ما لو شهدت بكون يوم معيّن أوّل شهر أو بطهارة ماء مخصوص كما تقدّم ومرجع الشكّ هنا إلى الشكّ في صحّة اعتقاد البينة وعدم خطائها في بعض مقدّمات اعتقادها فلا مسرح لقاعدة الحمل على الصّحة في مثله اللهمّ إلاّ أن يحمل اعتقاد البينة على الصّحة بناء على جريان القاعدة في الاعتقادات وثانيها أن يحمل إقدام البينة على الشّهادة وتعرضها لها على الصّحة لأنّه أيضا فعل من أفعال المسلم منقسم إلى الصّحيح والفاسد فيحمل الفرد المشكوك فيه منه على الصّحة والفرد الصّحيح منه ما كان ممضى عند الشّارع وترتب الأثر على ما أقدمت عليه والفاسد ما لم يكن كذلك وثالثها أنّ المعتبر في الشهادة لما كان ما وقع على وجه الجزم واليقين دون الظنّ والتردّد فظاهر الشهادة على وجه الجزم استنادها إلى الحسّ دون النّظر والاجتهاد لندرة حصول القطع منه فحينئذ يؤخذ بظاهرها ولا يلتفت إلى احتمال ابتنائها على الاجتهاد ولكن يشكل ذلك بمنع ندرة حصول اليقين من الأدلّة الاجتهاديّة لأنّه إن أريد به اليقين الوجداني فهو متجه إلاّ أنّه لا دليل على اعتباره في جواز شهادة الشاهد لأنّ الأدلّة الاجتهاديّة إذا ثبت اعتبارها شرعا أفادت اليقين الشّرعي وجاز للشّاهد بناء شهادته عليه وإن لم تكن معتبرة شرعا فعدالته مانعة من الاقتحام في الشهادة من دون مستند شرعي ورابعها وهي العمدة في المقام أنّ المشهود به إن كان من الأمور الّتي لها أسباب نظرية بحيث تكون الشهادة مستندة إليها غالبا وإن استندت إلى الحسّ في بعض الأحيان وجب على الحاكم حينئذ أن يسأل الشّاهد عن السّبب ولا يعتني بإطلاق الشهادة من دون ذكر السّبب وإن كان ممّا له أسباب نظريّة وحسيّة وكان الغالب استناد الشهادة إلى الحسيّة منها فالفرد المشكوك فيه يحمل على الغالب ولا يجب عليه السّؤال عن السّبب حينئذ لبناء العقلاء على هذه الغلبة في باب الشّهادة في عدم الالتفات إلى احتمال استنادها إلى الأسباب الاجتهادية الّتي يحتمل فيها الخطاء ولعلّه إلى ذلك ينظر كلام الشّهيد في قواعده لأنّه بعد الحكم بحمل إخبار المسلم على الصّحة قال يشترط في بعض الموارد هنا ذكر السّبب عند اختلاف الأسباب كما لو أخبر بنجاسة الماء فإنّه يمكن أن يتوهّم ما ليس بسبب سببا وإن كانا عدلين اللهمّ إلاّ أن يكون المخبر فقيها يوافق اعتقاده اعتقاد المخبر ومنه عدم قبول شهادة الشّاهد باستحقاق الشفعة أو بأن بينهما رضاعا محرّما لتحقّق الخلاف في ذلك وبأوليّة شهر أو بإرث زيد من عمرو أو بكفره والصّور كثيرة إلى أن قال وبالجملة لا ينبغي للشاهد أن يرتب الأحكام على أسبابها بل وظيفته أن ينقل ما سمعه منها من إقرار أو عقد بيع أو غيره أو ينقل ما رآه وإنّما ترتيب المسبّبات وظيفة الحاكم فالشّاهد سفير والحاكم متصرّف انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه وهذا خلاصة الكلام في تحقيق عموم اعتبار قول البينة وقد تقدّم في تضاعيف الأدلّة ما يدلّ على كفاية الاثنين في الشهادة بحيث يكون هذا أصلا في الباب يدفع به احتمال اعتبار العدد الزّائد عليهما في بعض الموارد وبعد إثبات كفاية الشّاهدين ثبت اعتبار الزائد عليهما بالأولويّة والله العالم بحقيقة الحال (قوله) من الدّاخل إلخ متعلق بقوله خرج (قوله) عموما إلخ أي في جميع أفعاله وأقواله (قوله) وشبههما كقول الطبيب وإخبار المقوّم عن القيمة ونحوهما(قوله) أوجب ذلك حجيّة إلخ حاصله أنا إن قلنا بأصالة مطابقة اعتقاد المسلم للواقع وقد تقدّم أيضا أنّ الأصل في الخبر هو الكشف عن معتقد المخبر فلازم هاتين المقدّمتين حجيّة كلّ خبر أخبر به المسلم وهو واضح (قوله) ويترتب على ما ذكرنا إلخ لأنّ المناط في قبول تذكية أهل الرّجال هو اعتقاد المذكي بعدالة الرّاوي لا إخباره عن الواقع وحيث فرض كون الكتابة كالقول كاشفة عن الاعتقاد تحقّق فيها مناط قبول الشهادة بعدالة الرّاوي ونحوه الكلام في مسألة الاقتداء (قوله) ومجمل القول فيها إلخ توضيح هذا الإجمال على ما يسعه المجال وتقتضيه الحال أنّه لا إشكال في اعتبار قاعدة القرعة وقد نطق بها الكتاب وتواترت بها الأخبار قال الله تبارك وتعالى في قصّة يونس على نبيّنا وعليهالسلام فساهم فكان من المدحضين المراد بالمساهمة المقارعة وبكونه من المدحضين صيرورته معلوما بالقرعة ممتازا عن غيره والإدحاض الإزالة والإبطال والمعنى صار من المقروعين المعلومين المقهورين كما في المجمع وصورة الواقعة كما في الخبر أنه عليهالسلام لمّا وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمر الله به فركب في السّفينة فوقفت السّفينة فقالوا هنا عبد أبق عن مولاه فأقرعوا فخرجت القرعة على يونس عليهالسلام فرمى بنفسه في الماء فالتقمه الحوت وأمّا الأخبار فكثيرة مذكورة في محلّها وموردها أعمّ من المشتبه في الواقع والظّاهر بمعنى كون المشتبهين متساويين في الاندراج تحت عموم الأدلّة الواقعية كتزاحم الإمامين أو المترافعين عند الحاكم أو المتدرّسين عند المدرّس وغيرها ممّا أجمع الأصحاب على الرّجوع فيها إلى القرعة مع كونه غير معيّن في الواقع والظّاهر ومن المشتبه في الظّاهر المعيّن في الواقع كما في اختلاط الموتى في الجهاد وتلف درهم من الودعيين والعبد المعتق بين الاثنين أو أكثر إلى غير ذلك ولا إشكال في اعتبارها في المقامين لأنّه كما ورد أنّ القرعة لكل أمر مشتبه أو لكل أمر مجهول الظّاهر فيما كان مشتبها في الظاهر فقط كذلك قد ورد أنّها لكلّ أمر مشكل الظّاهر فيما لم يكن معينا لا في الظّاهر ولا في الواقع فهي كما تصلح لتمييز الشبهة في الظاهر خاصّة كذلك تصلح لترجيح ما لم يكن معينا في الواقع أيضا فما صدر عن الشّهيد الثّاني في موارد من اختصاصها بالمشتبه في الظّاهر خاصّة استنادا إلى أنّها لكلّ أمر مشتبه ليس كما ينبغي مضافا إلى ما ورد في خصوص المشتبه في الواقع مثل صحيحة الحلبي فمن قال أوّل مملوك أملكه فهو حرّ فورث سبعة جميعا قال يقرع بينهم وعتق الّذي خرج سهمه وإلى أن تزاحم الإمامين أو المترافعين أو المتدرّسين ممّا أجمع الأصحاب حتّى الشّهيد الثّاني على اعتبار القرعة فيه ثمّ إنّ ما ذكرناه من التعميم في موردها وكونها أعمّ من التمييز والترجيح إنّما هو بالنّظر إلى ظاهر كلمات الأصحاب وإلاّ أمكن أن يقال بكونها للتمييز مطلقا من دون ترجيح لغير المعيّن في الواقع بأن يقال إن جعل الأحكام الكليّة كما أنّه لا بد أن يكون ناشئا من المصالح والمفاسد الكليّة الكامنة الّتي لاحظها الشّارع كذلك يمكن أن يقال بكون القرعة مجعولة لتمييز المصالح الشّخصيّة في الموارد الخاصّة المشتبهة الّتي تختلف باختلاف زمان المكلّف ومكانه وسائر أحواله فهي دائما لكشف ما فيه المصلحة من الطّرفين فلا يفرق في ذلك بينما كان من قبيل تزاحم الإمامين واختلاط الموتى في الجهاد وربّما يكشف عن هذا المعنى ما رواه في الفقيه والتهذيب عن محمّد بن حكيم عن الكاظم عليهالسلام كل مجهول ففيه القرعة قلت له إنّ القرعة تخطئ فقال كل ما حكم الله به فليس بمخطئ لأنّ الظّاهر أنّ المراد بالإصابة إصابة ما فيه