به في زمان الابتلاء به أو هو مع العمل به وجوه ثالثها أوجهها نظير اختلافهم في الملزم في مسألة التقليد ويرشد إلى الأوّل الجمود على ظاهر الأخبار مثل قوله عليهالسلام بأيهما أخذت وسعك وإلى الثّاني أنّ الأمر بالأخذ والالتزام إنّما هو من باب المقدّمة للعمل والتوصّل به إليه ولا يتعلق الأمر بالمقدّمة قبل وجوب ذيها لكونه عبثا وسفها فالأمر بالأخذ لا بد أن يكون في زمان وجوب العمل لا قبله وإلى الثالث أنّ الأخذ بمؤدّى الدّليل ولو في وقت وجوب العمل إنّما هو من باب المقدّمة للعمل ولا مطلوبيّة له في ذاته فالمطلوب بالأمر بالأخذ في الحقيقة هو العمل فلا بد أن يكون المراد بقوله عليهالسلام بأيّهما أخذت وسعك هو التوسعة في العمل بأيّهما أراد لا في مجرّد الالتزام ولعلّ هذا هو الأقوى في المقام (قوله) ثمّ إنّ حكم التعادل إلخ توضيح المقام أنّه كما قد تتعارض الأمارات الشّرعيّة بعضها مع بعض فربّما يوجد هنا مرجّح لأحدهما فيرجح الرّاجح منهما على الآخر وقد يتعادلان فيثبت التخيير كذلك مع تعارض أقوال أهل اللّغة قد يوجد مرجح لأحدها وقد لا يوجد ولكنّهم قد ذكروا هنا أنّه إن كان بين المتعارضين منها من النسب تباين كلي كما إذا قال أحدهما إنّ العين بمعنى الذّهب وقال الآخر بمعنى الفضّة أو عموم من وجه كما إذا قال أحدهما الغناء هو الصّوت المطرب والآخر أنّه الصّوت مع التّرجيع يحكم بالاشتراك اللّفظي حينئذ وإن كان بينهما عموم وخصوص مطلقا يؤخذ بقول من ادّعى العموم والوجه في المقامين كون المثبت مقدّما على النّافي إذا المثبت ربّما يطلع على ما لم يطلع عليه النّافي إذ مرجع تعارضهما إلى دعوى المثبت اطلاعه على كون اللّفظ موضوعا لهذا المعنى ودعوى النّافي عدم اطلاعه عليه فلا تعارض بينهما حقيقة فحيث ادعى كلّ منهما ما يباين الآخر أو يعمه من وجه فيؤخذ بكلّ منهما لتصادقهما على الثّاني في مادة الاجتماع وأمّا في مادة الافتراق فهما فيها كمدعي المباين للآخر وأمّا إذا كان بينهما عموم مطلقا فإنّ مرجع دعوى مدعي العموم أيضا إلى دعوى اطلاعه على بعض الموارد الّتي لم يطلع عليها الآخر فلا يتحقق التّنافي أيضا وهذا هو الأصل في تعارض اللغات على ما ذكروه وأوّل من تصدّى لذلك هو العلاّمة الطّباطبائي في شرحه على الوافية وأمّا لو قام بعض القرائن الموهنة للاشتراك اللّفظي أو حمله على العموم في الصّورة الثّالثة كما لو ادعى أحدهما وضع اللّفظ في لغة طائفة من العرب وادعى الآخر وضعه لما يباينه في هذه اللّغة مع كونهما من أهل الخبرة والتتبع بحيث يبعد عدم اطلاع أحدهما على ما لم يطلع عليه الآخر فيتوقف ويرجع إلى مقتضى الأصول كما ذكره المصنف رحمهالله ومن هنا يظهر أنّ تعارض أقوال أهل اللّغة يفارق في الحكم تعارض الأمارات المنصوصة في الأمرين أحدهما عدم حمل العام على الخاص إذا كانا مطلقين والآخر الحكم بالتّوقف عند التعارض لأنّ كلا منهما مخالف لحكم متعارضات الأخبار على ما هو التحقيق من حمل العام على الخاص منها والحكم بالتخيير في المتعارضين المتكافئين منها والوجه في ذلك واضح ممّا قرّرناه لأنّ الحكم بالاشتراك اللّفظي في الصورتين الأوليين من تعارض أقوال أهل اللّغة إنّما هو لعدم التعارض في الحقيقة على ما عرفت والتعارض فيها إنّما يأتي بسبب القرائن الخارجة على ما أشرنا إليه وكذلك الأخذ بالعموم في الثالثة لأجل ما عرفت من رجوع قول مدعي العموم إلى دعوى الاطلاع على ما لم يطلع عليه الآخر بخلاف متعارضات الأخبار لأنّ الخبرين المتعارضين بالتباين أو العموم والخصوص من وجه أو مطلقا صادران عن متكلم واحد أو متكلّمين في حكم متكلم واحد مع اتحاد التكليف ولا ريب في تحقّق التعارض حينئذ على الأولين وصيرورة الخاص قرينة عرفية على إرادة الخاص من العام في الثّالث بخلاف ما نحن فيه لأنّ الفرض فيه صدور كلّ من العام والخاص عن متكلم من دون التفات منه حين استعماله إلى متكلم آخر فإن قلت إنّ المستعملين من أهل اللسان كلّهم بمنزلة متكلم ومستعمل واحد لأنّ مرجع الاستعمالات جميعهم إلى استعمال مستعمل واحد وهو واضع الألفاظ أعني يعرب بن قحطان على ما قيل لأنّ الجميع تابع له في الاستعمال قلت هذا إنّما يتم لو كان استناد علماء اللغة في ضبط معاني الألفاظ وتدوينها إلى مجرّد النقل والرّواية عن الواضع وليس كذلك لأنّ استنادهم واعتمادهم في ضبط معاني الألفاظ إلى التّتبع والاجتهاد في موارد استعمالات أهل اللّسان وهم ليسوا بمأمومين عن الخطإ في اجتهادهم من جهة استعمال علائم الحقيقة والمجاز فمن ادعى كون اللّفظ موضوعا لمعنى خاص من جهة ملاحظة استعماله فيه أو تبادره منه عند أهل اللّسان أو نحو ذلك فربما يكون ذلك منه ناشئا عن غفلته عن استعمالهم له في فرد آخر أيضا اطلع عليه صاحبه دونه أو كون التّبادر ناشئا من قرينة خارجة مختفية عليه أو نحو ذلك وبالجملة أنّه مع كون استنادهم في ضبط معاني الألفاظ إلى اجتهادهم وتتبعهم للموارد الجزئيّة من استعمالات أهل اللّسان لا يبقى مقتض لحمل العموم في كلام بعض على الخاص في كلام بعض آخر وأمّا الحكم بالتوقف في مورد تحقّق التعارض فلأنّ اعتبار قول أهل اللّغة من باب الطّريقيّة بمعنى أنّ اعتباره إمّا من باب الظنّ الشّخصي أو النّوعي المقيّد بعدم قيام ظنّ آخر بخلافه فإذا تعارض قولا أهل اللّغة فعلى الأوّل إمّا أن يبقى مع أحدهما ظنّ فعلي بمقتضاه أو لا فعلى الأوّل يجب الأخذ بما حصل الظنّ منه وطرح الآخر لانتفاء مناط اعتباره وعلى الثّاني يجب التوقّف والرّجوع إلى مقتضى الأصول لانتفاء مناط اعتبار كلّ منهما وكذلك على الوجه الثّاني لفرض تقيّد اعتبار كلّ منهما بعدم الآخر بل وكذلك إن قلنا باعتباره من باب الظنّ النّوعي المطلق لخروج كلّ من القولين لأجل التعارض من وصف إفادته للظنّ نظير تعارض الأخبار على هذا القول كما أشار إليه المصنف رحمهالله سابقا وأمّا على القول بالتخيير في تعارض الأخبار فإن قلنا باعتبارها من باب السّببيّة فلا دخل له فيما نحن فيه وإن قلنا باعتبارها من باب الطّريقية فهو من جهة التعبّد بأخبار التخيير لا من باب القاعدة والأصل (قوله) خاتمة للتخيير ومقدّمة للترجيح إلخ أما كونه خاتمة له فواضح لتضمّنه بيان كون مورد ثبوت التخيير هو صورة الفحص عن المرجّح وعدم وجدانه ولكن كان عليه أن يبيّن مقدار الفحص أيضا ولعلّه قد اكتفي عنه بما ذكره في مسألة البراءة وأمّا كونه مقدّمة للترجيح فغير ظاهر الوجه لأنّ وجوب الفحص مبنيّ على وجوب التّرجيح فالبحث عن وجوب الفحص عنه متأخر عن البحث عن وجوب التّرجيح لا مقدّم عليه