إجارة شهر واحد معيّن بدينار انتهى وقال في جامع المقاصد ينشأ من أنّه مدع للصّحة وهي موافقة للأصل فيكون هو المنكر فيقدم قوله باليمين ومن أنّه مع ذلك يدعي أمرا زائدا وهو استئجاره سنة بدينار والمالك ينكره فلا يقدم قوله فيه لأنّ الأصل عدمه ولأنّ الأمور المعتبرة في العقد لم يقع الاتفاق عليها فلم يثبت سببيّته وتقديم قول مدعي الصّحة فرع ذلك كما حققناه في المسألة السّابقة فعدم تقديم قوله أوجه انتهى ولكنك خبير بأنّ ظاهر كلمات هؤلاء الجماعة ممن تقدّم عليهم أو تأخر عنهم سوى صاحب الكفاية على ما حكي في مسألة اختلاف المتبائعين في كون المبيع حرّا أم عبدا أو كونه خمرا أو خلاّ أو ما أشبه ذلك يعطي خلاف ما قدّمناه لأنّ ظاهرهم الحكم بكون المبيع عبدا أو خلا بمجرّد الحمل على الصحّة وهو أيضا أمر زائد على صحّة العقد لأنها أعمّ من تعلقه بما يدعيه مدعي الصّحة في الواقع كما تقدّم ولم يظهر من أحدهم إلزام مدعي الصّحة على إقامة البيّنة على كون المبيع هو العبد مثلا لكونه مدعيّا لأمر زائد ودعوى كون كلماتهم هذه منساقة لمجرّد بيان تقديم قول مدعي الصّحة مع قطع النظر عن لزوم إقامة البيّنة عليه على ما يدّعيه من الأمر الزّائد لكون ذلك موكولا على محلّ آخر وهو محلّ بيان لزوم إقامة البيّنة على من يدعي أمرا على آخر في غاية البعد كإثبات كون المبيع هو العبد أو الخل مثلا بمجرّد الحمل على الصّحة على ما استظهرناه من كلماتهم وهو واضح عند المتأمّل فإن قلت إنّ الوجه في الحكم بكون المبيع هو العبد أو الخلّ بمجرّد الحمل على الصّحة إنّما هو اتفاق المتعاقدين على وقوع العقد على أحد الأمرين فإذا انتفي احتمال أحدهما بالقاعدة ثبت الآخر لا محالة قلت إنّ الأمر في عقد الإجارة الّذي أشار إليه العلاّمة أيضا كذلك فلا يصلح ذلك توفيقا بين كلماتهم ثمّ إنّه يمكن أن يفصل في المقام بوجه آخر تمكن دعوى استمرار السّيرة على طبقه بأن يقال إن ما يقع من جهته التنازع بين المتنازعين إن كان ممّا تنوط به صحّة العقد وفساده كفقد الشّرط المعتبر أو وجود الشّرط المفسد يحمل على الصّحة بمعنى ترتيب آثار الجامع لوجود الشّرط المتنازع فيه أو فقد المانع كذلك وإن كان ممّا لا يكون له مدخل في الصّحة والفساد كما إذا اختلفا في كون المبيع حرّا أو عبدا عالما بالقرآن مثلا فإن المدعي قد أخذ في دعواه قيدين أحدهما كونه عبدا والآخر كونه عالما فيحمل العقد على الصّحة من جهة الأوّل دون الثّاني لعدم مدخليته في الصّحة والفساد فيلزم المشتري على إقامة البيّنة عليه ومن هنا يظهر الوجه في حكم المشهور فيما اختلفا في كونه عبدا أو حرّا أو في كونه خمرا أو خلاّ بكون المبيع عبدا أو خلا بالحمل على الصّحة وكذا يظهر أنّ الوجه فيما نقله المصنف رحمهالله عن قواعد العلاّمة هو الحكم بكون مدّة الإجارة سنة من دون حكم بكون الأجرة دينارا لاختلاف صحّة الإجارة وفسادها بتعيين المدّة وعدمه بخلاف الأجرة لتعينها على التقديرين فلا تختلف صحّتها وفسادها بكونها دينارا أو درهما في كلّ شهر فيلزم على من ادّعى كونها دينارا إقامة البيّنة عليه وإلاّ لزمته أجرة المثل إن لم تكن أقل من الدينار وإلاّ فيلزم مقدار الدّينار لاعترافه به وعلى ما ذكرناه من التّفصيل تدلّ السّيرة المستمرّة بين المسلمين التي هي العمدة في إثبات القاعدة ولذا ترى أنّهم لا يشكون في الحمل على الصّحة فيما اختلفوا في كون المبيع حرّا أو عبدا بخلاف ما لو اختلفوا في اشتراط العلم بالقرآن بعد اتفاقهما على كونه عبدا (قوله) فيما لم يتضمن دعوى إلخ كما لو قال أجرتك كلّ شهر بدينار فقال بل شهرا واحدا بدينار كما تقدّم في كلام الفخر في الحاشية السّابقة لعدم تضمّن دعوى مدعي الصّحة حينئذ لدعوى زائدة ثمّ اعلم أن في المقام أمرين لا بدّ في تتميم القاعدة من التنبيه عليهما الأوّل أن اعتبار القاعدة هل هو من باب الظهور أو التعبّد المحض وبعبارة أخرى هل هي من الأدلّة الاجتهاديّة الكاشفة عن الواقع أو من الأدلّة الفقاهيّة وتظهر الثمرة في تعارضها مع ما عدا استصحاب الفساد من الاستصحابات الموضوعيّة على ما سيأتي فتقدّم القاعدة عليها على الأوّل كسائر الأدلّة الاجتهاديّة ويقع التّعارض بينهما على الثّاني وإنّما استثنينا استصحاب الفساد لتقدّمها عليه مطلقا وإن قلنا باعتبارها من باب الأصول لكونها مجعولة في مقابله في جميع موارد جريانها لوضوح معارضة استصحاب الفساد مع أصالة الصّحة في مواردها فلو لم تكن مقدّمة عليه لزم إلغاؤها وظاهر الأصحاب اعتبارها من باب الظّهور كما يشهد به تعبيرهم في أبواب الفقه بظاهر حال المسلم بل هو صريح الشّهيد الثّاني حيث جعل تعارضها مع سائر الأصول من جملة موارد تعارض الأصل والظّاهر قال الرّابع ما اختلف في ترجيح الظّاهر فيه على الأصل أو العكس وهو أمور وعدّ من جملتها ما بأيدي المخالفين من الجلد واللّحم فالمشهور بين الأصحاب أنه طاهر مطلقا ما لم يحكم بكفر من بيده منهم وبه نصوص كثيرة مؤيدة بظاهر حال المسلم من تجنبه للمحرّم والنّجس والميتة وقيل يحكم بنجاسته لأصالة عدم التّذكية مع عدم اشتراطهم بجميع ما نشترط من الأمور المعتبرة في التذكية كالتسمية والقبلة واستحلالهم بجلد الميتة بالدّبغ ويعضده أيضا ظاهر حالهم في ذلك وعدّ أيضا منها اختلاف المتعاقدين ببيع وغيره في بعض شرائط صحّته كما لو ادعى البائع أنّه كان صبيّا أو غير مأذون له أو غير ذلك وأنكر المشتري فالقول قوله على الأقوى وإن كان الأصل عدم اجتماع الشرائط عملا بظاهر حال المسلم من إيقاعه العقد على وجه الصّحة وكذا القول في الإيقاعات ويمكن رده إلى تعارض الأصلين وقد تقدّم انتهى ثمّ إنّه على تقدير اعتبارها من باب الظّهور فهل هو من باب ظهور حال المسلم وإمضاء الشّارع لظاهر حالهم نظرا إلى كونه مقتضى التديّن بدين الإسلام كما هو ظاهر تعبيراتهم على ما عرفت أو من باب غلبة الصّحة في أفعال المسلمين كما يظهر من المحقّق القمي رحمهالله في سؤاله وجوابه في مسألة اختلاف الزّوجين بأن ادعت الزّوجة وقوع العقد من دون إذنها أو كون إذنها في حال صغرها أو جنونها ولكلّ وجه نعم احتمال كون اعتبارها من باب التعبد ضعيف جدّا الثّاني أن في اختصاص القاعدة بأفعال المسلمين أو عمومها لأفعال الكفّار أيضا قولان وظاهر المشهور من حيث تعبيرهم بما عرفته في الأمر الأوّل هو الأوّل وصريح كاشف الغطاء كما تقدّم عند بيان الأصل في هذه القاعدة هو الثّاني بمعنى كون أفعال الكفار محمولة على الصّحة بحسب اعتقادهم كما صرّح به والدّليل على هذا التّعميم استمرار السّيرة بين المسلمين في الأعصار والأقطار على حمل أفعالهم على الصّحة ولذا تراهم لا يتأمّلون في معاملاتهم مع الكفار في كون المبيع أو الثّمن المأخوذ منهم ملكا لهم على معتقدهم وعدمه ولكن التحقيق هو الأوّل لأنّ الصحّة المبحوث عنها في المقام هي الصّحة الواقعيّة وما استقرّت عليه السّيرة