ونحوه حرمة العصير قبل ذهاب ثلثيه بالنار بحيث لم يظهر شموله لصورة ذهاب ثلثيه بالهواء ولذا صار هذا محلّ شبهة ولكن لا يمكن التمسّك فيه بقوله عليهالسلام كل شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي لصدق الغاية مع ذهاب الثلثين بالهواء إذ يصدق أنّه ممّا ورد فيه نهي ولو باعتبار وروده قبل ذهاب ثلثيه وتوضيح الجواب أنّ العصير قبل ذهاب ثلثيه موضوع وبعده موضوع آخر فثبوت النّهي في الأوّل لا يوجب ثبوته في الثّاني وإن اشتركا في كونهما فردين من العصير ولكن النّهي عن بعض أفراد العام لا يوجب النّهي عن فرد آخر فإن قلت إن فرض كونهما فردين متغايرين فكيف يجعل ذلك من موارد تعارض الاستصحاب مع قاعدة البراءة ويشترط في الأوّل اتحاد الموضوع في القضيّة المتيقنة والمشكوكة حتّى يصدق معه البقاء والارتفاع قلت نعم ولكنّ المدار في اتحاد الموضوع والبقاء والارتفاع على الصّدق العرفي لا المداقة العقليّة كما تقدّم في محلّه ومع عدم الاتحاد عرفا لا مسرح للاستصحاب والمقام ليس كذلك وإنّما قلنا وقد ثبتت بالإجماع ونحوه إذ لو ثبتت بعموم دليل لفظي أو إطلاقه لم يكن مجرى للاستصحاب وأصالة البراءة أصلا(قوله) نهي وارد في رفع إلخ حاصله أنّه قوله عليهالسلام كلّ شيء مطلق وإن أثبت إباحة العصير بعد ذهاب ثلثيه بالهواء من حيث كونه مشكوك الحكم إلاّ أنّ استصحاب النّهي السّابق رافع لهذه الإباحة والرّخصة وبهذا يدخل العصير بعد ذهاب ثلثيه بالهواء في الغاية دون المعنى وحاصل الجواب أنّ ظاهر قوله كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي هو بيان الرّخصة ما لم يصل النّهي عن الشّيء من حيث عنوانه الخاصّ لا من حيث إنّه مشكوك الحكم فيدلّ على إباحة كلّ شيء لم تعلم حرمته واقعا والمراد بالنّهي في قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشكّ هو المنع من نقض الحالة السّابقة في المورد المشكوك البقاء من حيث كونه مشكوك البقاء فهو يفيد الحرمة الظّاهريّة في مورد لم يعلم ارتفاع النّهي الواقعي الثّابت في السّابق وحينئذ فكما يمكن أن يقال إنّ المراد بالرخصة في الرّواية الأولى غير مورد تحقق النّهي السّابق كذلك يمكن أن يقال إنّ المراد بالنّهي في الرّواية الثانية غير مورد ثبوت الرّخصة للشّيء من حيث كونه مشكوك البقاء فتتعارضان فتتساقطان (قوله) ولا فرق فيما ذكرنا بين الشبهة إلخ في إطلاق كلامه نظر إذ أصالة البراءة في الشبهات الموضوعيّة قد تكون حاكمة على الاستصحاب كما إذا بلغ ماله مقدار الاستطاعة للحجّ لو لم يكن عليه دين ولكن شكّ في اشتغال ذمّته بمقدار من الدّين بحيث لا يفي ماله بالحجّ بعد إيفائه إذ أصالة البراءة عن هذا الدّين حاكمة على استصحاب عدم الاستطاعة باعتراف من المصنف رحمهالله في مسألة البراءة فلا بد من ملاحظة المقامات وضابطة الحكومة(قوله) بل الأمر في الشبهة الموضوعية أوضح إلخ قد تقدم الكلام في ذلك في صدر الكتاب عند الكلام في فروع العلم الإجمالي عند بيان جواز المخالفة الالتزاميّة في الشبهات الحكميّة والموضوعيّة فراجع حتى تتبصر هنا(قوله) والحرّية في المملوك إلخ فيه نوع مسامحة لعدم كون أصالة الحرّية من أفراد الاستصحاب بل هي قاعدة أخرى في كلّ إنسان مشكوك الحرّية والرّقية(قوله) ولو أريد من الحلية إلخ بأن أريد بها قاعدة الصّحة في شراء الثوب والمملوك واستصحاب عدم النّسب والرّضاع في المرأة وهما حاكمان على استصحاب الحرمة وأنت خبير بأنّه إنّما يتم إن كانت قاعدة الصّحة عامّة لفعل الشّاكّ أيضا اللهمّ إلاّ أن يريد بها قاعدة الشكّ بعد الفراغ وهو أيضا إنّما يتم على تقدير عموم هذه القاعدة أيضا لصورة تذكر الشاك للواقعة على ما وقعت عليه كما هو ظاهر الرّواية وقد تقدّم استشكال المصنف رحمهالله فيه في الموضع السّابع من المواضع المتعلّقة بالقاعدة مع أنّ استصحاب عدم النسب إنّما يتم على القول بالأصول الثلاثة فتدبر(قوله) فهو لا يجامع إلخ حتّى يلاحظ فيه حكم التّعارض والتّرجيح لأن الواقعة إن كانت مسبوقة بالتّكليف فهي مورد لاستصحابه وإن كانت مسبوقة بعدمه فهي مورد لاستصحاب البراءة فهما لا يجتمعان أصلا(قوله) وأمّا استصحاب الاشتغال إلخ يعني بعد الموافقة الاحتماليّة بالإتيان بأحد المحتملين كما في مثال الظّهر والجمعة وكذا القصر والإتمام فإنّه بعد الإتيان بإحداهما يستصحب الاشتغال فيحكم بوجوب الإتيان بالأخرى (قوله) أو بواسطة أمر خارج إلخ كالعلم الإجمالي في موارده (قوله) إلى غير ذلك مثل وجود مرجح لأحد الاستصحابين وعدمه وعلى الأوّل كون المرجّح من الأصول أو غيرها وعلى الثّاني إمّا أن يكون من الظّنون المعتبرة أو لا وعلى التقادير إمّا أن نقول باعتبار الاستصحاب من باب الوصف أو السببيّة إلى غير ذلك ثمّ إنّ ما ذكره المصنف رحمهالله أيضا ينشعب إلى أقسام مثل كون الموضوع صرفا أو مستنبطا أو متعلقا لحكم تكليفي أو وضعي والحكم كليّا أو جزئيّا تكليفيّا أو وضعيّا إلى غير ذلك فإن قلت إن فرض تعارض الاستصحابين في موضوع واحد مشكل بل ممتنع لعدم إمكان وجود حالتين سابقتين لموضوع واحد حتّى يمكن استصحابهما معا كما هو قضيّة التعارض ولعل إدراج المصنف رحمهالله ذلك في الأقسام لاستيفاء الأقسام المقصورة عقلا لا الواقعة منها شرعا قلت نمنع عدم الإمكان لإمكان فرضه في مثل الجلد المطروح فإن استصحاب الطّهارة الثابتة حال الحياة يقتضي طهارته واستصحاب عدم التّذكية يقتضي كونه ميتة وهو مستلزم لنجاسته نعم ما ذكره النّراقي من تعارض استصحاب الوجود والعدم في محل واحد قد أوضح المصنف رحمهالله فساده سابقا(قوله) وهي أنّ الشكّ في أحد الاستصحابين لا يخفى أنّ الشكّ المأخوذ في موضوع الاستصحابين بحسب التصوير العقلي لا يخلو إمّا أن يكون أحدهما مسبّبا عن الآخر وإمّا أن يكون كلّ منهما مسبّبا عن سبب مغاير لسبب الآخر وإمّا أن يكونا مسبّبين عن ثالث وإمّا أن يكون كلّ منهما مسبّبا عن الآخر ولا سبيل إلى الأخير لعدم تعقّله كما أشار إليه المصنف رحمهالله فما صدر عن النّراقي من إدراجه تحت الأقسام وتمثيله له بالعامين من وجه ممّا لا وجه له كما أوضحه المصنف رحمهالله وأمّا عدم إشارة المصنف رحمهالله إلى القسم الثاني مع صحّته ووقوعه شرعا فلكونه في حكم القسم الثّالث كما سنشير إليه ومثال الأوّل الثوب النّجس المغسول بالماء النّجس المسبوق بالطهارة وكذا الثوب المستصحب النجاسة المنشور على الأرض الطّاهرة والثّاني مثل واجدي المني في الثوب المشترك لأن شك كلّ منهما في جنابته مسبّب عن وجدانه المني في الثّوب أو عن علمه إجمالا بجنابته أو جنابة صاحبه فهنا إشكال مسببان عن أحدهما وعلمان إجماليّان مسبّبان عن الأول خاصة والثّالث كالماء النّجس المتمّم بالطّاهر كرّا لأنّ الشكّ في بقاء المتمم بالفتح على نجاسته والمتمم بالكسر على طهارته مسبّب عن علم إجمالي باتحاد حكم الماءين إجماعا وكالمتوضي بالماء المشتبه النجاسة فإنّ الشكّ في بقاء طهارة البدن وكذا في بقاء الحدث مسببان عن الشكّ في نجاسة الماء أو عن العلم الإجمالي بارتفاع واحد من الطهارة والحدث (قوله) القسم الأوّل إلخ اعلم أنّ هذه المسألة هي المعنونة بمسألة المزيل والمزال وقد حكي عن الفاضل النّراقي أنّه المبتدع لها ولا سابق له في ذلك حيث عنون المسألة ورجح المزيل على المزال وهو الأقوى وفاقا له ولجماعة من محققي مقارب عصرنا ومنهم المصنف ره (قوله) خلافا لجماعة إلخ اعلم أنّ الأقوال