فهذه من حيث الاعتبار والسند في مرتبة واحدة نظير المتعارضين من الكتاب فلا وجه لملاحظة القوة بحسب السّند وأمّا التخيير بعد عدم صحّة التّرجيح بالوجوه المتقدّمة أو مع فرض عدمها ففيه أيضا إشكال لأنّ الحكم بالتخيير إمّا يستفاد من نفس دليل اعتبار الاستصحاب أو من العقل وكلاهما فاسدان أمّا الأوّل فلأنّ أخبار الاستصحاب إنّما تدل على اعتباره في موارده تعيينا لا تخييرا مع أنّه لا إشكال في دلالتها على الوجوب التّعييني في الموارد السالمة عن المعارض فلو دلّت على العمل به تخييرا في موارد المعارضة لزم استعمال اللّفظ في المعنيين وأمّا الثّاني فإن حكم العقل بالتخيير فرع اعتبار المتعارضين بالذات كما سيصرح به المصنف رحمهالله في خاتمة الكتاب عند بيان حكم التعادل وقد أشرنا آنفا إلى عدم شمول أدلة الأصول للمتعارضات منها فإن قلت إن جميع ما ذكرت جار في متعارضات الأخبار أيضا لظهور أدلتها في العمل بها تعيينا لا تخييرا مع أنّه لا إشكال في ظهورها في ذلك في الموارد الخالية من المعارض فلو دلّت على العمل بها تخييرا في موارد التعارض لزم استعمال اللفظ في معنيين وكذا العقل إنّما يدل على التخيير في العمل بالمتعارضات منها على تقدير اعتبارها من حيث هي ولا دليل عليه بعد قصور أدلتها عن الشمول لها فكيف حكموا بالتخيير فيها مع عدم المرجّح قلت لو لا أخبار التّرجيح الناصّة بالتخيير مع عدم المرجّح لقلنا بالتساقط فيها أيضا وقد استرحنا فيه إليها نعم لو قلنا باعتبارها من باب السّببيّة دون الطّريقية كان المتجه فيها الحكم بالتخيير أيضا والحاصل أن حكم العقل بالتخيير كما سيجيء عند بيان حكم تعادل الخبرين إنّما هو فرع اعتبار المتعارضين وحيث قد عرفت عدم اعتبار الأصول المتعارضة فلا سبيل حينئذ إلى الحكم للعقل بالتخيير فيها وأمّا الأخبار فإن قلنا باعتبارها من باب الطّريقية فمقتضى القاعدة لو لا أخبار التخيير هو التساقط والرّجوع إلى مقتضى الأصول وإن قلنا باعتبارها من باب السّببية والموضوعيّة فمقتضى القاعدة هو التخيير فتخرج الأخبار حينئذ شاهدة له وسيجيء توضيحه في باب التعادل والترجيح (قوله) بعض ما يعتبر في التذكية إلخ كاشتراط التسمية المستفادة من قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (قوله) صرح بالجمع بينهما إلخ أنت خبير بأنّ اللّوازم الموجودة مع الملزوم في السّابق وكذا المعدومة إذا فرض كونها بأنفسها موردا للأصل بمعنى استصحاب وجود الأولى وعدم الثانية فأيّ ثمرة لاستصحاب نفس الملزوم بل الاستصحاب غير جار فيه حينئذ لأنّ معنى استصحاب الملزوم ترتيب آثاره عليه في زمان الشكّ فإذا فرض كون نفس الآثار موردا للأصل وجودا وعدما فلا معنى لاستصحاب الملزوم فمال القول بالجمع إلى إلغاء الاستصحاب في الملزوم وترجيح استصحاب اللّوازم عليه (قوله) وتبعه بعض من عاصرناه إلخ هو المحقق القمي ره (قوله) لكنّك قد عرفت إلخ أراد بذلك القدح في الإجماع المذكور بوجهين أحدهما أنه ينافيه خلاف الشيخ والمحقّق في مثال الفطرة واشتغال الذمّة الثاني أنّ الشكّ السّببي والمسبّب من قبيل الموضوع والحكم دائما وقد عرفت الخلاف في تقديم الاستصحاب في السّببي عليه في المسبّب (قوله) كما في الماء النّجس المتمّم كرّا إلخ إلى قوله دون الترجيح والتخيير في بعض النّسخ بدله قوله أولا فالأوّلان يحكم فيهما بالتساقط والثالث يحكم فيه بالجمع كما إذا شكّ في تعيين السّابق موتا من زيد وعمرو والحيين أو شك في تعيين الباقي من النجاسة والطهارة في الماء النجس المتمّم كرّا بطاهر أو شك في تعيين النجس من أحد الإناءين المعلوم طرو النجاسة على أحدهما والأقوى في هذا هو التساقط وفرض الأصلين كأن لم يكونا سواء كان مع أحدهما مرجّح أم لا فليس في تعارض الاستصحابين الترجيح ولا التخيير بعد فقد المرجّح بل الحكم من أوّل الأمر طرحهما نعم هذا كلّه إذا لم يمكن الجمع بأن يكون الجمع مستلزما لمخالفة تكليف معلوم أما إذا لم يكن كذلك وجب العمل بكليهما إن ترتب على كل من المستصحبين أثر شرعي وإلاّ اختصّ العمل بما له الأثر لأنّ مرجع الاستصحاب إلى ترتيب الآثار فهنا صور ثلاث الأولى ولا بد أن يكون على هذه النّسخة بدل قوله بعد ذلك وأمّا الصّورة الثالثة وأمّا الصّورة الرّابعة هكذا وأمّا الصّورة الثّانية وأمّا الصّورة الثالثة(قوله) ومثله استصحاب طهارة المحلّ في كلّ واحد إلخ قد حكى بعض مشايخنا عن شيخه صاحب الجواهر أن جواز الجمع بين الأصلين هنا إنّما هو من جهة عدم حجيّة الاستصحاب الجاري في حقّ أحد في حقّ الآخر فاستصحاب عدم جنابة أحدهما لا يثبت جنابة الآخر ولا العكس حتّى يقع التعارض بينهما وفيه أن أحدهما قد يحتاج إلى استئجار الآخر لكنس المسجد أو لفعل الصّلاة أو الحجّ عن ميّت بل الحيّ أيضا في الأخير مع عجز المستأجر بعد الاستطاعة أو نحو ذلك ممّا يتوقف صحّة الإجارة فيه على طهارة الأجير ولو في الظّاهر عند الموجر فلا وجه لمنع حجّية الاستصحاب الجاري في حق أحدهما في حقّ الآخر مطلقا(قوله) وجهان غالبا إلخ لعلّ المراد بهما تساقط الأصلين كما في الصّورة الأولى والثانية والجمع بينهما كما في الصّورة الثّالثة ولعلّ قيد الغلبة احتراز عن الرّابعة نظرا إلى ندرتها(قوله) هو عدم الترجيح إلخ بالمراجعة إلى ما علقناه على القسم الأوّل عند بيان القول بتعارض الأصل المزيل والمزال وملاحظة المرجّحات والتخيير مع عدمها تتبصر هنا(قوله) بالشرط المقدّم إلخ أي كون اعتبار الدّليلين من باب التعبّد والسّببيّة دون الطريقية(قوله) وقد عرفت إلخ حاصله بيان الفرق بينما نحن فيه والمثال المذكور الّذي من قبيل قوله أكرم العلماء وأنقذ كلّ غريق (قوله) فلم يخرج عن عموم إلخ كما هو كذلك فيما ذكره من مثال الاستصحاب لأنّ الخارج فيه كالباقي هو الواحد التخييري (قوله) وتتضح ذلك إلخ أي إجماع العلماء على العمل بالاستصحاب الّذي يترتب عليه أثر شرعيّ دون ما لم يترتب عليه ذلك (قوله) وفي القسم الثاني إلخ معطوف على قوله في القسم الأول والمراد دخوله في الشق الثاني من القسم الثاني قد تمّ الجزء الثّالث بيد مصنّفه الجاني موسى بن جعفر بن أحمد بن لطف علي بن محمّد صادق التّبريزيّ يوم الثّلاثاء من شهر الجمادى الثّانية من شهور السّنة الثّانية بعد ألف ومائتين وتسعين قد مضين من الهجرة المصطفوية علي هاجرها آلاف ثناء وتحيّة وأسأل الناظرين فيه أن يغمضوا عمّا اطلعوا عليه من الزّلل والخطإ وأن يصلحوا ما استطاعوا وما توفيقي إلاّ بالله وله الحمد أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلّى الله على أشرف المرسلين وعترته المعصومين سنة ١٢٩٢