أحدهما المنع ولا يلتفت إلى من يقول الإجماع على جواز عتقه فإنّ الإجماع لا يتحقق من رواية واحدة وفتوى اثنان أو ثلاثة والجواب الآخر الفرق بين الكفارة ووجوب الزّكاة بأنّ العتق إسقاط ما في الذّمة من حق الله وحقوق الله مبنية على التخفيف والفطرة إيجاب مال على المكلف ولم يثبت سبب وجوبه انتهى وقال في أصول المعتبر الثّالث يعني من أقسام الاستصحاب استصحاب حال الشرع كالمتيمّم يجد الماء في أثناء الصّلاة فيقول المستدل على الاستمرار صلاة مشروعة قبل وجود الماء فيكون كذلك بعده وليس هذا حجّة لأنّ شرعيّتها بشرط عدم الماء لا يستلزم الشرعيّة معه ثم مثل هذا لا يسلم عن المعارضة بمثله لأنّك تقول الذّمة مشغولة قبل الإتمام فتكون مشغولة بعده انتهى وليعلم أنّ ما نقله المصنف رحمهالله عن الشيخ في المبسوط نقله في المعتبر عن الخلاف والأمر فيه سهل وكيف كان فظاهر المحقّق بل صريحه في أصول المعتبر تعارض الاستصحابين وتساقطهما وأمّا الشّيخ فيحتمل في كلامه أيضا ذلك وترجيح استصحاب عدم الوجوب لمرجّح خارجي وقد تقدّم سابقا أنّ هذا أحد الأقوال في المسألة فتكون المسألة ذات أقوال أربعة أحدها تقديم الشكّ السّببي وهو الأقوى وفاقا للمصنف رحمهالله وجماعة من محققي المتأخرين وثانيها الجمع بين الأصلين واختاره جماعة منهم صاحب الرّياض والمحقق القمي قدسسرهما وثالثها الحكم بالتعارض والتساقط وقد عرفته من المحقّق قدسسره ورابعها الحكم بالتّعارض وملاحظة المرجحات الخارجة ومع عدمها التخيير وقد تقدّمت حكايته عن الفاضل الكلباسي في آخر مبحث التعادل والتّرجيح وقد استوفي المصنف رحمهالله الكلام في بيان القول المختار ومن التأمّل فيه يظهر سقوط القول بالسّقوط للتعارض وأمّا القول بالجمع فسيشير المصنف رحمهالله إلى ضعفه وسنشير أيضا إلى تتمّة الكلام فيه وأمّا القول الرّابع فليعلم أن المرجّح إمّا أن يكون اجتهاديّا ناظرا إلى الواقع وكاشفا عنه أو فقاهتيا مأخوذا في موضوعه الجهل بالواقع مثل تعاضد أحد الأصلين المتعارضين بأصل آخر وعلى الأوّل إمّا أن يكون مثبتا لحكم فرعي كموافقة الشّهرة في المسألة الفرعيّة أو لحكم أصولي كموافقة الشّهرة في المسألة الأصولية مثل شهرة تقديم الاستصحاب الموضوعي على الحكمي والوجودي على العدمي وأمّا المرجّح الاجتهادي المثبت لحكم فرعي ففيه أنّ الاستصحاب معتبر من باب التعبّد في مورد الجهل بالواقع بمعنى أخذ الجهل في موضوعه والشهرة كاشفة عن الواقع فتختلف مرتبتهما فلا يصلح أحدهما مرجّحا للآخر مع أنّ هذا قول بحجّية الشّهرة في نفسها لا ترجيح لأحد الأصلين بها الّذي هو فرع عدم حجيّتها في نفسها لأن العلم إجمالا بارتفاع الحالة السّابقة في مورد أحد الأصلين يوجب خروج كلّ واحد من المتعارضين من عموم قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشكّ كما أوضحه المصنف رحمهالله عند بيان حكم القسم الثاني أعني ما كان التعارض فيه ناشئا من أمر ثالث فالترجيح بالشّهرة في الحقيقة عمل بالشّهرة الموافقة لأحدهما لا بأحدهما الموافق لها بخلاف التّرجيح في متعارضات الأخبار لأنّه فرع اعتبار المتعارضين منها كما قرّر في محلّه وأمّا المرجّح الاجتهادي المثبت لحكم أصوليّ فيرد عليه مضافا إلى ما عرفته في سابقه من عدم اتحاد مرتبتهما أنّ التّرجيح بالشّهرة في متعارضات الأخبار إمّا لكشفها ظنّا عن وجود دليل دال على تقديم الخبر الموافق لها فتكون مؤيدة لاعتباره وإمّا عن وجود دليل آخر مثبت لما أثبته الخبر الموافق له وهما منتفيان فيما نحن فيه أمّا الأوّل فإن المظنون عدم وجود خبر يدلّ على تقديم الأصل الموافق للشهرة أو الإجماع المنقول مثلا على القول بعدم حجيته ولذا ترى أن الأخبار العلاجية مع كثرتها ليس فيها من الترجيح في متعارضات الأصول عين ولا أثر وأمّا الثّاني فلعدم أصل آخر لنا سوى الأصول المعروفة بأيدينا حتّى نكشف الشهرة مثلا عنه لكون انحصار الأصول في الأربعة عقليّا وأمّا المرجّح الفقاهتي كتعدد الأصول من جانب دون آخر فليعلم أنّ مراتب الأصول مختلفة فإن كان الأصلان المتعارضان مرتبتهما دون مرتبة الأصل المعاضد لأحدهما لحكومته عليهما كأصالتي البراءة إذا كانت إحداهما موافقة للاستصحاب مثلا فلا وجه لعدّه من المرجحات لفرض عدم جريانهما مع وجوده وإن كانت مرتبتهما فوق مرتبته لحكومتهما عليه كالاستصحابين إذا كان أحدهما موافقا لأصالة البراءة فلا وجه لعده أيضا من المرجّحات لفرض عدم جريانه مع وجودهما وإن كانت مرتبتهما متحدة مع مرتبته كتعارض استصحابين مع استصحاب وبراءتين مع براءة فالأقوى فيه أيضا عدم صحّة الترجيح لأن كلّ مورد تعارض فيه أصلان قد علم بخروج أحدهما من عموم دليلهما للعلم إجمالا بمخالفة أحدهما للواقع لا محالة فمع تعدد المتعارضين من طرف دون الآخر يدور الأمر بين قلة الخارج وكثرته ومعه لا دليل على الترجيح بالكثرة نظير ما لو علم بورود مخصّص على قولنا أكرم العلماء إلاّ أنّه دار الأمر بين كون الخارج فردا أو فردين بأن كان المخصّص قولنا لا تكرم عمرا العالم أو قولنا لا تكرم الزيدين العالمين لصيرورة العام مجملا بالنسبة إليهما وعدم ظهوره في خصوص أحد المتحملين نعم لو دار الأمر في الخارج بين الأقل والأكثر بحيث كان الأقل مندرجا تحت الأكثر يؤخذ بالأقل لكونه متيقنا ويدفع المشكوك فيه بظهور العام لأنّ العام ظاهر في الشمول للجميع والمتيقن من خروج الخارج ما كان خارجا على كل تقدير وهو الأقلّ بخلاف ما لو كان المحتملان من قبيل المتباينين لإجمال العام بالنسبة إليهما كما عرفت وإن دار الأمر فيهما بين الأقلّ والأكثر وما نحن فيه من تعارض الأصول مع التعدد من أحد الجانبين من قبيل ذلك بالنسبة إلى العمومات المثبتة لها إن كان اعتبارها بأدلة لفظية وإن كان اعتبارها بغير دليل لفظي فأولى بعدم الترجيح بالكثرة والعدد لفرض عدم ظهور لفظي لدليلها حينئذ وليس ما نحن فيه أيضا من قبيل ما دار الأمر فيه بين قلّة التّخصيص وكثرته حتّى يدفع التخصيص الزّائد المشكوك فيه بأصالة عدمه بل من قبيل ما دار الأمر فيه بين قلة المخصّص بالفتح وكثرته مع اتحاد التخصيص كما عرفته من مثال أكرم العلماء ولا تكرم عمرا ولا تكرم الزّيدين لأنّ الخارج من عموم أدلة الأصول هو أحد الأصلين مع معاضده بتخصيص واحد أو معارضه العاري عن المعاضد وقد عرفت إجمال العام في مثله وبالجملة أنّه قد ظهر ممّا ذكرنا عدم صحّة التّرجيح في متعارضات الأصول بالكثرة والعدد وقد زاد صاحب الإشارات بعد التّصريح بجواز التّرجيح بالشّهرة والكثرة وجها آخر في التّرجيح وهو قوّة دليل أحد الأصلين بالنسبة إلى دليل الآخر فيرجح ما هو أقوى دليلا منهما وفيه ما لا يخفى لأنّ أدلّة الأصول الأربعة كلّها قطعية سواء قلنا باعتبارها من باب العقل أو الشّرع