وعدمه ويظهر الوجه في ذلك ممّا قدّمناه ولو كان قد تمسّك بالقاعدة في الأوّل من دون فرض معارضتها بالأصل كما صنعناه لم يرد عليه شيء لتقدمها على الأصل في الأوّل وعدم جريانها في الثّاني فتبقى أصالة عدم الشّرط فيه المقتضية للفساد سليمة من المعارض ثمّ إنّه وقع الوهم لبعض الشّراح ويظهر وجهه أيضا ممّا قدّمناه قال المحقق إذا زوج الأجنبي امرأة فقال الزّوج زوّج العاقد من غير إذنك فقالت بل أذنت فالقول قولها مع يمينها على القولين لأنّها تدعي الصّحة انتهى قال الشّهيد الثّاني أراد بالقولين القول ببطلان العقد الفضولي والقول بصحّته موقوفا على الإجازة انتهى وحيث كان مرجع النّزاع على الأوّل إلى بطلان العقد وصحّته وعليه فحمل العقد على الصّحة وتقديم قول الزّوجة لذلك ظاهر وإنّما الإشكال على الثّاني لأنّ دعوى الزّوجة للإذن إجازة منها للعقد فلا يحتاج تقديم قولها والحكم بصحّة العقد ولزومه إلى الحمل على الصّحة فوجّهه الشّهيد الثّاني بأنّه يمكن أن تظهر فائدته على تقدير أن يكون قد سبق منها بعد العقد بلا فصل ما يدل على كراهة العقد وبعد ذلك اختلفا في الإذن وعدمه فإن إجازتها الآن لا تؤثر في لزوم العقد بعد كراهتها له قبل ذلك فيرجع الأمر إلى دعوى الصحّة والبطلان على القولين انتهى وأخرج بعض شرّاح قول المحقق وجها آخر للحمل على الصّحة على القول بصحّة الفضولي موقوفا على الإجازة وهو أنّ الصّحة المحمول عليها العقد هي الصحّة التنجيزيّة لا التعليقيّة ولم أتحقق معنى لهذا الكلام لما عرفت من كون دعوى الإذن من الزّوجة إجازة للعقد من دون حاجة إلى الحمل على الصّحة في إثبات تنجّز العقد مع أنّك قد عرفت ممّا حققناه سابقا أنّه مع دوران العقد بين كونه أصليّا وفضوليّا لا يمكن إحراز كونه أصليّا بقاعدة الحمل على الصّحة بل قد عرفت عدم جريان القاعدة حينئذ فما يخطر ببالي ويخالج فيه أنّ نظر المحقّق في الحكم بتقديم قول مدّعي الصّحة وهي الزّوجة إلى أنّ دعوى الزوج لعدم الإذن من الزّوجة متعلقة بفعل الغير لكون الإذن فعلا لها دونه وهو ممّا لا يعلم إلاّ من قبلها غالبا فتقديم قولها إنّما هو لأجل دعواها لما لا يعلم إلاّ من قبل نفسها غالبا ومثله ما لو انقلبت الدّعوى فأنكرت الزّوجة إذن الزّوج وادعاه فيقدم قول مدعي الصّحة أعني الزوج هنا أيضا لما ذكرناه وقد ذكر الشهيد لتقديم قول المدعي لما لا يعلم إلاّ من قبل نفسه خمسة وعشرين موضعا وأضاف إليها بعضهم مواضع أخر ولا يختلف ذلك على القول بصحّة الفضولي وبطلانه ولا دخل لما ذكره المحقّق في قاعدة الحمل على الصّحة ولا حاجة إلى تجشم التّوجيه في كلامه ولا ينافيه قوله لأنّها تدعي الصّحة لجواز أن يريد به دعوى الصّحة لأجل دعواها لما لا يعلم إلاّ من قبل نفسها نعم إطلاق الصحّة في العلّة ربّما أشعر بكون المناط في الحكم بها هي قاعدة الحمل عليها إلاّ أنّ هذا الإشعار لم يبلغ مبلغا يصحّ الاستناد إليه في نسبة ذلك إلى المحقّق فتدبّر وممّا قرّرناه تظهر الحال في العقود الّتي يعتبر القبض بعدها في صحّتها إذا وقع التنازع في تحققه مطلقا أو على الوجه المعتبر كبيع الصّرف حيث يعتبر تقابض العوضين فيه في المجلس وكذا السّلف حيث يعتبر قبض الثّمن فيه في المجلس ومثله الرّهن والوقف والهبة وإن قلنا بكون القبض شرطا في اللّزوم كان الحال فيه كالفضولي حيث تعتبر الإجازة في لزومه وبالتأمّل فيما قدّمناه تظهر الحال في سائر الفروع الّتي أشار إليه المصنف رحمهالله فتدبّر(قوله) بمعنى ترتب إلخ متعلق بقوله يثبت (قوله) إحرازها بأصالة الصّحة يعني في العقد(قوله) وأولى بعدم الجريان إلخ لأنّ أصالة عدم الصّحيح في سائر الفروع معارضة بأصالة عدم وجود المفسد بخلافها هنا(قوله) لكنّهما لو تمّا إلخ فيه إشارة إلى كون الأصلين مثبتين فلا يعتد بهما فإن قلت لا إشكال في أنّه إن أذن المرتهن في البيع وشكّ الرّاهن قبل إيقاع البيع في رجوعه عن إذنه يجوز له استصحاب الإذن وإيقاع البيع بعده وترتيب الآثار عليه فما وجه الفرق بينه وبين ما لو شك في الرّجوع بعد إيقاع البيع حيث حكم بكون الأصل في الثّاني مثبتا قلت إنّ معنى استصحاب الإذن قبل إيقاع البيع هو جواز إيقاع البيع في هذه الحالة وهذا أثر شرعي مرتب على المستصحب من دون واسطة والمقصود منه في الثّاني ترتيب الآثار على البيع الواقع بواسطة إثبات كونه واقعا في حال بقاء الإذن فيكون الأصل حينئذ مثبتا لا محالة (قوله) إنّ مقتضى الأصل ترتيب إلخ توضيحه أنّ الفعل المشكوك الصّحة والفساد لا بد أن يكون له نوعان صحيح وفاسد حتّى يفرض التردّد في الفرد المشتبه بينهما وما يترتب على الصّحيح منهما من الآثار الشّرعيّة لا يخلو إمّا أن يكون ترتبها عليه من حيث كونه فعلا للفاعل وإمّا أن يكون أعم من ذلك بأن كانت للفعل جهتان جهة صدور عن الفاعل وجهة وقوع عن الغير إمّا بالتّسبب والنّيابة كالنيابة في الحجّ عن العاجز والصّلاة عن الميّت أو بالآلية كالموضّي للعاجز عن المباشرة في الوضوء وتختلف الآثار باختلاف الجهتين كما يظهر ممّا ذكره المصنف ره ولا إشكال في خروج ما لم يكن له صحيح كالغسل بالفتح من حيث هو من محلّ النّزاع ولكن في التمثيل به للمقام نظر إذ صحيح الفعل من المعاملات ما ترتب عليه أثره الشرعي وفاسده ما لم يترتب عليه ذلك ولا ريب أنّ الغسل بالفتح إن وقع على الوجه المعتبر شرعا ترتب عليه أثره سواء كان الإتيان به بعنوان التطهير أم لا وإن لم يقع كذلك لم يقع عليه ذلك فلا وجه لإخراجه من محلّ النّزاع وإدخال ما كان بعنوان التطهير لعدم مدخليّة قصد العنوان في تنوع الغسل على نوعيه من الصحيح والفاسد لأنّ ملاقاة النجس مع الرّطوبة كما أنّها سبب للتنجّس من دون مدخليّة قصد التنجيس كذلك الغسل المعتبر شرعا سبب لحصول الطهارة من دون مدخليّة قصد التطهير في ذلك ومقايسته على العمل المأتي به بصورة العبادة من صلاة أو طهارة أو نسك حجّ من دون علم بقصد تحقّق هذه العبادات قياس مع الفارق إذ عدم صحّة الحمل على الصّحيح في هذه الموارد إنّما هو لعدم تحقق عنوان الموضوع لعدم صدق أسامي هذه العبادات مع عدم قصد عنواناتها وإن قلنا بكونها أسامي للأعمّ من الصّحيحة وسيجيء عدم إمكان إحراز عنوان الموضوع بهذه القاعدة فالحمل على الصّحيح فرع إحراز عنوان الفعل المشكوك الصّحة والفساد فما لم يحرز عنوانه لا يصحّ حمله عليه ومن هنا يحصل الفارق ويبطل القياس وأمّا القسم الأوّل أعني ما كان ترتب الأثر عليه من حيث صدوره عن الفاعل كالعقود والإيقاعات وأكثر العبادات وغيرها لأن ترتب النقل والانتقال ونحوهما على العقد الصّحيح وكذا حصول براءة الذّمّة والخروج من عهدة التّكليف على العبادة الصّحيحة إنّما هو من حيث كونها فعلا له ومن هذا القسم الوكالة في أبواب المعاملات لأنّ ترتب الأثر على فعل الوكيل إنّما هو من حيث كونه فعلا له وإن كان فعله لأجل الموكّل وبإذنه إلاّ أن هذا