المخالفة ثلاثة أحدها الحكم بالتعارض والتساقط وثانيها الجمع بين الأصلين والعمل بهما في موردهما وهو لجماعة منهم صاحب الرّياض والمحقق القمي قدسسرهما كما سيشير المصنف رحمهالله إليه وإلى سابقه وثالثها إعمال مرجحات التعارض ثم التخيير بينهما وهو الظّاهر من جماعة ومنهم الفاضل الكلباسي في آخر مسألة التعادل والتّرجيح ولكن لم يظهر هذا من المعتنين بالفقه كالفاضلين والشّهيدين وأمثالهم وسنشير إلى ما يتعلق بالأقوال عند بيان ما نقله المصنف رحمهالله من الخلاف عن جماعة (قوله) لوجوه إلخ تعليل لقوله واللاّزم تقديم الشكّ السّببي إلخ ولا يذهب عليك أنّ هذه الوجوه تبلغ تسعة وقد أشار المصنف رحمهالله إلى أكثرها أربعة منها بعنوان مستقل وأشار إلى الخامس والسّادس وهما السّيرة وبناء العقلاء في ضمن الدّليل الأوّل وإلى السّادس بالخصوص بعد الفراغ من الأدلّة بقوله ويشهد لما ذكرناه إلى آخره وإلى السّابع بما نقله عن الشيخ علي في حاشية الرّوضة من الإجماع على تقديم الاستصحاب الموضوعي على الحكمي وليس الوجه فيه سوى كونهما من قبيل المزيل والمزال وأمّا الثّامن والتّاسع فهما ما تمسّك به بعض مشايخنا أمّا الأوّل فإن العمل بالظواهر واجب ما لم يثبت دليل مخرج منها والعمل بالاستصحاب في الشكّ السّببي موجب لبقاء قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشّكّ على ظاهره لخروج الشكّ المسبب منه حينئذ بحسب الموضوع لكون زوال النجاسة عن الثوب النّجس من آثار غسله بالماء المستصحب الطّهارة بخلاف العمل بالاستصحاب في الشكّ المسبّب لأنّه موجب لخروج الشكّ السّببي من عموم حكمه لعدم كون نجاسة الماء من آثار استصحاب نجاسة الثّوب فالعمل بالاستصحاب في الشكّ المسبب مخصّص لعمومه لا محالة والأصل عدم التّخصيص وبالجملة أنّه مع دوران الأمر في فرد بين إخراجه من حكم العام أو موضوعه فالثاني أولى لعدم استلزامه ارتكاب خلاف الظّاهر فيه بخلافه على الأوّل كما قرّر في باب تعارض الأحوال عند دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص وأمّا الثّاني فإنّهم قد أجمعوا على تقديم الأصول اللفظيّة على العملية مثل أنّه إذا ورد عام ثم شكّ في تخصيصه بإخراج بعض أفراده ذاتا أو بحسب الأحوال كما لو ثبت حرمة العصير بإطلاق دليل لفظي أو عمومه فإذا شكّ في بقاء حرمته بعد ذهاب ثلثيه بالهواء يتمسّك بأصالة الإطلاق أو العموم لا باستصحاب الحرمة أو أصالة البراءة عنها وليس الوجه فيه سوى كون الشكّ في بقاء الحرمة السّابقة أو في الإباحة مسبّبا عن الشكّ في إطلاق الدّليل أو عمومه بالنسبة إلى حالة ذهاب ثلثيه بالهواء فإذا زال الشكّ عن الإطلاق أو العموم بأصالة الحقيقة يرتفع الشكّ عن مورد الأصلين وإنّما لم يذكر المصنف رحمهالله الوجوه الخمسة الأخيرة في تضاعيف الأدلّة بحيالها فإنّ الخامس والسّادس لم يثبتا على وجه يعتمد عليه في المقام ولذا جعلهما مؤيّدين للدّليل الأوّل لا دليلا بحياله وأمّا السّابع فلمّا أشار إليه المصنف رحمهالله من المناقشة في تحقّق الإجماع المذكور وأمّا الثامن فإن مرجعه إلى الدّليل الثّاني من الأدلّة الّتي ذكرها المصنف رحمهالله كما سنشير إليه وإلى أن الفرق بينهما إنّما هو بحسب العبارة وأمّا التّاسع فإن الإشكال في تقديم المزيل والمزال إنّما هو مع اتحاد دليلهما كالأخبار في مثال غسل الثوب النجس بالماء المستصحب الطّهارة واعتبار الأصول اللفظيّة من باب بناء العقلاء فإذا ثبت بناؤهم على تقديم ظواهر الألفاظ على الأصول العمليّة فهو لا يثبت المطلوب مع اتحاد دليلهما وتساويهما في الاندراج تحته ويمكن أن يحتج للمقام بوجه عاشر وهو أنّ الأصل في الشكّ السّببي والمسبّب لا يخلو إمّا أن يعمل به في كلّ منهما أو لا يعمل به في شيء منهما أو يعمل به في الثّاني خاصة أو في الأوّل كذلك وما عدا الأخير باطل أمّا بطلان الأوّل فلمّا أشار إليه المصنف رحمهالله في إبطال القول بالجمع وأمّا الثّاني فلمنافاته لدليل اعتبار الأصل وأمّا الثّالث فلعدم ظهور قول به فتعين الأخير وبوجه حادي عشر وهو أن الاستصحاب ليس بمؤسس لحكم شرعي في مقابل الأحكام الخمسة ولا في مقابل خصوص المتيقن السّابق بل معناه في الموضوعات تنزيل المشكوك فيه منزلة المعلوم في ترتيب آثاره عليه وفي نفس الأحكام الحكم بوجودها في زمان الشكّ تنزيلا في المشكوك فيه منزلة المعلوم فمعنى استصحاب طهارة الأرض المنشور عليها ثوب مستصحب النّجاسة هو تنزيل هذه الأرض منزلة معلوم الطهارة في جواز ملاقاتها وجواز السّجود والتيمّم عليها ومعنى استصحاب نجاسة الثّوب ترتيب آثار النّجس الواقعي عليه من وجوب الاجتناب عنها في الصّلاة وتنجس ملاقيه ونحوهما فكما أنّ طهارة الأرض بالذات لا تنافي عروض النجاسة عليها بالملاقاة للنّجس الواقعي كذلك طهارة الأرض المذكورة من حيث ملاحظة كونها مستصحبة الطهارة بالذّات لا ينافي عروض النجاسة عليها بسبب الملاقاة للمستصحب النجاسة فالأرض طاهرة من حيث ملاحظة كونها مستصحبة الطهارة ومتنجسة من حيث ملاحظة كونها ملاقية للنجاسة المستصحبة(قوله) يعني أن نقض اليقين به إلخ يعني نقض اليقين في مورد الشكّ المسبّب بسبب جريان الاستصحاب في الشكّ السّببي ثم إن حاصل هذا الدّليل هو دوران الأمر في المقام بين إخراج بعض أفراد العام من حكمه وموضوعه وبعبارة أخرى دوران الأمر فيه بين التخصيص والتّخصّص ويمكن تقرير الدّليل بالعبارتين أمّا الأولى كما هو ظاهر المصنف رحمهالله فبأن يقال إنّ إجراء الأصل في الشكّ السّببي موجب لخروج الشكّ المسبّب من موضوع لا تنقض اليقين بالشكّ بالدّليل لأنّ من آثار طهارة الماء المستصحبة المغسول به ثوب نجس ارتفاع النجاسة عن الثوب بخلاف العكس لأنّ نجاسة الماء ليست من آثار نجاسة الثوب التامة بالاستصحاب لعدم كونها من آثار نجاسته شرعا وإن لزمتها عقلا فإخراج الشكّ السّببي من العموم بسبب إجراء الاستصحاب في الشكّ المسبّب من باب التخصيص بلا مخصّص ولا ريب أنّه إذا دار الأمر بين خروج فرد من موضوع العام بدليل وخروج فرد آخر من حكمه بلا دليل فالمتعيّن هو الأوّل وأمّا الثانية فبأن يقال إنّه مع إجراء الاستصحاب في الشكّ السّببي يلزم إخراج الشكّ المسبّب من موضوع النّهي في قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين ومع إجرائه في الشكّ المسبّب يلزم إخراج الشكّ السّببي من النّهي كما عرفته في التقرير الأوّل فيدور الأمر حينئذ بين التّخصيص والتخصّص والمقرر في باب تعارض الأحوال تقدم الثاني علي الأوّل لأنّ الأوّل موجب لارتكاب خلاف الظاهر في العموم اللّفظي بخلافه على الثّاني لبقاء العموم حينئذ على ظاهره والعمل بأصالة الحقيقة بحسب الإمكان واجب (قوله) ودعوى أنّ اليقين إلخ حاصله أنّ الشكّ السّببي والمسبّب من أفراد الشكّ المأخوذ في دليل الاستصحاب فلا وجه لإخراج أحدهما من العموم بإدخال الآخر وأنت خبير بأنّ ضعف هذه الدّعوى قد ظهر ممّا ذكره في سابقها بحيث صارت إعادتها ثانيا والتصدي للجواب عنها كالمستغنى عنها فالأولى ترك ذكرها إلى قوله وقد يشكل (قوله) أولا بأن معنى عدم نقض إلخ