وأمّا مرجحات المضمون فتجري في كلّ منهما كموافقة كل منهما للكتاب أو الشّهرة مثلا وأمّا الإجماع فليعلم أنّه لا يمكن فرض التعارض بين الإجماعين المحصّلين على طريقة المتأخرين من الحدس لكشفه عن رضا المعصوم عليهالسلام على سبيل القطع ولا يمكن رضاه بالمتنافيين وأمّا على طريقة القدماء فيمكن فرض التعارض بينهما لكون اعتبار الإجماع عندهم باعتبار دخول المعصوم عليهالسلام في جملة أقوال المجمعين ويمكن صدور أحد قولي الإمام عليهالسلام عن تقيّة وعليه يمكن فرض انعقاد الإجماع على طرفي النقيض بالنسبة إلى شخص واحد وإذا تحقّق هذا فاعلم أن مرجّحات الصّدور غير جارية في الإجماع مطلقا سواء كان محصّلا أم منقولا أمّا المحصّل فواضح وأمّا المنقول فلكون علمائنا رضوان الله عليهم مأمونين عن احتمال الكذب في حقّهم لعلمنا بصدقهم في كلّ باب نعم ليسوا بمأمومين عن احتمال الخطإ والاشتباه فإذا ادعى أحدهم الإجماع في مسألة فاحتمال كذبه في دعواه منتف وإن احتمل خطاؤه في تحصيل الإجماع ولذا لا نعتمد على كثير من الإجماعات كإجماعات القدماء لكثرة ما ظهر من خطائهم في دعواها بحيث لا يطمأنّ بها وأمّا مرجّحات وجه الصّدور فقد عرفت الحال فيها بالنسبة إلى الإجماعات المحصلة وأمّا المنقولة فلا مسرح لها فيها لعدم خوف علمائنا في تحرير المسائل كي يدعوا الإجماع على خلاف معتقدهم وأمّا مرجحات المضمون فتجري في المنقول مطلقا وفي المحصل على طريقة القدماء دون المتأخرين لما عرفت من عدم إمكان فرض التعارض على طريقتهم بخلافه على طريقة القدماء لكون الإجماع على طريقتهم كالنّص القطعي الصّدور والله العالم والهادي إلى الصّواب (قوله) منهم الباقلاني إلخ ومنهم السّيد الصّدر الشارح للوافية حيث ذهب إلى استحباب التّرجيح كما سيأتي في كلام المصنف رحمهالله وسنشير إلى ما يتعلق بكلامه وعليه فالأقوال في المسألة ثلاثة وجوب التّرجيح واستحبابه وعدم شيء منهما(قوله) ومرجع التّوقف إلى التخيير إلخ حاصله أنا إن لم نجعل الأصل من المرجحات فمرجع التوقّف إلى التخيير إمّا بالنقل أو العقل أمّا الأوّل فواضح لأنّ الأخبار بإطلاقها تدلّ على ثبوت التخيير في المتكافئين مطلقا سواء كان أحدهما مطابقا بالأصل أم لا وأمّا الثّاني فهو مبني على جواز تزاحم الطّريقين وعدم تساقطهما عند التعارض نظير تزاحم السّببين إذ على تقدير التساقط لا بدّ من الرّجوع إلى الأصل الموافق لا محالة ولكن شيء من الوجهين لا يجدي في نفي وجوب التّرجيح عند وجود المرجّح كما أوضحه المصنف رحمهالله وإن جعلنا الأصل من المرجحات فلا بد من فرض الكلام في صورة مخالفة كل من الخبرين للأصل إذ لا مناص من القول بالتخيير حينئذ عقلا وممّا ذكرناه قد ظهر أنّه لا بدّ أن يقيد قوله إذا لم يجعل الأصل من المرجحات بعدم جواز الرجوع إلى الأصل الموافق أيضا كما أشار إليه بقوله الآتي بناء على أنّ الحكم في المتعادلين مطلقا إلى آخره لأنّه في حكم الترجيح في وجوب العمل بأحدهما المعين فلا يجتمع مع القول بالتخيير كيف لا وهو القول بالتّساقط والرّجوع إلى الأصل المطابق قولان مختلفان في المسألة كما تقدّم في عنوان المسألة(قوله) على تقدير فقده إلخ أي فقد الأصل الموافق (قوله) مطلقا إلخ أي سواء كان الأصل الموجود موافقا لأحدهما أم مخالفا لهما(قوله) والأولى منع اندراجها إلخ حاصله أنّ النّزاع في كون المرجع فيما دار الأمر فيه بين التعيين والتخيير هي أصالة البراءة أو الاحتياط إنّما هو فيما كانت الشّبهة ناشئة من الشكّ في بعض شرائط المأمور به كما لو دار الأمر بين وجوب عتق مطلق الرّقبة وخصوص المؤمنة فلا يشمل ما كانت الشبهة فيه ناشئة من الشكّ في بعض شرائط الامتثال كما فيما نحن فيه وإلاّ فالمتعيّن فيه الرّجوع إلى قاعدة الاحتياط كما تقدّم في أواخر مسألة البراءة(قوله) فيما كان بنفسه يعني بحكم العقل وإن لحقه إمضاء الشّارع لا بجعل الشّارع كالظنّ المطلق عند انسداد باب العلم ثمّ إنّ دعوى عدم جواز التّرجيح بالمزية الموجودة في أحد الخبرين إذا قلنا باعتبارهما من باب الظنّ النّوعي لا يخلو من إشكال لأنّ عدم إناطة اعتبارهما بإفادة الظنّ الفعلي لا ينافى الترجيح بالمزيّة المذكورة المفيدة للظنّ نوعا أو شخصا لأنّ المفروض كون اعتبار المتعارضين في أنفسها من حيث إفادة نوعهما للظنّ وغلبة إيصالهما إلى الواقع فإذا تعاضد أحدهما بظنّ نوعي آخر أو ظنّ فعلي تقوّت جهة كشفه عن الواقع الّتي هي مناط اعتباره فلا يعارضه الطّريق الآخر في حكم العقل ولا ينافيه تساقطهما عند العقل لأجل المعارضة لو لا المزيّة المزبورة والمقام بعد محتاج إلى التأمّل (قوله) هو مجرّد الوجوب إلخ من دون مدخليّة للمزية في المانعية(قوله) وليس في هذا الحكم إلخ بخلاف ما لو استفيد وجوب العمل بأحد المتعارضين من حكم الشّارع كما تقدّم (قوله) في كلّ واجبين متزاحمين إلخ قد تقدّم شطر من الكلام في ذلك (قوله) إلا أن يرد عليه إلخ سيجيء في المقام الثالث دعوى المصنف رحمهالله أنّ المتبادر من أخبار التخيير هي صورة تكافؤ الخبرين من جميع الوجوه وعدم مزيّة أحدهما على الآخر أصلا(قوله) وفيه أنّ الظّاهر إلخ لا ريب في صحّة الاستدلال لو لا استشهاده لزوم التخيير بين الخاص والعام والمطلق والمقيّد إذ لا شك في لزوم تأسيس فقه جديد لو لا البناء على الترجيح في متعارضات الأخبار(قوله) وإمّا لأن ذلك إلخ هذا بناء على اعتبار الظواهر من باب الظّهور العرفي من دون ملاحظة أصالة عدم القرينة(قوله) إلى أنّه لو لا الإجماع إلخ المعبر عنه في كلام النّهاية والمنية بمذهب أكثر الصّحابة (قوله) ثمّ إنّه يظهر من السّيّد الصّدر إلخ أقول لا بأس بنقل ملخص كلامه أولا ثم الإشارة إلى المواقع الّتي اختلط عليه الأمر فيها قال إنّ المشهور بل المجمع عليه عند الأصوليّين هو وجوب استعلام التراجيح ووجوب العمل بالرّاجح فيرد على قولهم إشكالات على تلك الأحاديث منها أنّ الرّاوي سأل مرّة وأجاب عليهالسلام بأنّ اللاّزم العمل بما هو أصحّ سندا ففرض الرّاوي التّساوي فيه فأجاب بترجيح المشهور على النادر فيشكل الأمر بأنّ الرّاوي إن فرض التّساوي في الوجوه الأخر غير السّند ثمّ فرض التّساوي فيه أيضا فالجواب هو التوقف أو التخيير ليس إلاّ وإن لم يفرض التّساوي فالعمل بما هو حكم الله تعالى في الواقع لأنّ الأوثقيّة لا تفيد إلاّ قوّة الظنّ بصدور الخبر عن المعصوم عليهالسلام وربّما كان خبر الثقة قطعي المضمون فضلا عن قوّة الظنّ به كأن يروي الأوثق ما هو مخالف لجميع أقوال الأمّة ويروي الثقة ما هو المعلوم من مذهب الشيعة وأيضا بعد فرض التّساوي في السّند