ومحموله الحكم الشأني الغير المنجر على المكلّف ولا منافاة بين الحكم الشأني لذات الفعل من حيث هو وثبوت ضدّه الفعلي من حيث صفة جهالة حكمه فلك أن تعتبر الجهل بالحكم في دليل الأصل صفة للمكلّف فتقول لا منافاة بين كون المكلّف من حيث هو محكوما بالحكم الشّأني ومحكوما بضدّه الفعلي من حيث كونه جاهلا بالحكم لكن الأوّل أوفق بأدلّة الأصول انتهى (قوله) ثمّ إنّ ما ذكرنا من الورود والحكومة إلخ توضيح المقام أنّ اعتبار أصالة الحقيقة لا يخلو إمّا أن يكون من باب التعبّد وأصالة عدم القرينة أو من باب الظهور النّوعي أو الشّخصي ولا إشكال في عدم جريانها مع القرينة القطعية بخلافها لارتفاع موضوعها بها حقيقة وأمّا مع القرينة الظنّية الّتي اعتبرها الشّارع جعلا أو إمضاء فنقول إنّه على الأوّل لا يخلو إمّا أن يكون دليل التعبّد مطلقا أو مقيّدا بعدم القرينة وعلى الثّاني أيضا يحتمل أن يكون دليل اعتبار الظنّ النّوعي أو موضوع نفس الظنّ مطلقا أو مقيّدا بما عرفت وأمّا على الثّالث فالمدار فيه على صفة الظنّ وهو واضح فالأقسام خمسة أو ستّة وإذا ورد عام وخاص فالخاص لا يخلو إمّا أن يكون قطعيّا مطلقا أو ظنّيا كذلك دلالة وظنيا سندا أو بالعكس وبضرب الأربعة في الخمسة ترتقي الأقسام إلى عشرين ونقول في توضيح أحكام هذه الأقسام إنّه إذا ورد عام وخاص فلا إشكال في تقديم الخاص عليه في الجملة وإنّما الإشكال في وجه التقديم فإن كان الخاص قطعيا مطلقا فلا إشكال في كونه من باب الورود لارتفاع موضوع أصالة الحقيقة في العام به حقيقة وإن كان ظنّيا مطلقا أو سندا خاصة كالنّص من الآحاد أو دلالة كذلك كالخاصّ الظنّي من الكتاب فإن كان العمل بأصالة الحقيقة من باب التعبّد المقيّد أو الظنّ النّوعي كذلك دليلا أو موضوعا على ما عرفت فالخاص وارد عليها لرفعه موضوعها حقيقة بالفرض وإن كان من باب التعبّد المطلق فالخاص حاكم عليها لأنّ الخاص وإن لم يعلم بصدوره عن الشّارع ولا بما هو المراد منه واقعا إلاّ أنّه بمقتضى دليل اعتباره دلالة وسندا منزل بمنزلة الواقع بجعل احتمال مخالفة مؤدّاه للواقع بمنزلة العدم في عدم ترتب ما كان يترتب على هذا الاحتمال من الأثر لو لا حجيّته وهو وجوب العمل بالعام وبعبارة أخرى أنّ العمل بأصالة الحقيقة في العام إنّما هو في مورد احتمال وجود المخصّص وعدمه والخاصّ المعتبر شرعا رافع لاحتمال العدم شرعا فيكون بمقتضى دليل اعتباره حاكما عليها وإن كان من باب الظن النوعي فتقديم الخاص حينئذ من باب الحكومة كما يظهر من المصنف رحمهالله إن كان ظنّي السّند خاصّة ومن باب المعارضة وتقديم أقوى الظنين بحكم العقل إن كان ظنّيا مطلقا أو بحسب الدلالة خاصّة ولكن سنشير إلى ما يخدش فيه وإن كان من باب الظنّ الشخصي فإن زال الظنّ بالعموم بسبب وجود الخاص فلا مسرح للأصل فيه لانتفاء مناط اعتباره وإلاّ فالخاصّ حاكم عليه لأنّ الظنّ المذكور منزل بمنزلة عدمه بمقتضى دليل اعتبار الخاصّ لأنّ مقتضاه تنزيل مؤدّى الخاص بمنزلة الواقع في رفع اليد بسببه عن عموم العام كما يظهر تقريبه ممّا عرفت ومن هنا يظهر أنّ تقديم الخاص على العام من باب التخصيص وتقديم أحد الظاهرين لقوّته ورجحانه لا من باب الورود أو الحكومة مختص بصورة خاصّة وهي كون الخاصّ ظنّيا مطلقا أو بحسب الدّلالة ويظهر أيضا أن ما تقدم من المصنف ره عند بيان الفرق بين الحكومة والتخصيص من كون الخاص مبيّنا للمراد بالعام بحكم العقل لأجل قوّة ظهوره وبعبارة أخرى كون تقديم الخاصّ من باب تقديم الأظهر على الظّاهر إنّما هو في الصّورة المزبورة وبقي في العبارة شيء وهو أنّ المراد بالنصّ في قوله فثبت أنّ النصّ وارد إلى آخره إن كان أعم من النصّ الحقيقي أعني ما لا يحتمل النقيض وما كان أظهر بالنّسبة إلى العام وحاصله دعوى ورود الخاص إن كان قطعي الدّلالة والسند وحكومته إن كان ظنيا سندا أو دلالة يرد عليه حينئذ سؤال الفرق في العام والخاص ظنّي الدّلالة بينما لو قلنا باعتبار أصالة الحقيقة من باب التعبّد وما لو قلنا باعتبارها من باب الظنّ النّوعي حيث حكم هنا بالحكومة علي الأوّل وبالمعارضة على الثّاني فيما يأتي من كلامه وسنشير إليه وإن أراد به النصّ الحقيقي أعني قطعي الدّلالة يرد عليه أوّلا إلغاء قوله في الجملة لأنّ ضمير كان في قوله إن كان ظنّيا في الجملة راجع إلى النصّ وظنّية النصّ لا تتصوّر إلاّ بحسب السّند وثانيا أنّه تبقى صورة معارضة العام والخاص ظنّي الدّلالة مسكوتا عنها في كلامه (قوله) فحالها حال الأصول العقليّة فتأمل إلخ لعل الأمر بالتّأمّل إشارة إلى كون اعتبار أصالة الحقيقة من باب التعبد المقيد على خلاف التحقيق لأنّ الحقّ اعتبارها إمّا من باب التعبد المطلق أو الظنّ النّوعي كذلك وقد مرّ تحقيقه في أوائل الكتاب عند بيان اعتبار الظّواهر(قوله) وإن فرض كونه أضعف الظنون إلخ يعني من حيث السّند كما يرشد إليه قوله نعم لو فرض الخاصّ ظاهرا أيضا إلى آخره (قوله) من باب معارضة إلخ يمكن منع المعارضة بناء على ما هو المفروض من اعتبار أصالة الحقيقة من باب الظنّ النّوعي لأن دليل اعتبار هذا الظنّ في الخاص حاكم عليه في العام بتقريب ما أسلفناه على تقدير اعتبارها من باب التعبد المطلق وبالجملة أنّ الظّهورين في أنفسهما وإن كانا متعارضين إلاّ أنّهما بضميمة دليل اعتبارهما يصير ظهور الخاصّ حاكما على ظهور العام ومع قطع النّظر عن دليل اعتبارهما فالتعارض بينهما ثابت وإن قلنا باعتبارهما من باب التعبّد المطلق فلا وجه لتخصيص المعارضة بصورة كون اعتبار أصالة الحقيقة من باب الظنّ النّوعي (قوله) وهذا نظير إلخ أي ما ذكره قبل قوله نعم لو فرض إلى آخره (قوله) ثم إنّ التّعارض على ما عرفت إلخ هذا إشارة إلى أحد الأمرين الذين أشرنا سابقا إلى خروجهما من الحدّ وتوضيح المقام أنّه قال في الضّوابط والمراد بالدليلين في هذا المبحث أعمّ من الأمارتين فيشمل الدّليل والأمارة وقال في المنية المراد بالدّليل هنا ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر بحيث يندرج فيه الأمارات ويشكل ذلك بما صرّح به المصنف رحمهالله من عدم إمكان وقوع التّعارض بين القطعيّات فلا جدوى لتعميم الدّليل من القطعي الذي اصطلحوا عليه الدّليل كما يظهر من الكلام المحكي عن المنية ومن الظني الّذي اصطلحوا عليه الأمارة كما يظهر من العضدي وغيره من أرباب الظنّ بل هو غير صحيح فالأولى تخصيصه بالأمارات الظنيّة ثم إنّه لا إشكال فيما أشار إليه من خروج تعارض القطعيين والظنيّين بالظنّ الشّخصي والقطعي مع الظنّي مطلقا نوعيا كان أو شخصيّا من محل الكلام وتوضيح المقام أنّ اعتبار الدّليل لا يخلو إمّا أن يكون باعتبار إفادته القطع أو الظنّ شخصا أو نوعا مطلقا أو مقيّدا بعدم الظنّ بخلافه ووجه الحصر في الأربعة أنّه ليس في الأدلّة ما نجزم باعتباره من باب التعبّد لأن الأصول العمليّة وإن كان قد يعبر عنها بالأدلة التعبّديّة إلاّ أنّه يحتمل فيها أيضا كون اعتبارها لأجل احتمال مطابقة مؤداها للواقع لا من باب التعبّد المحض و