وفيه أنّه إن أريد بأصالة عدم الزّائد أصالة العدم مطلقا لإثبات العدم الخاصّ في مورد الشّكّ ففيها أنّها حينئذ مثبتة وإن أريد بها أصالة الزّائد في خصوص مورد الشّك ففيها أنّها موقوفة على العلم بتساوي الطّرفين في مورد الشّكّ وهو خلاف الفرض وقد تحصّل مما ذكرناه أن دعوى أصالة الإمكان في كل ما يشك في إمكانه وامتناعه خالية عن مستند صحيح نعم لو ادعي أنّ الأصل في كلّ ما يشكّ في إمكانه وامتناعه هو التّوقف بمعنى عدم ترتيب شيء من آثار الإمكان والامتناع كانت متجهة لأنّ ذلك قضيّة حكم العقل ثمّ إنّ المراد بالأولويّة في كلام المصنف رحمهالله وإن كان هو المعنى المراد في آية أولي الأرحام إلاّ أنّه لم يظهر من المصنف رحمهالله اختيار ما قرّره بل العمدة في ذلك ما ذكره في ردّ ثاني دليلي ابن قبة فتدبّر هذا كلّه في تقرير الدّليل على أصالة الإمكان في كلّ ما يشكّ في إمكانه وامتناعه وقد يستدلّ على الإمكان في خصوص ما نحن فيه تارة بما تقدّم في بعض الحواشي السّابقة عن العلاّمة من دعوى الإجماع وأخرى بالوقوع شرعا لأنّه أخصّ من الإمكان وذلك لوقوع التّعبّد بالظّنّ شرعا في الموضوعات الصرفة والمستنبطة والأحكام الكليّة والأولى كالأمارات المعتبرة لتمييز الموضوعات المشتبهة كالبيّنة واليد والسّوق ونحوها والثّانية كالأصول اللفظيّة الجارية في مقام تعيين المرادات كأصالة الحقيقة بعد العلم بالأوضاع وفي مقام تعيين الأوضاع عند الشّكّ فيها كأصالة عدم النّقل والاشتراك لأنّ هذه أصول معتبرة بإجماع العلماء وعليها بناء العرف من لدن آدم إلى يومنا هذا والثّالثة كتقليد الجاهل بالأحكام الشّرعيّة العالم بها وستقف على تتمة الكلام في ذلك (قوله) إنّ الإجماع أنّما إلخ يظهر المراد بالإجماع هنا ممّا قدّمناه في مسألة التجرّي فراجع (قوله) بعد تسليمه إلخ فيه إشارة إلى عدم تسليم القياس لوجود الفارق من وجهين أحدهما أن دواعي الكذب في الإخبار عن الله تعالى كثيرة لكونه منصب النّبوّة مشتملا على الرّئاسة العامّة عن الله سبحانه فلا يقبل الإخبار عنه تعالى إلاّ بالاقتران بما يفيد القطع بصدقه بخلاف التعبّد بالإخبار عن النّبي صلىاللهعليهوآله في الأحكام الفرعيّة واختلاف موارد الإخبار ممّا لا مساغ لإنكاره ولذا ترى العقلاء يقبلون إخبار واحد بموت زيد ولا يقبلون إخباره بمشيه على الماء أو عروجه إلى السّماء أو نزوله تحت الأرض أو نحو ذلك وثانيها أنّ تحصيل العلم بالنّبوّة سهل يسير في حق كلّ أحد وإلاّ لم يقع التّكليف به بخلاف الأحكام الفرعيّة لأنّها على كثرتها وتشتّتها يعسر تحصيل اليقين بجميعها والوصول إليها على وجه العلم لجميع المكلّفين فلا مانع من تجويز الشّارع بملاحظة هذا العسر الغالب التّعبّد بخبر الواحد في الأحكام الفرعيّة مطلقا حتّى في الموارد الّتي يتيسّر فيها تحصيل العلم بها بأن يكون هذا العسر حكمة في تشريع العمل بخبر الواحد(قوله) بل القطع أيضا إلخ يرد عليه مضافا إلى ما سيشير إليه أنّ الجهل المركّب أنّما يرد نقضا على المستدلّ إن كان اعتبار العلم من باب جعل الشارع أو إمضائه لما استقل على اعتباره العقل إذ يصحّ حينئذ أن يقال إنّه بجعل الشّارع أو إمضائه يحدث هنا حكم مخالف لما ثبت في الواقع وليس كذلك لما تقدّم سابقا من كون العلم طريقا عقليا اضطراريّا منجعلا بنفسه غير قابل للجعل والإمضاء وإن العمل به أنّما هو لأجل مجرد انكشاف الواقع على سبيل الجزم (قوله) بأنّه إن أريد تحريم الحلال إلخ لا يخفى أنّ محتملات تحريم الحلال في كلام ابن قبّة أربعة أحدها صيرورة ما هو حلال في الظّاهر حراما في الواقع وثانيها صيرورة ما هو حلال في الظّاهر حراما في الظّاهر وثالثها صيرورة ما هو حلال في الواقع حراما في الواقع ورابعها صيرورة ما هو حلال في الواقع حراما في الظّاهر وممّا ذكرناه يظهر الكلام في محتملات تحليل الحرام وحاصل الجواب منع الملازمة على الثّلاثة الأول ومنع بطلان التّالي على الرّابع والأوّلان داخلان في صورة الأصل بأن أراد بتحريم الحلال الظّاهري تحريمه في الظّاهر أو الواقع والأخيران في صورة العكس وقوله وإن أريد تحريم الحلال الواقعي ظاهرا كأنّه استثناء في المعنى من منع اللّزوم في صورة العكس وهذا إن أراد بصورة العكس تحريم الحلال الواقعي واقعا أو ظاهرا وإن أراد بها تحليل الحرام الظّاهري واقعا أو ظاهرا لم يكن الثّالث مشمولا للعبارة بل المشمول لشقّي الترديد حينئذ محتملات خمسة من المحتملات الثّمانية المتصوّرة من لزوم تحريم الحلال وتحليل الحرام وكيف كان لما كان منع بطلان التّالي في الرّابع على إطلاقه ضعيفا لما سيشير إليه من قبح تجويز العمل بالظن في صورة الانفتاح على أحد وجهي جعل الطّرق الظنيّة عدل عن الجواب المذكور إلى ما هو أولى منه (قوله) في المسألة الّتي انسد فيها إلخ بأن يريد امتناع التعبّد بالخبر في صورة الانسداد الأغلبي بالنّسبة إلى الموارد الّتي انسد فيها باب العلم وليس المراد احتمال دعوى الاستحالة في خصوص كلّ مسألة انسد فيها باب العلم وإن لم يتحقق هنا انسداد أغلبي كما ربّما يتوهّم من العبارة إذ لا دليل حينئذ على إرجاعه إلى العمل بما لا يفيد العلم من الأمارات والأصول لإمكان دعوى تعيّن العمل حينئذ بالاحتياط إذ المسلم من عدم وجوبه أنّما هو في صورة الانسداد الأغلبي خلافا للمحقق القميّ قدس سرّه كما سيجيء في محلّه إن شاء الله تعالى وممّا يدل على إرادته ما ذكرناه قوله بل الظّاهر أنّه يدعى إلى آخره لأن المدّعين للانفتاح لا ينكرون الانسداد في بعض الموارد وقد صرّح السّيّد رحمهالله بذلك في بعض كلماته (قوله) إمّا أن يكون للمكلّف حكم إلخ فيه تنبيه على أنّ المراد ببقاء التّكليف عند تقرير دليل الانسداد بانسداد باب العلم وبقاء التّكليف بالضّرورة كما هو الدّائر على الألسنة ليس بقاء التكليف بالأحكام الواقعيّة على ما هي عليها في الواقع لاستحالة بقائه كذلك لكونه تكليفا بما لا يطاق لفرض تعذّر العلم بها بل المراد توجّه تكليف إلى المكلّف عند الانسداد في مقابل كونه كالبهائم والمجانين وإن دار ذلك بين كونه هو العمل بالمظنونات والمشكوكات والموهومات والعمل بالأصول العمليّة