المحتمل للصّحة والفساد إذا تردد بين حالين قابل للاتصاف بالصّحة على إحداهما وغير قابل على الأخرى كما إذا تردّد البيع بين وقوعه في حال بلوغ البائع وصغره أو بين حال كونه عاقلا ومجنونا أو في حال كون المبيع نجسا غير قابل للتطهير وعدمه فهل يحمل على الصّحة أم لا بل يختص مورد الحمل بما كان العقد قابلا بالذات للاتّصاف بالصّحة بأن استكمل العقد أركانه من المتعاقدين والعوضين مع ما يعتبر فيها شرعا وكان الشكّ في اشتراط شرط مفسد وعدمه وتوضيحه أنّه لا إشكال في أنّ جريان القاعدة في مورد فرع قابليّة المحلّ للاتصاف بالصّحة والفساد وإلاّ فلو تعين أحد الوصفين لم يبق مسرح لها أصلا ومن هنا لا يحتمل جريانها في أفعال الصّبي غير المميّز لعدم قابليتها للاتّصاف بالصّحة شرعا وأمّا الصّبي المميّز غير البالغ فيما أمضى الشّارع تصرفاته فيه كجواز هبته ووصيته ونحوهما فصريح كاشف الغطاء عدم جريانها فيها أيضا حيث قيد موردها بفعل البالغ العاقل كما تقدم عند تقرير الأصل في أصل المسألة ولكن ظاهر الفقهاء عدم الفرق لعدم الفارق بينهما ولا يبعد كون جريانها فيها إجماعيّا فيما بينهم وإلا نبّهوا عليه فالقول به غير بعيد وتمكن دعوى استقرار السّيرة عليه كيف لا وهو ليس أدون حالا من الكافر وسنشير إلى جريان القاعدة في أفعاله أيضا بحملها على الصّحة ولو بحسب اعتقاده وأمّا إذا تردّد الفعل بين حالين قابل للاتصاف على إحداهما دون الأخرى على ما عرفت فقد اضطربت كلماتهم فيه وظاهر ما نقله المصنف رحمهالله عن العلاّمة في القواعد والتذكرة عدم جريان القاعدة قبل استكمال المتعاقدين للأوصاف المعتبرة فيهما من البلوغ والعقل ونحوهما وظاهر ما نقله عن الكركي عدم جريانها قبل إحراز استكمال العقد لأركانه من المتعاقدين والعوضين مع ما يعتبر فيها وظاهر المشهور هو جريانها مطلقا ومنهم العلاّمة في بعض أقواله ففي القواعد بعد الحكم بعدم وقوع الطّلاق الخلعي من الصّغير وإن كان مراهقا ولا من المجنون المطبق قال ولو كان يعتوره أدوارا صح حال إفاقته ولو ادعت وقوعه حال حياته وادعى حال الإفاقة أو بالعكس فالأقرب تقديم قول مدعي الصّحة انتهى وقد نقل المصنف رحمهالله عنه وعن الكركي جريان القاعدة مع دعوى البائع الصّغير ونقل الكركي بعد ما نقل عنه المصنف رحمهالله أولا في باب الضمان عن الشّهيد رحمهالله في حواشيه الاعتراف بأصالة الصّحة في العقود ولكن بعد معارضتها مع أصالة عدم البلوغ تتساقطان وتبقى أصالة البراءة سليمة من المعارض فكأنّه لا أصل له وبأن وقوع العقد من بالغ مع صبي خلاف الظاهر ثمّ قال وما ذكرناه أثبت ثمّ إنّ المصنف رحمهالله وإن حقّق المقام وأتى بما فوق المرام ولكن قد بقي في كلامه بعد بعض ما يجب التنبيه عليه وليعلم أوّلا أنّ مستند القاعدة ليس عمومات الكتاب والسّنة ليستند إليها في موارد الشكّ لما نبّه عليه المصنف رحمهالله من قصورها دلالة بل العمدة في المقام هو الإجماع تحصيلا ونقلا في الجملة والسّيرة المستمرة بين المسلمين فلا بد في توضيح المقام من الإشارة إلى شقوق المسألة ليتضح بها الموارد الّتي أمكنت دعوى الإجماع أو استمرار السّيرة فيها فنقول في قبال قول العلاّمة المانع من جريان القاعدة فيما كان الشكّ فيه في بعض ما يعتبر في المتعاقدين إن لاختلاف المتعاقدين بما يرجع إلى ذلك صورتين إحداهما أن يتفقا على استجماع أحدهما لجميع ما يعتبر فيه من البلوغ والعقل ونحوهما واختلفا في استجماع الآخر كذلك كدعوى الضّامن تحقّق الضمان في حال الصّغر أو الجنون أو السّكر أو نحو ذلك وأنكره المضمون له وهو على أقسام لأنّه تارة يظهر للحاكم الّذي ترافعا إليه قبل إبراز الدّعوى عدم تسالمهما على العقد بعد وقوعه بل كان الضّامن مدعيا للفساد بلا مهلة يعتد بها وأخرى يظهر له منهما ذلك بأن يسلك الضامن على المضمون له بعد العقد مدّة كالمعترف بصحّته وإن لم يقربها ثمّ يبرز الدّعوى ويترافع عند الحاكم وثالثة تجهل الحال والظّاهر جريان القاعدة على الأوّل والثّالث فإن الضّامن وإن ادعى صدور الضمان في حال الصّغر ولا يمكن حمل فعله على الصحّة من جهة ذلك لعدم ظهور فعله في الصّحة لذلك إلاّ أنّ حمل فعل المضمون له على الصّحة يقتضي صحّة العقد لفرض صدور فعله في حال البلوغ والعقل والرّشد وصحّة العقد من جهته تستلزم صحّته من جهة الضّامن أيضا لا محالة لعدم الانفكاك بينهما وسنشير إلى كون اعتبار القاعدة من باب الظهور النّوعي لا التعبد حتّى يصحّ التفكيك بينهما لا يقال يعارض ذلك ظهور فعل الضّامن والفساد لدعواه وقوعه في حال الصّغر لأنّا نقول إنّ غاية الأمر عدم ظهور فعله في الصحّة لأجل دعواه وقوعه في حال الصّغر لا ظهوره في الفساد ويدلّ على ما ذكرناه استمرار السّيرة على ترتيب آثار الصّحة بحيث لا ينكر كيف لا ولو فرض موت المتعاقدين واحتمل وصيّهما وقوع العقد في حال صغر أحدهما لا يلتفت إلى ذلك أصلا ولا أظن الخصم ينكر ذلك وليس الوجه فيه إلاّ ما ذكرناه من السّيرة المستمرة وممّا ذكرناه يظهر حكم القسم الثّاني بالأولوية الثانية أن لا يعلم استجماع أحدهما لجميع ما يعتبر فيه بأن ادعى أحدهما وقوع العقد في حال صغر كلّ منهما أو جنونهما وأنكره الآخر وادعى وقوعه في حال بلوغهما أو إفاقتهما وهذه الصّورة لا يخلو أيضا من الأقسام الثّلاثة المتقدّمة والظاهر جريان القاعدة هنا أيضا مع ظهور التسالم منهما بعد العقد مدّة للسّيرة المستمرّة وأمّا مع عدم ظهور ذلك فيشكل الحمل على الصّحة حينئذ لعدم تحقّق السّيرة هنا ولو للشكّ فيه وحينئذ فأصالة عدم البلوغ وأصالة براءة ذمّة منكر وقوع الفعل في حال البلوغ ترجّح قول مدعي الفساد سيّما أنّه منكر حقيقة فظهر أنّ الأقوى هو الحكم بالصّحة فيما عدا هذا القسم والعلاّمة أيضا إن أراد بمنع صحّة التمسّك بالقاعدة في المقام هذا القسم فهو وإلاّ فقد عرفت ضعف تعميم المنع ومن هنا يظهر أيضا ضعف ما يظهر من المصنف رحمهالله من إطلاق القول بالموجب فتدبر نعم على ما احتمل المصنف رحمهالله في كلام العلاّمة في التذكرة من إرادة صورة وقوع الضمان من الضّامن من غير إذن من المديون ولا قبول من الغريم لا يكون ما ذكره مخالفا لما ذكرناه وصحّ ما ذكره بقوله فليس مع من يدعي الأهلية ظاهر يستند إليه ولا أصل يرجع إليه وأمّا قول الكركي قدس سرّه فهو بظاهره ظاهر الفساد إذ لا وجه لمنع الظّهور فيما اختلفا في بعض ما يعتبر في العوضين مع تسالمهما على أهلية المتعاقدين إذ لا ريب أن ظاهر حال العاقل البالغ الرّشيد أنّه لا يتصرّف تصرّفا باطلا والسّيرة أيضا مستمرّة على الحمل على الصّحة في مثله بل جميع الأدلّة الّتي أقاموها على اعتبار القاعدة جارية في المقام والّذي يمكن أن يكون مستندا لما ذكره وجهان أحدهما أن يكون مبنى قاعدة الحمل على الصّحة عنده قاعدة إحراز المقتضي والشكّ في المانع الّتي ربّما يدعى بناء العقلاء فيه على عدم المانع المشكوك فيه لرجوع الشكّ حينئذ في بعض ما يعتبر في أركان العقد إلى الشكّ في المقتضي فينحصر موردها