والتّقليد والقرعة ونحو ذلك ولذا يجب بعد إثبات الانسداد وبقاء التّكليف بالمعنى المذكور تمهيد مقدّمة أخرى لإثبات نفي الاحتمالات المذكورة ما عدا العمل بالظنّ ثمّ إنّ كوننا كالبهائم وإن كان ضروريّ البطلان كما سيجيء عند تقرير دليل الانسداد إلاّ أنّ المصنف رحمهالله لم يشر إلى بطلانه مماشاة مع الخصم وإلزاما له بما فرّ منه (قوله) وإمّا أن لا يكون له إلخ يعني في الظّاهر وإن ثبت في الواقع وحينئذ لا يرد على قوله وعلى الثّاني يلزم إلى آخره منع اللّزوم بعد فرض كونه كالبهائم (قوله) وكيف كان فلا نظنّ بالمستدل إلخ هذا توجيه لكلام المستدلّ ودفع لجملة من النقوض المتقدّمة الّتي أوردها صاحب الفصول وربّما يظهر من المصنف رحمهالله تسليم ورود النّقض عليه بالأمارات الشّرعيّة مثل اليد والبينة ونحوهما وهو لا يخلو من نظر وتوضيح المقام أنّ موارد النّقض أمور منها جواز الفتوى وتقليد الجاهل بالعالم وفيه أنّ الجهّال الّذين يجوز لهم تقليد العالم على صنفين منهم من لا يمكن له أو يتعسّر عليه تحصيل العلم أو الاطمئنان بالأحكام الواقعيّة ولو بسؤال الإمام عليهالسلام كأكثر العوام بل جميعهم الموجودين في أمثال زماننا أو الموجودين في عصر الأئمّة عليهمالسلام الّذين يتعسّر أو يتعذّر عليهم الوصول إلى حضرتهم وأخذ الأحكام منهم أو من أصحابهم الّذين يحصل العلم أو الاطمئنان بإخبارهم لبعدهم أو لوجود مانع آخر ومنهم من يتيسر له ذلك من دون مشقة كثيرة لا تتحمّل عادة كالحاضرين في بلد الإمام عليهالسلام ولا ريب أنّ جواز التّقليد للصّنف الأوّل لا يرد نقضا على المستدلّ بعد فرض تخصيص كلامه بصورة الانفتاح لفرض انسداد باب العلم في حقّهم وأمّا الصّنف الثّاني فلا ريب أنّ تقليدهم ليس بمثابة تقليد العوام في أمثال هذا الزّمان إذ كانت فتوى أصحاب الأئمّة عليهمالسلام مفيدة للوثوق لهم بالأحكام الواقعيّة ولذا ترى أن عدلا في هذا الزّمان أيضا لو أخبر عن رأي المجتهد حصل للمخاطب علم أو وثوق بكونه فتواه والوجه فيما ذكرناه من حصول الوثوق لهم بنفس الأحكام الواقعيّة أن فتاوى ذلك الزمان لم تكن كفتاوى مجتهدي هذا الزّمان مبتنية على إعمال الأصول التعبّديّة بل كانت فتاواهم أشبه بنقل الأخبار المسموعة عن الإمام عليهالسلام بالمعنى وإنكار حصول الوثوق في مثل ذلك مكابرة محضة وهذا وإن سمي تقليدا كما يظهر من قول أبي جعفر الباقر عليهالسلام لأبان اجلس في مسجد المدينة وأفت النّاس فإنّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك إلاّ أنّه نوع اجتهاد في الحقيقة ولذا نقول بجواز البقاء على تقليد الميّت بل التقليد له ابتداء أيضا في مثل هذه الصّورة وإن لم نقل بهما في أمثال هذا الزمان وبالجملة أنّ التّقليد على هذا الوجه لا يرد نقضا على المستدل إذ لعلّه لا يأبى عن العمل بالوثوق لا الذي يعتنى باحتمال الخلاف فيه عند العقلاء بل الظّاهر أنّ غيره أيضا ممن منع العمل بغير العلم كالسّيّد وأتباعه قد أرادوا من العلم ما يشمل ذلك أيضا وفي كلام السّيّد إشارة إلى ذلك كما يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى ومنها جواز العمل بالأصول اللّفظيّة وفيه أنّ اعتبار ظواهر الألفاظ من الكتاب والسّنة إن أريد به اعتبارها بالنّسبة إلى المشافهين فلا ريب أنّ الخطابات الشفاهيّة إن لم تفد العلم للمخاطبين فلا أقل من حصول الاطمئنان لهم وقد عرفت قوّة احتمال عدم إباء المستدلّ من العمل به وإن أبيت إلاّ عن عدم إفادتها إلاّ الظّنّ غالبا أو دائما نقول إنّه على هذا الفرض يكون باب العلم إلى تعيين مرادات المتكلمين منسدا وقد عرفت عدم ورود النّقض على المستدلّ على هذا الفرض وإن أريد به اعتبارها بالنّسبة إلى المعدومين أو الغائبين عن مجلس الخطاب فنقول إنّ اعتبارها بالنّسبة إليهم إن كان من باب الظّنّ المطلق كما يراه المحقّق القمي رحمهالله فقد عرفت عدم ورود النّقض عليه بذلك وإن كان من باب الظّنّ النّوعي أو التعبّد العقلائي مطلقا أو مع عدم حصول ظنّ شخصيّ بخلافه أو غير ذلك من الوجوه المحتملة الّتي ستأتي في محلّها فالنقض حينئذ إنّما يرد لو ثبت تسليم المستدلّ كون اعتبار الظواهر على أحد هذه الوجوه ولعلّه أنّما يعمل بها لأجل إفادتها الوثوق نظير ما ادعاه بعض الأخباريين من كون دلالة الكتب الأربعة كأسانيدها قطعيّة ومع تسليم عدم إفادتها سوى الظّنّ فقد عرفت عدم ورود النّقض عليه حينئذ أيضا لأجل فرض الانسداد ومنها جواز عمل الجاهل المركب بيقينه ويظهر ضعفه ممّا ذكره المصنف رحمهالله هنا مضافا إلى ما أسلفناه في بعض الحواشي السّابقة ومنها جواز العمل بالأمارات الشّرعيّة المجعولة لتميز الموضوعات المشتبهة مثل اليد والبيّنة ونحوهما وفيه أوّلا أنّ النقض بها أنّما يرد لو قلنا بالتخطئة في استعمال الأمارات لتشخيص الموضوعات كاستعمال الأدلّة الظّنّية لتحصيل المعرفة بالأحكام ولعلّ المستدلّ يقول بالتّصويب في الموضوعات كما هو مذهب بعض المتأخرين وثانيا أنّه لا إشكال في انسداد باب العلم بالموضوعات المشتبهة وهو واضح وقد عرفت عدم ورود النّقض عليه حينئذ فإن قلت إنّ الأمارات الشّرعيّة معتبرة ولو مع التمكن من تحصيل مع العلم ولذا يجوز الاعتماد على البيّنة ولو في موارد إمكان تحصيل العلم بما قامت عليه قلت إنّ الانسداد ليس علة لجعل الأمارات بل هو حكمة له فلا يجب اطراده هكذا قيل وفيه نظر لأنّ تجويز العمل بالظّنّ لحكمة الانسداد لا يدفع المحظور الّذي ذكره المستدلّ وهو واضح ولعلّ لأجل ذلك سكت المصنف رحمهالله عن دفع النّقض بالأمارات المذكورة (قوله) الثّاني أن يجب العمل به لأجل إلخ ظاهر العبارة والعبارة الّتي حكاها عن النّهاية تبعا للشيخ اعتبار المصلحة الحادثة بسبب قيام الأمارة في الفعل الّذي تضمّنت الأمارة حكمها وهو لا يتمّ إلاّ على أحد الوجهين الأوّلين من وجوه اعتبار الظنّ من باب الموضوعيّة وظاهره كما يأتي بطلان كلّ من الوجهين وهو لا يتمّ مع قوله وأمّا وجوب العمل بالخبر على الوجه الثّاني فلا قبح فيه أصلا إلى آخر ما ذكره إذ ظاهره اختيار هذا الوجه ويمكن دفعه بأن ما ذكره أنّما