في أفعال الكفار هي الصّحة بحسب معتقدهم وإن كان الفعل فاسدا في الواقع فيحمل الفعل المشكوك الصّحة على معتقدهم على الصّحة كذلك لا الواقع فهنا قاعدتان إحداهما حمل فعل المسلم على الصّحة الواقعيّة والأخرى حمل فعل الكفار على الصّحة على حسب معتقدهم ولكن لا ثمرة لهذا الخلاف لجواز المعاملة معهم ولو مع العلم بكون المبيع أو الثمن المأخوذ منهم مكتسبا على حسب معتقدهم المخالف لطريقتنا سواء قلنا بعموم القاعدة أم لا ثمّ إنّه على تقدّم عدم شمولها لأفعال الكفار ففي جريانها في أفعال الكفرة من المخالفين كالنّواصب والخوارج من حيث الحمل على الصّحة الواقعيّة أو الصّحة بحسب معتقدهم وجهان من عموم السّيرة الجارية بين المسلمين فإنّ الشّيعة وأصحاب الأئمة عليهمالسلام كانوا يعاملون مع هذه الفرق من حيث حمل أفعالهم على الصّحة مع غلبتهم سيّما في زمان معاوية وبني عبّاس لعنهم الله كمعاملة بعضهم مع بعضهم من دون نكير من أحد من الأئمّة عليهمالسلام مع طول المدّة عليهم ومن أن السّيرة من حيث كونها من قبيل الأفعال الّتي لا دلالة فيها على جهة وقوعها يحتمل كون معاملة الشيعة معهم كمعاملتهم مع الكفّار من حيث حمل أفعالهم على الصّحة بحسب معتقدهم نعم الظّاهر أنّ أفعال سائر الفرق من المخالفين ممن لا يحكم بكفره ظاهرا وإن كانوا أنجس من الكلاب الممطورة في الواقع محمولة كما هو ظاهر العلماء على الصّحة الواقعيّة كالمؤمنين بل ظاهرهم ترتب الأحكام المرتبة على عنوان الإسلام من وجوب الغسل والتكفين والدّفن وصلاة الميّت وجواز تملّك القرآن والعبد المسلم أو نحو ذلك عليهم أيضا نعم لهم كلام في جواز مناكحتهم كما لا يخفى بخلاف الفرق المحكوم بكفرهم من المخالفين لأنّ ظاهرهم كونهم كالكفّار في هذه الأحكام حيث يستثنونهم عند ذكر هذه الأحكام وكذا في مسألة الطهارة فيما يعتبر فيه العلم أو يد المسلم فحاصل المقام أنّ المتيقّن من الحمل على الصّحّة الواقعيّة هو أفعال الفرقة النّاجية وسائر الفرق غير المحكوم بكفرهم من المخالفين وأمّا المحكوم بكفرهم ففي أفعالهم وجهان وأمّا الكفّار فأفعالهم محكومة بالصّحة على معتقدهم (قوله) المقام الثّالث يعني من المقامات الّتي أشار إليها في أوّل المسألة الثّالثة بقوله إلاّ أنّ معرفة مواردها ومقدار ما يترتب عليها من الآثار ومعرفة حالها عند مقابلتها لما عدا أصالة الفساد من الأصول إلى آخره وحيث ظهر الحال في المقام الأوّل والثّاني في الأمور المتقدّمة أشار هنا إلى المقام الثالث بقوله المقام الثالث (قوله) أمّا تقديمه على استصحاب الفساد ونحوه إلخ لا يخفى أنّ مراد المصنف رحمهالله في المقام بيان حال تعارض القاعدة تارة مع الاستصحابات الحكميّة الموجودة في موردها وأخرى مع الاستصحابات الموضوعيّة أعني استصحاب الأمور الّذي يترتب عليها الفساد وجودا أو عدما ولعلّ المراد باستصحاب الفساد حينئذ استصحاب عدم ترتب الآثار الوضعيّة من النقل والانتقال وبقاء كلّ من العوضين على ملك مالكه ونحو ذلك على المعاملة المشكوكة الصحّة والفساد وبقوله ونحوه مثل استصحاب حرمة تصرّف كل منهما في مال صاحبه فإن قلت إنّ الشكّ في فساد العقد وترتب الآثار عليه لا بد أن يكون ناشئا من الشكّ في الموضوع مثل البلوغ والعقل والرّشد في المتعاقدين أو أحدهما وكون العوضين أو أحدهما ملكا أو طاهرا أو نحو ذلك ممّا يعتبر في صحّة العقد فاستصحاب عدم هذه الأمور حاكم على استصحاب الفساد وإن توافق مؤدّاهما فلا مورد لاستصحاب الفساد حتّى يفصل بينهما في معارضتهما مع القاعدة قلت قد يسلم استصحاب الفساد في بعض الموارد من الاستصحاب الموضوعي فينفرد لمعارضة القاعدة كما إذا اختلف الزوجان في وقوع العقد في الإحرام أو الإحلال فبعد تعارض استصحاب عدم وقوعه في كل من الإحرام والإحلال بقي استصحاب الفساد معارضا للقاعدة هكذا ذكره بعض مشايخنا وفيه نظر لأنّ صحّة العقد مرتبة على عدم وقوعه في حال الإحرام لا على وقوعه في حال الإحلال لعدم كون ذلك شرطا في صحّته بل وقوعه في حال الإحرام مانع منها فأصالة عدمه تكون حاكمة على أصالة الفساد لفرض عدم جريان أصالة عدم وقوعه في حال الإحلال لعدم ترتب أثر شرعي عليه فالأولى أن يمثل لذلك بما إذا اختلف الزّوج والمطلقة الرّجعيّة فادعى الرّجوع قبل انقضاء العدّة وادعت وقوعه بعده فبعد تعارض أصالة عدم الرّجوع في زمان العدّة وأصالة عدم انقضاء زمان العدّة قبل الرّجوع تبقى أصالة الفساد معارضة مع القاعدة اللهمّ إلاّ أن يقال إن عدم تجدّد علاقة الزّوجيّة بعد الطّلاق مرتّب على عدم وقوع الرّجوع في زمان العدّة والأصل الأوّل يثبته وإن لم يثبت وصف تأخر الرّجوع عن زمان العدّة بخلاف تجدّدها فإنّه مرتب على إحراز وقوعه فيه والأصل الثّاني لا يثبته إلاّ على القول بالأصول المثبتة فيكون الأصل الأوّل أيضا حاكما على أصالة الفساد ويمكن أن يقال إنّ فرض التعارض بين الاستصحاب الحكمي والموضوعي وبين القاعدة إنّما هو مع الإغماض عن حكومة الاستصحاب الموضوعي على الحكمي تنبيها على موارد التعارض وتمييزا لما هو مضطرب كلمات الأصحاب لأنّ محلّ كلامهم في تقديم القاعدة على الاستصحاب إنّما هو الاستصحاب الموضوعي دون الحكمي لعدم خلافهم في تقديمها على الحكمي كما صرّح به بعض مشايخنا ولعلّه لذا لم يتعرض المصنف رحمهالله أيضا للخلاف فيه وإن كان دعوى الاتفاق لا يخلو من تأمّل لما حكاه المصنف رحمهالله في التنبيه الثّاني عن العلاّمة من فرض التّعارض بينها وبين أصالة البراءة فضلا عن الاستصحاب (قوله) لأنّ الشكّ في بقاء الحالة إلخ مضافا إلى أنّ قاعدة الحمل على الصّحة معارضة لأصالة الفساد لأنّ الشّارع إنّما جعلها في مقابلها فلو لم تكن مقدّمة عليها لزم إلغاؤها وإلى أن أدلّة الاستصحاب أعم من موارد هذه القاعدة فلا بدّ أن تكون مخصّصة بأدلّتها ثمّ إنّه لا فرق في قضية حكومة القاعدة على الاستصحاب بين أن نقول باعتبار كلّ منهما من باب التعبّد أو الظنّ النّوعي أو بالاختلاف إذ بعد إثبات موضوع الحكم وهي صحّة المعاملة شرعا من باب التعبّد أو الظنّ النّوعي يزول الشكّ عن ترتب حكمه عليه فلا يكون موردا للاستصحاب وهو واضح (قوله) فإن أريد بالصّحة في قولهم إلخ حاصله أنّ المراد بالصّحة إن كان مجرّد ترتيب آثار الفعل الصحيح تكون أصالة الصّحة حينئذ في عرض الاستصحابات الحكميّة فيقدم عليها الاستصحاب الموضوعي من باب الحكومة وإن كان المراد بها صحّة الفعل أيضا بمعنى إثبات كون الواقع فعلا صحيحا بأصالة الصّحة وإن لم تثبت بها الأمور الخارجة من حقيقة الفعل الصّحيح كما تقدّم في التنبيه الخامس تكون أصالة الصّحة حينئذ في عرض سائر الاستصحابات الموضوعيّة فيقع التعارض بينهما في وجه على ما حقّقه في المتن (قوله) إنّ أصالة عدم البلوغ إلى قوله يقتضي كون الواقع إلى آخره في بعض النّسخ بدله إنّ الحمل على الصحيح يقتضي كون الواقع إلى آخره ثمّ إنّ