وهو خلاف ما أطبقت عليه كلمة الأصحاب والجواب عنه ما أشار إليه المصنف رحمهالله من استظهار كون المراد بيان جواز الترجيح بكل منها لا بمجموعها ولذا لم يسأل الرّاوي عن صورة وجود بعض الصفات دون بعض أو تعارض بعض الصّفات مع بعض وأنت خبير بأن عد سؤال الرّاوي من صورة وجود بعض الصّفات كما يحتمل أن يكون لأجل فهمه جواز الترجيح بكل منهما كذلك يحتمل أن يكون ذلك لأجل فهمه لعدم جواز الترجيح ببعضها ويؤيّد الثّاني كون المذكور في الرّواية هو التّرجيح بالمجموع كما اعترف به المصنف رحمهالله ومن هنا يظهر الوجه في عدم السّؤال عن صورة التعارض إذ بعد فرض كون المراد هو الترجيح بالمجموع خاصّة لا يبقى محلّ السّؤال عن صورة التعارض لعدم إمكان اجتماع الصّفات في كل من المتعارضين نعم لو كان جواز الترجيح بكل واحد منها مفروغا منه احتيج إلى السّؤال عن صورة تعارض بعضها مع بعض إذ ليس فليس فالأولى الاستناد في إثبات كون المراد جواز التّرجيح بكل واحد منها إلى فهم الأصحاب أو بمنع ظهور الرّواية في التّرجيح بمجموع الصّفات لأنّ غاية ما يدلّ عليه العطف بالواو هو الاشتراك في الحكم لا الاجتماع في الوجود لأنّك إذا قلت جاءني زيد وعمرو فغاية ما يستفاد عنه ثبوت المجيء لكلّ واحد منهما ولو في زمانين لا في زمان واحد ويقال فيما نحن فيه أيضا إن غاية ما يدلّ عليه العطف بالواو ثبوت حكم الترجيح لكل واحدة من الصّفات لا لمجموعها من حيث الاجتماع فتدبّر وبقي في المقام أمر لا بد أن ينبّه عليه وهو أنّ قوله عليهالسلام وما يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقّه ثابتا يشمل الدّين والعين والواقعة التي كانت الشّبهة فيه حكمية كما إذا اشترى أحدهما من الآخر شيئا بعقد فارسي واعتقد المشتري صحّته والبائع فساده أو موضوعيّة وهي واضحة ونفي بعض أواخر المتأخّرين الخلاف عنه في الدّين وادعى الشهرة عليه في العين مصرحا بعدم الفرق بين قضاة العامة وغير الجامع لشرائط الاجتهاد من الشّيعة فيحرم ما يؤخذ بحكمهم مطلقا وعن الكفاية أنّه يستفاد من الخبرين عدم جواز أخذ شيء بحكمهم وإن كان له حقّا وهو في الدين ظاهر وفي العين لا يخلو عن إشكال لكن مقتضى الخبرين التعميم وقال في الجواهر وكأنّه فرّق بين الدّين أو العين باحتياج الأوّل إلى تراض في التشخيص والفرض جبر المديون بحكمهم بخلاف العين وفيه أن الجبر وإن كان إثما فيه لكن لا ينافي تشخيص الدّين بعد فرض كونه حقّا على أن في صدر أحد الخبرين المنازعة في دين أو ميراث فلا بد من حمل الخبر على الأعمّ من ذلك لكن على معنى أن أصل ثبوت الاستحقاق أو الدّين قد كان بحكمهم الباطل لا أنهما ثابتان بالحكم الحق وأخذهما كما يحكم الطاغوت مع احتمال التزام الحرمة فيهما أيضا في ذلك لكن على معنى حرمة التصرف وإن كانا مملوكين فيكونان بحكم السّحت في الإثم ولو باعتبار المقدمة جيدا والله العالم انتهى وأقول يمكن القول بالحرمة فيما كان الأخذ بعنوان الإطاعة والانقياد لهم كما هو المنساق من الأخبار دون ما لو كان بعنوان إنفاذ الحق كما يجوز له الاستعانة بالظالم في أخذ حقّه أو كان بقصد التقاصّ والله العالم (قوله) إلا أن يمنع ذلك إلخ أي إطلاق القول بكون عمل العلماء على تقديم الخبر المشهور(قوله) قلت إنهما معا موافقان للاحتياط إلخ لعلّ المراد بموافقتهما له هو الموافقة في الجملة ولو من جهة وإلاّ فالموافقة من جميع الجهات غير ممكنة نعم مخالفتهما له ممكنة كما لو ورد خبر على استحباب فعل وآخر على كراهته ووجد قول بالوجوب أو الحرمة(قوله) نهي إعافة أو كراهة إلخ لعلّ المراد بنهي الإعافة ما وقع فيه الزّجر عن ارتكاب المنهي عنه ببيان بعض خواصه وبنهي الكراهة ما ورد النّهي فيه مطلقا من دون تعرض لخواصّه وآثاره وفي القاموس عاف الطعام والشراب وقد يقال في غيرهما كرهه فلم يشربه وعفت الطّير أعيفها إعافة أي زجرتها وكيف كان فالمراد بهما هو النّهي غير الإلزامي (قوله) يسعك الأخذ بهما إلخ أي الموافق والمخالف (قوله) يعني العبد الصالح إلخ أي الكاظم عليهالسلام وقد يعبّر عنه بالحبر والعالم وأبي الحسن وأبي إبراهيم (قوله) قول خذ به حتّى يبلغكم عن الحيّ إلخ الضّمير المجرور عائد إلى الحديث الآخر لأقربيّته مضافا إلى دلالة الحديث العاشر والحادي عشر عليه والمراد بالحيّ هو الإمام العصر وحاصله أنّه إذا بلغ حديث من أوّل الأئمّة الماضين وآخر من آخرهم يجب الأخذ بما جاء من آخرهم حتّى يبلغ من صاحب العصر ما يخالفه فيجب الأخذ به وترك المأخوذ(قوله) وأبى الله إلاّ أن يعبد سرّا إلخ الظاهر أنّ المراد تنظير الإفتاء بالحقّ سرّا لأجل الخوف من إظهاره من المخالفين بحسن العبادة سرّا كما يدلّ عليه آخر كلامه صلىاللهعليهوآله فيكون ما أفتى به أولا واردا في مقام التقيّة وما أفتى به أخيرا على خلافه لبيان الواقع (قوله) قال إنّ الحديث ينسخ إلخ دل على وجوب الأخذ بالأحدث (قوله) أنتم أفقه النّاس إذا عرفتم معاني كلامنا إلخ حاصل المراد أنّ الكلام قابل لأن يراد به معاني مختلفة بعضها من ظاهره وبعضها من تأويله على اختلاف الموارد فلو شاء إنسان صرف كلامه كيف شاء وأراد لجواز إرادة الحقيقة أو المعاني المجازية ولا يكذب وأنتم أفقه النّاس إذا عرفتم معاني كلامنا يعني أنه إذا ورد عليكم خبران متنافيان في بادي النّظر فلا ينبغي أن تبادروا إلى طرح أحدهما بل لا بد أن يتأمّل في دلالتهما وما اكتنفها من القرائن العرفية أو الخارجة فربما يظهر أن تنافيهما إنّما كان في بادي النظر ويرتفع بعد التأمّل كالنصّ والظّاهر أو الأظهر والظّاهر وفيه حثّ على الجمع بين الخبرين مهما أمكن بحسب العرف والقرائن الخارجة(قوله) وهي وإن كانت ضعيفة إلخ حاصله أنّ لكلّ من المرفوعة والمقبولة جهة قوّة وضعف أمّا الأولى فإنها وإن ضعفت لرفعها وطعن من ليس من شأنه الطّعن في الأخبار كصاحب الحدائق في ابن أبي جمهور وكتابه العوالي كما نبه عليه المصنف رحمهالله في غير موضع من الكتاب إلاّ أنّ ضعفها منجبر بموافقتها سيرة العلماء رضوان الله عليهم في باب الترجيح وأمّا الثّانية فإنّها وإن كانت موهونة بإعراض الأصحاب عنها من حيث تقديم الترجيح بصفات الرّاوي فيها على الترجيح بالشّهرة إلاّ أن وهنها منجبر بتلقي الأصحاب لها بالقبول حتى سميّت مقبولة بل السّند أيضا إمّا صحيح أو موثق كما تقدم فإذن لا ترجيح لشيء منهما على الآخر حتى يؤخذ به ويطرح الآخر(قوله) مع أنا نمنع أن عمل إلخ بذلك تخرج المقبولة من المخالفة لعمل الأصحاب (قوله) مع أنّ السائل ذكر أنّهما اختلفا إلخ يعني أن جواب الإمام عليهالسلام عن السّؤال عن اختلاف الحكمين مع أنّ السّائل ذكر أنّهما اختلفا في حديثكم بالرّجوع إلى الصّفات الّتي هي من المرجّحات بين الحكام يرشد