لا يوجب كون فعله عوضا وبدلا منه لأنّ هذه الحيثية ملغاة في فعله من حيث ترتب الأثر عليه وأولى من الوكالة الواجبات الكفائية كالصّلاة على الميّت وغسله وكفنه ونحوها لأن سقوط الوجوب عن الغير بفعل من يقوم به إنّما هو من حيث هو فعله لا من حيث كونه بدلا من فعل الغير فإذا شكّ في صحّة بعض هذه الأفعال وفسادها فلا إشكال في الحمل على الصّحة وترتيب آثارها عليه وأمّا القسم الثّاني فكالأفعال التي يستناب فيها عن الغير كما في الحجّ عن العاجز وعن الميّت وقضاء الفوائت عنه والاستنابة في طلب الماء والتّراب عمن يعجز عن طلبهما للوضوء والتيمّم فإنّ لهذه الأفعال جهة صدور ووقوع تختلف الآثار باختلافهما كما أشار إليه المصنف رحمهالله وهو رحمهالله وإن استوفي الكلام في هذا القسم إلاّ أنا نشير إلى جملة القول في مستنده ونقول إنّ عمدة الأدلّة على اعتبار القاعدة هي السّيرة المستمرّة بين المسلمين والمتيقن منها في المقام هو حمل الفعل المشكوك الصّحة والفساد الّذي له جهة صدور ووقوع على الصّحة بمعنى ترتيب آثار جهة الصّدور خاصّة فيما لم تعلم جهة وقوعه ومن هنا يفرق بين الجهتين وإن كانت الصّحة من حيث الوقوع ملازمة لها من حيث الصّدور بحسب نفس الأمر ومن هنا يندفع المنافاة بين اعتبار القاعدة من باب الظنّ النوعي الناشئ من ظهور حال المسلم أو الغلبة وعدم نهوضها لإثبات اللاّزم غير الشّرعي وهو كون الفاعل في مقام إبراء ذمّة المنوب عنه فإنّ الظنّ بالملزوم وإن استلزم الظنّ بلازمه أيضا إلا أنّ دليل اعتباره لما كان غير لفظي فلا بد فيه من الأخذ بالمتيقن الّذي عرفته ومن هنا قد أفتى جماعة باشتراط عدالة النّائب بل ادعى بعض مشايخنا اتفاق الأصحاب عليه في الحكم بحصول براءة ذمّة المنوب عنه بخلاف الوكيل كما هو واضح ممّا قدمناه لأنّ فعل الوكيل لما كان ذا جهة واحدة يمكن إحرازها بالحمل على الصّحة بعد العلم بصدور الفعل عنه إمّا بالمشاهدة والوجدان أو بإخباره لاعتبار خبره إجماعا وإن كان فاسقا بخلاف النّائب فإنّه لما لم يثبت اعتبار إخباره عن إيقاعه للفعل فيما لم يعلم ذلك منه أو عن جهة وقوعه فيما علم إيقاعه له أو مطلقا فاعتبروا العدالة في سماع قوله في ذلك نعم لا فرق فيه بين إخباره الفعلي والشّأني بأن يستدل بظاهر أفعاله على إيقاعه له وعلى جهة وقوعه بأن يطالب الأجرة أو كان في مقام المطالبة بعد مضي زمان العمل أو نحو ذلك وهذا التعميم مستفاد من الشّرع والمقام بعد لا يصفو عن شوب إشكال كما سنشير إليه في بعض الحواشي الآتية(قوله) أو من حيثيّة أخرى كحمل قوله على الصّحة أو كون ذلك ممّا لا يعلم إلا من قبله غالبا(قوله) والشّرائط المعتبرة في المباشرة إلخ كالجهر والإخفات وستر العورة لا جميع البدن في نيابة الرّجل عن المرأة وكذا العبرة في صورة العكس بحال المرأة دون الرّجل المنوب عنه (قوله) بالتسبيب كما في مثال الاستئجار للحجّ (قوله) أو الآلة كما في مثال الوضوء(قوله) قائما بالمنوب عنه الأولى رفع قائما وقراءة كان بتشديد النّون ليفيد تنزيل فعل النّائب منزلة فعل المنوب عنه لوضوح عدم كونه عينه (قوله) لا يثبت الصّحة من الحيثية الثّانية إلخ لا يخفى أنّ اشتراط العدالة لا يدفع الإشكال الوارد على الفرق بين الصّلاة على الميّت والصّلاة عنه إذ لو كان اشتراطها لإثبات الصّحة من الحيثيّة الثانية بعد إحراز كونه في فعله في مقام الإبراء بإخباره وجب عدم اشتراطها فيما علمنا بكونه في مقام الإبراء من دون إخباره وهو خلاف ظاهر مشترطي العدالة وكذا لا بد أن يجب الاستخبار والاستعلام عن النّائب في الإتيان بالفعل أو في كونه في مقام الإبراء وهو خلاف السّيرة المستمرّة بينهم لأنّ الظّاهر اكتفاؤهم في الخروج من عهدة التكليف باستيجار من ظاهره العدالة من دون استعلام بعده عن الإتيان بالفعل أو كونه في مقام الإبراء ولا كونه في مقام مطالبة الأجرة الّذي هو في معنى الإخبار من النّائب كما أشرنا إليه سابقا(قوله) فعلا له أي للمكلّف المستنيب (قوله) كما في استئجار العاجز إلخ لتكليفه بالمباشرة أولا وبالذّات وبتحصيله ببدن الغير عند العجز عن المباشرة(قوله) لكن يبقى الإشكال إلى قوله الاحتمالات الأخر في بعض النّسخ بدله قوله وكما في استئجار الولي للعمل عن الميّت ووجه الإشكال عدم تأتي الحيثيتين واعتبار الجهتين في استئجار الوليّ من قبل نفسه عمّا وجب عليه من قبل الميّت مع كون الأجير نائبا عنه وكونه مكلّفا بتحصيل الفعل بنفسه أو ببدن غيره كما في استئجار العاجز في الحجّ وإن لم نقل بالترتيب واعتبار العجز هنا(قوله) من حيث هو فعله يعني فعل الميّت (قوله) إنّ الثابت من القاعدة المذكورة إلخ توضيح الكلام يقع في مقامين أحدهما أنّ الثّابت بقاعدة الحمل على الصّحة هل هو مجرّد ترتب أثر الفعل الصّحيح عليه أو يثبت بها كون الفعل أيضا صحيحا وبعبارة أخرى أنّ الثّابت بها مجرّد الحكم أو موضوعه الّذي يترتب عليه أعني كون الفعل صحيحا وتظهر الثمرة في تعارض الاستصحاب معها كما سيجيء فيتعارضان على الأوّل وتقدم عليه من باب الحكومة على الثّاني وثانيهما أنّها تثبت متعلقات الفعل وقيوده أيضا أم مجرّد وصف الصّحة فإذا تنازع المتعاقدان فادعى أحدهما كون المبيع حرّا والآخر كونه عبدا مع أوصاف كذا أو ادعى أحدهما كونه ميتة والآخر دابة مع أوصاف كذا وهكذا فهل يحكم مع الحكم بصحّة العقد بكون المبيع عبدا مع أوصافه المدّعاة أو دابة كذلك حتّى يجب على البائع الخروج من عهدة جميع ذلك بمجرّد الحمل على الصّحة أو الثّابت به مجرّد صحّة العقد حتّى يثمر ذلك في مجرّد تقديم قول مدعي الصّحة فيثبت به شيء مجهول في ذمّة البائع ويلزم على المشتري إقامة البيّنة على إثبات كلّ قيد أخذه في دعواه فيجب عليه فيما اختلفا في كون المبيع عبدا أو حرّا إقامة البيّنة على كونه عبدا لصّحة تعلق العقد بغيره أيضا من الأموال فمجرّد ثبوت شيء في ذمّة البائع لا يثبت كونه عبدا وكذا فيما اختلفا في كونه عبدا معيّنا أو حرّا لا يكفي مجرّد الحمل على الصّحة في إثبات المدّعى بل لا بدّ من إقامة البيّنة على كونه هذا العبد دون ذلك وهكذا بالنّسبة إلى الأوصاف المدّعاة أمّا المقام الأوّل فالظّاهر فيه أنّ الثابت بالقاعدة هو الموضوع لا مجرّد الحكم وترتب الآثار لما سنشير إليه من كون اعتبار القاعدة من باب ظهور حال المسلم كما هو ظاهر الأكثر أو الظّهور الناشئ من الغلبة كما حكي عن بعضهم لا من باب الأصول بل ربّما يستظهر الاتفاق عليه ولا ريب أن مقتضى الظّهور المذكور هي صحّة الفعل وأمّا المقام الثّاني فلم أقف على كلام في ذلك من الفقهاء إلاّ العلاّمة في قواعده على ما حكاه المصنف رحمهالله من عبارتها وسوى ولده فخر الدّين وشارحه المحقّق الثّاني قال في الإيضاح في بيان ما تنظر فيه في القواعد ينشأ من أنّه يدعي الصّحة والمالك يدعي البطلان فيقدم قول مدعي الصّحة ومن أصالة عدم إجارة سنة والأصل أنّه إذا ادعى مدعي الصّحة بزيادة يتضمّنها والأصل عدمها هل يكون القول قوله لإطلاق الأصحاب أم لا لأصالة العدم الأولى الثّاني فيتعارضان فيقدم قول نافي الزّيادة وإنّما قدّم قول مدعي الصّحة قطعا فيما لم يشتمل الصّحة على زيادة كما إذا ادعى إجارة كلّ شهر بدينار وادعى الآخر