رفع اليد عن الواقع بالمرة كما قرّرناه في أوائل الكتاب في ما علقناه على حجيّة القطع وبضرب الأربعة في الأربعة ترتقي صورة التّعارض إلى ستّ عشرة صورة تعارض القطعي على مثله ومع الثلاثة الباقية وتعارض الظنّي شخصا مع مثله ومع الثلاثة الباقية وتعارض الظنّي نوعا مطلقا كذلك ومقيّدا كذلك والمتكررة منها ستّ وهي تعارض الظنّي شخصا مع القطعي من المرتبة الثّانية وتعارض الظنّي نوعا مطلقا مع الظنّي شخصا من المرتبة الثالثة وتعارض الظنّي نوعا مقيّدا مع الظنّي نوعا مطلقا ومع الظنّي شخصا ومع القطعي من المرتبة الرّابعة فتبقى عشر صور أربع منها تعارض المتجانسين أعني تعارض القطعيّين والظنيين شخصا ونوعا مطلقا ومقيّدا وستّ منها تعارض المتخالفين أعني تعارض القطعي مع الثلاثة الباقية وتعارض الظنّي شخصا معه نوعا مطلقا ومقيّدا وتعارض الظنّي نوعا مطلقا مع النّوعي المقيّد فهذه عشر صور وستّ منها ليست بمحلّ تعارض وهي تعارض القطعي مع مثله ومع الظنّي شخصا أو نوعا مطلقا أو مقيّدا وتعارض الشّخصي مع مثله ومع النّوعي المقيّد وأمّا عدم إمكان تعارض القطعيّين فواضح ممّا ذكره المصنف رحمهالله لأنّ المدار في الدّليل القطعي على صفة القطع وحصوله من كلا المتعارضين محال ومع حصوله من أحدهما خرج الآخر من صفة الحجيّة لانتفاء مناط اعتباره فيخرج الدّليلان من مورد التعارض لأنّه فرع إفادة كلّ منهما القطع لصيرورة الدّليل القطعي مع قطع النظر عن إفادته القطع لغوا محضا نعم لو فرض اندراج القطعي مع قطع النظر عن إفادته للقطع في عنوان آخر يعارض سائر الأدلّة بهذا العنوان مثل أنّ الخبر المتواتر إنّما يعتبر من حيث إفادته للقطع وإذا قطع النّظر عن إفادته لذلك اندرج تحت عنوان خبر الواحد فيعتبر بهذا العنوان إلاّ أنّه خلاف الفرض في المقام وممّا ذكرناه يظهر الوجه في عدم إمكان تعارض الظنيّين شخصا لأنّ الظنّي شخصا كالقطعي في كون مناط اعتباره صفة الظنّ وإن كان بينهما فرق من جهة كون القطعي طريقا منجعلا والظنّي مجعولا بل الظنّي المعتبر بدليل الانسداد أيضا من قبيل الطريق المنجعل على ما قرّرناه في محلّه ومن هنا يظهر أنّه على مذهب المحقّق القمي قدس سرّه من كون اعتبار الأدلّة سندا ودلالة بدليل الانسداد يلزم إهمال ما قرّروه في باب التعارض من أحكام التّعادل والتّرجيح إذ مقتضى دليل الانسداد اعتبار الأدلّة من باب إفادتها صفة الظنّ الشّخصي الّتي قد عرفت عدم إمكان تعارض الأدلّة معها والحال أنّ ملاحظة المرجّحات وإعمال قواعد الترجيح في الجملة إجماعي فيكون القول بدليل الانسداد مطلقا مخالفا للإجماع وممّا ذكرناه يظهر الوجه أيضا في عدم إمكان تعارض القطعي مع الظنّي شخصا أيضا لعدم إمكان اجتماعهما كالقطعيّين والظنيّين بل هنا أولى وأمّا عدم إمكان تعارض القطعي مع الظنّي نوعا مطلقا فلعدم الاعتداد بالظنّي مع القطع بخلافه وكذا مع الظنّي نوعا مقيّدا مضافا إلى ما ستعرفه من عدم إمكان تعارض الظنّي شخصا مع الظنّي نوعا مقيّدا فهنا أولى وأمّا عدم تعارض الظنّي شخصا معه نوعا مقيّدا فلانتفاء موضوع المقيد بانتفاء قيده فتنحصر صور إمكان تعارض الدّليلين في الصّور الأربع الباقية وهي صور تعارض الظنيّين نوعا مطلقا ومقيدا والظنّ الشخصي مع الظن النّوعي مطلقا والظنّ النّوعي مطلقا مع الظن النّوعي المقيّد ومن تحرير المقام تعرف مواقع النظر فيما ذكره في الضّوابط قال إنّهم قالوا إنّ التعارض لا يكون إلاّ بين الظنيّين وأمّا القطعيان أو المختلفان فلا يمكن حصول التعارض بينهما ثم أورد عليه بأنّ المراد من القطعي والظنّي إن كان القطعية والظنّية في الصدور فلا ريب في جواز التعارض في كلّ الصّور الثلاث أي القطعيين والظنيّين والمختلفين وإن كان القطعيّة والظنّية في اللّبّ والدّلالة فإن كان المراد قطعيّة الدّليلين أو ظنيتهما نوعا بمعنى أنّه لو لا أحدهما لأفاد الآخر القطع أو الظنّ وإن لم يكن بعد ملاحظة التعارض قطع ولا ظن فلا ريب في جواز التّعارض بهذا المعنى بين الكلّ أيضا وإن كان المراد قطعية الدّليلين أو ظنيّتهما شخصا أي فعلا فلا ريب في عدم جواز التعارض حينئذ في الكلّ ففي الفرضين الأولين لا وجه لقولهم بعدم الإمكان في القطعيين وفي المختلفين وفي الفرض الأخير لا معنى لقولهم بالإمكان في الظنيّين وإن كان المراد في القطعيّين والمختلفين الشّخصي وفي الظنيّين أحد الفرضين الأولين فهو تفكيك خال عن الوجه لكن الظاهر منهم الأخير لزعمهم أنّ ما سوى الشّخصي لا يمكن في القطع لأنّ العلّة في القطع بعد حصولها في دليل لا يمكن التّخلّف فيه بالتعارض إلى أن قال ثم اعلم أنّهم قالوا بجواز الظنيّين ولا يجوز تعارض ما عداهما ولا ريب أن التعارض له فردان أحدهما التعارض والآخر التّرجيح فإن كان مرادهم من جواز تعارض الظنيّين جوازه بكلا قسميه ومن عدم جواز القطعيّين ولا المختلفين عدم جوازه كذلك ففيه أنّ التعارض على وجه التّرجيح يمكن في المختلفين فإنّ القطع يرجح على الظنّي عند التعارض إلى آخر ما ذكره قوله إن كان القطعيّة والظنيّة في الصّدور فيه أن قطعية الصّدور مع ظنيّة الدّلالة كما هو الفرض لا يجعل الدّليل قطعيّا لأنّ المراد بالدّليل القطعي في مصطلح القوم ما يفيد القطع بالمدلول الواقعي لا ما كان صدوره قطعيّا وقوله فإن كان المراد قطعية الدّليلين أو ظنّيتهما نوعا فيه منع وجود دليل معتبر من باب القطع النّوعي بمعنى اعتبار إفادته للقطع مع قطع النّظر عن وجود معارضه فحمل كلماتهم عليه فاسد جدّا قوله تفكيك خال عن الوجه فيه أنّ التفكيك لا بد من التزامه في المقام لما عرفت من عدم وجود دليل معتبر من باب القطع النّوعي فلا بد أن تكون مرادهم من القطعيين والمختلفين قطعيّة الدّليل فعلا لا نوعا وأمّا كون مرادهم من الظنّيّين كون ظنّيتهما نوعا لا فعلا فلعدم وجود دليل عندهم يكون معتبرا من باب الظنّ الشّخصي لكون اعتبار الأدلّة عندهم معتبرا من باب الظنّ النّوعي دون الشّخصي نعم قد حدث القول بالظنون المطلقة الّذي مقتضاه اعتبارها من باب الظنّ الشخصي في زمان الوحيد البهبهاني كما هو غير خفيّ على الخبير المطلع على طريقتهم في الفقه والأصول فلا بدّ أن يكون مرادهم بالظنّيّين هو النّوعيين خاصّة قوله إنّ التعارض على وجه التّرجيح يمكن في المختلفين فيه أنّه إن أراد بترجح القطعي على الظنّي ترجحه عليه مع فرض حصول القطع من القطعي والظنّ من الظنّي ولكن القطع مرجح على الظنّ ففيه أن التعارض فرع تمانع الدّليلين وقد عرفت عدم إمكان حصول الظنّ الشّخصي على خلاف القطع وعدم وجود المقتضي للتعارض في الظنّ النّوعي مطلقا ولا مقيدا في مقابل القطع وإن أراد بترجّحه عليه مجرّد تقدّمه عليه ولو لأجل عدم وجود المقتضي للتعارض في الظنّي للقطعي ففيه أنّ هذا ليس ترجيحا مصطلحا