الترجيح بالمرجحات المنصوصة من الشّهرة وما بعدها(قوله) كون أخبار كتابه صحيحة إلخ إن أراد بالصّحة الصّحة بالمعنى المصطلح عند القدماء فلا وجه لإهمال المرجّح المذكور وإن أراد بها كون أخبار الكافي قطعية الصّدور كما هو المناسب لطريقة الأخباري فلا وجه حينئذ للترجيح بالشّهرة اللهمّ إلاّ أن يريد الأوّل وادعى تساوي رواة أخبار الكافي في العدالة وفيه ما لا يخفى (قوله) لكن عرفت أنّ المختار إلخ حاصله أنّك قد عرفت في المقام الأوّل أنّ المختار في المتكافئين هو التخيير الثّابت بالأخبار وقد تقدم أيضا في المقام الثّاني أن القدر المتيقّن من التخيير هو صورة تكافؤ الخبرين وعدم اشتمال أحدهما على مزيّة أصلا فيكون الأصل في صورة اشتمال أحدهما على مزيّة غير منصوصة هو الترجيح بها نظرا إلى الدّليل الّذي ذكره في المقام الثّاني وهنا أيضا بقوله لأنّ وجوب العمل بالمرجوح إلى آخره وأمّا على القول في المتكافئين بالتوقف والرّجوع إلى الاحتياط إما مطلقا أو الاحتياط المطابق لأحدهما فقد تقدّم في المقام الأوّل أيضا أنّه للأخبار الدالّة عليه ولا شكّ أنّ المتيقّن من تلك الأخبار هو التوقّف والاحتياط وعدم التّرجيح بغير المرجّحات المنصوصة ومن هنا يظهر وجه جعل أصالة عدم التّرجيح بالمزايا من لوازم القول بالاحتياط في المتكافئين وأصالة التّرجيح بها من لوازم القول بالتخيير فيهما(قوله) وأمّا أن يستظهر من إطلاقات التخيير إلخ لا أرى وجها لهذا الاستظهار لأنّ الوجه فيه إن كان ظهور الأسئلة نظرا إلى أن قول السّائل يأتي عنكم خبران أحدهما يأمرنا والآخر ينهانا كيف نصنع في اختصاص مورد السّؤال بصورة التحيّر ولا تحير مع وجود المزايا يرد عليه أن مجرد وجود المزية في أحد الخبرين لا يرفع التحير لأنّ الرّافع له هو العلم باعتبار الشّارع لها لا مجرّد وجودها ولذا وقع السّؤال عن المتعارضين في مورد أخبار التّرجيح مع ظهوره في صورة التحيّر وأرجعه الإمام عليهالسلام إلى ملاحظة المرجحات مع أنّ اختصاص مورد أخبار التخيير بصورة عدم المزية أصلا لا يجدي في إثبات اعتبار المزية مطلقا لأنّ ثبوت التخيير حينئذ أعمّ من المدعى وإن كان قرينة أخرى مستفادة من الأخبار فهي مفقودة كما لا يخفى (قوله) ولذا ذهب جمهور المجتهدين إلخ وهو المختار ويمكن أن يستدلّ عليه بوجوه أحدها أنّ ظاهر من اقتصر على المرجّحات المنصوصة كالأخباريّين هو اعتبارها من باب التعبّد المحض لا من باب إفادتها لأقربية ذيها إلى الواقع من الآخر كما ستعرفه وهو خلاف ظاهر أخبار التّرجيح كما أوضحه المصنف رحمهالله فالاقتصار على المرجحات المنصوصة لأخبار الترجيح مخالف لظاهرها فالقول به مستلزم لعدمه وما يستلزم وجوده عدمه فهو محال الثّاني دليل الانسداد وهو يقرر بوجهين أحدهما أنّ أخبار التّرجيح قد اشتملت على الترجيح بأعدلية راوي أحد الخبرين بعد اشتراك راويهما في صفة العدالة ولا شكّ أنّ المراد بالعدالة هي العدالة الواقعيّة الثّابتة بالعلم الوجداني أو الشّرعي كالبينة وإثباتها في أمثال زماننا غير ممكن لانحصار طريق إثباتها في أمثال زماننا في الرّجوع إلى كتب الرّجال كالنجاشي والكشي وأمثالهما والظاهر أن تعديلهم للرّواة إنّما هو بالظّنون والاجتهاد لا بالعلم الوجداني لعدم إدراكهم لأغلبهم يقينا وفقدان الأمارات المفيدة لذلك ولا بالعلم الشّرعي كالحاصل بالبينة لكون تعديل من سبقهم أيضا مستندا إلى الظّنون والاجتهاد وهذا أمر لا خفاء فيه مع أنّ شهادة مثل الشّيخ تصير شهادة فرع بالنسبة إلينا ولا اعتبار بها شرعا سلمنا ولكن تعديلهم إنّما هو بلفظ التوثيق وهو غير مفيد للتعديل اللهمّ إلاّ أن يدعى كون ذلك تعديلا في اصطلاحهم كما ادعاه المحقّق الشّيخ محمّد في كلام النجاشي وهو أيضا لا يخلو من تأمّل وإشكال مع أنّه لا يثبت الكليّة المدعاة مضافا إلى أنّ التّرجيح إنّما هو بالأعدليّة لا بمجرّد العدالة وطريق معرفة أعدليّة أحد الرّاويين إنّما هو بذكر فضائل في حقّه دون آخر وأنت خبير بأن ذكر فضيلة في رجل دون آخر لا يدل على انتفائها في الآخر ولعلّها لم تصل إليهم وعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود وغايته حصول الظنّ بذلك ولا دليل على اعتباره بالخصوص في المقام ومن هنا يظهر الكلام في الأصدقيّة والأورعيّة فإن قلت إن غاية ما ذكرت هو جواز إعمال الظنّ في تشخيص ما جعله الشّارع مرجحا لأنّه بعد انسداد باب العلم بموارد تحقّق المرجحات يقوم الظنّ مقامه لكن ذلك لا يوجب جواز الترجيح بكل مزيّة موجودة في أحدهما مفقودة في الآخر قلت هذا بعينه دليل من قال بالظنّ الطّريقي بعد انسداد باب العلم بالأحكام وما هو الجواب هناك هو الجواب هنا حذوا بحذو فلا حاجة إلى عادة الكلام هنا وثانيها وهو ما سلكه بعض المتأخرين على ما حكي عنه أنه مع تعارض الخبرين مع رجحان أحدهما وعدم إمكان العمل بهما معا لا يخلو إمّا أن يلقى الخبران ويرجع إلى مقتضى الأصول أو يؤخذ بالرّاجح منهما أو بالمرجوح أو يتخير بينهما أمّا الأوّل ففيه أنّ العلم الإجمالي بصدور بعض الأخبار المتعارضة بل أغلبها مع تكليفنا بالعمل بمقتضاها مانع من العمل بمقتضى الأصول وأمّا الثّاني فهو المطلوب وأمّا الثالث فهو يستلزم ترجيح المرجوح على الرّاجح وأمّا الرّابع فهو يستلزم التسوية بين الرّاجح والمرجوح وهو كسابقه قبيح على الشّارع فإن قلت إن هذا الدّليل لو تم لجرى في نفس الأحكام الكليّة أيضا وهو ينافي القول بالظّنون الخاصّة فيها ولذا استبعد المحقق القمي رحمهالله اعتبار الظنون المطلقة في باب التراجيح دون الأحكام الكليّة قلت إن دليل الانسداد إنّما يثبت اعتبار الظّنون المطلقة على حسب ما حصل العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعيّة فإن حصل العلم الإجمالي بالتكاليف في الواقع مطلقا يدلّ على اعتبار مطلق الظنّ بها من أي سبب حصل وإن حصل