بمن كانت صلاته على رأي المأموم أو مجتهده باطلة وإن كانت صحيحة على رأيه أو مجتهده كما إذا يرى الإمام عدم وجوب السّورة أو الاستعاذة فصلّى بدونهما وكانت السّورة والاستعاذة واجبتين على رأي المأموم أو مجتهده ومع ذلك يجوزون الاقتداء بمثل هذا الإمام مع الجهل بقراءته للسّورة أو الاستعاذة في صلاته اللهم إلاّ أن يقال إنّ ذلك من جهة ما أشرنا إليه من احتمال كون الفعل الواقع صحيحا على رأي الفاعل أو مجتهده ممضى عند غيره وإن لم ير صحته فتأمل وأمّا مقرب الثّاني فإن ظاهرهم اعتبار الصّحة عند الفاعل في بعض مقامات أخر لأنّ ظاهرهم الحكم بالتحالف فيما لو اختلف المتبايعان في المبيع مع صحّة البيع على التقديرين على رأيهما أو رأي مجتهدهما وإن ترافعا عند من يرى بطلانه كما إذا اختلفا في كون المبيع خلاّ أو عصيرا مع كون رأيهما أو رأي مجتهدهما طهارة العصير فيحكمون بالتحالف وإن ترافعا عند من يرى نجاسة العصير وعدم صحّة وقوعه مبيعا إذ لو كان المعتبر عندهم هو الحمل على الصّحة الواقعية فلا بد أن يرجح مثل هذا الحاكم جانب مدعي الصّحة على اعتقاده والتحقيق في مثل المقام ترتيب آثار الصحّة الواقعية على الفعل المردد بينهما وبين الصّحة على اعتقاد الفاعل لما عرفت من ثبوت بنائهم على ذلك وإن تردّد ذلك بين كونه لأجل الحمل على الصّحة الواقعيّة أو لأجل حمله على الصّحة عند الفاعل وكون اعتقاده ممضى عند كل أحد لعدم ترتب ثمرة على هذا التردّد والاحتمال وأمّا صورة التباين مع عدم العذر ففيها إشكال من عموم الأدلّة المقتضية للحمل على الصّحة الواقعية ومن غاية بعد الحمل على ذلك مع اعتقاد الفاعل خلافه بمجرّد احتمال الموافقة للواقع مضافا إلى أنّ العمدة في المقام هي السّيرة وهي غير متحقّقة وأمّا إطلاق سائر الأدلّة فقد عرفت ما فيها ممّا قدّمناه وأمّا مع تحقّق العذر فالظاهر هو الحمل على الصّحة عند الفاعل بل نفي الإشكال عنه المصنف رحمهالله ويظهر الوجه فيه ممّا سبق سيّما وأن الحمل على الصحّة الواقعية مستلزم لتفسيق الفاعل لكونه مكلّفا بالأخذ بما أدّى إليه اجتهاده إن كان مستنبطا وبفتوى مجتهده إن كان مقلّدا ومخالفة الطّرق الظاهرية الممضاة عند الشّارع حرام وإن خالفت الواقع وأمّا صورة الجهل بالموافقة والمخالفة فالمتعين هو الحمل على الصحة الواقعية لعموم الأدلّة سيّما السّيرة التي هي العمدة في المقام بل يمكن حمل نفس اعتقاد الفاعل على الصحّة كما ذكره المصنف رحمهالله وأمّا صورة العلم بجهل الفاعل فالظاهر هو الحمل على الصّحة الواقعية أيضا لعموم الأدلّة لأنّ عمدتها الإجماع والأخبار والسّيرة واختلال النّظم ولا فرق في شيء منها بين علم الفاعل بالصّحيح والفاسد وعدمه سيّما السّيرة الّتي هي العمدة في المقام لما عرفت من المناقشة فيما عداها ومن هنا يظهر ضعف ما يظهر ممّا نقله المصنف رحمهالله عن المدارك من التفصيل بين علم الفاعل وجهله بدعوى عدم جريان القاعدة على الثّاني هذا إن أراد عدم جريانها مع جهل الفاعل بالصّحة والفساد وإن أراد عدم إثباتها للصّحة الواقعيّة مع جهله بالواقع بمعنى اعتقاده للصّحة حتّى في حال الإحرام بأن كان بين معتقد الفاعل والحامل عموم مطلق كما أشرنا إليه عند شرح كلام صاحب المدارك في بعض الحواشي السّابقة فيظهر الكلام فيه ممّا قدمناه هنا ولا بأس بنقل كلامه بتمامه حتّى تظهر حقيقة الحال وتتضح جلية المقام بالإشارة إلى ما في كلامه في شرح قول المحقّق ولو اختلف الزّوجان فادعى أحدهما وقوع العقد في حال الإحرام وأنكر الآخر فالقول قول من يدعي الإحلال ترجيحا لجانب الصّحة فإنّه بعد بيان حكم العلم بوقوع العقد في الإحرام قال ولو اختلفا فادعى أحدهما أنّه وقع في حال الإحلال وادعى الآخر وقوعه في حال الإحرام فقد حكم المصنف رحمهالله وغيره بأن القول قول من يدعي وقوعه في حال الإحلال حملا لفعل المسلم على الصّحة والتفاتا إلى أنهما مختلفان في وصف زائد على أركان العقد المتّفق على حصولها يقتضي الفساد وهو وقوع العقد في حالة الإحرام فالقول قول منكره وفي الوجهين نظر أمّا الأوّل فلأنّه إنّما يتم إذا كان المدعي لوقوع الفعل في حال الإحرام عالما بفساد ذلك أمّا مع اعترافهما بالجهل فلا وجه للحمل على الصّحة وأمّا الثّاني فلأنّ كلا منهما يدعي وصفا ينكره الآخر فتقديم أحدهما يحتاج إلى دليل وكيف كان فينبغي القطع بتقديم قول من يدعي الإحلال مع اعتراف مدّعي الفساد بالعلم بالحكم وإنّما يحصل التردّد مع الجهل ومعه يحتمل تقديم قول من يدعي تأخّر العقد مطلقا لاعتضاد دعواه بأصالة عدم التقدّم ويحتمل تقديم قول مدّعي الفساد لأصالة عدم تحقق الزّوجيّة إلى أن يثبت شرعا والمسألة محل تردّد انتهى وقوله فلأنّه إنّما يتمّ إلى آخره قد عرفت ضعفه وقوله فلأنّ كلا منهما يدعي إلى آخره يرد عليه أنّ مرجع نزاع الزّوجين في صحّة العقد وفساده في المقام بعد اتفاقهما على وقوع عقد منهما إلى دعوى طرو المفسد عليه وهو وقوعه في حال الإحرام وعدمه إذ الفرض استكمال العقد أركانه فيقال الأصل عدم طرو المفسد عليه فلا وجه لفرض كلّ منهما مدعيا ومنكرا ودعوى أنّ الغرض من نفي المفسد بالأصل إثبات وقوع العقد في حال الإحلال والأصل عدمه أيضا ضعيفة لأنّ الغرض من نفي المفسد ليس إثبات وقوعه في حال الإحلال وإلاّ كان الأصل مثبتا بل الغرض نفيه ساكتا عن وقوعه في حال الإحلال لأنّ شرط صحّة العقد عدم وقوعه في حال الإحرام لا وقوعه في حال الإحلال حتّى يحتاج إلى إثباته بنفي ضدّه بالأصل كي يعارض ذلك بمثله وبالجملة أنّ صحّة العقد وفساده يترتبان على عدم وقوعه في حال الإحرام ووقوعه فيه فبمجرّد نفي هذا الوصف تثبت صحّته ولا تصحّ معارضته بأصالة عدم وقوعه في حال الإحلال لما عرفت من عدم ترتب الصّحة على تحقّق هذا الوصف حتّى يحتاج في الحكم بها إلى إحرازه ليعارض ما ذكرناه بأصالة عدم هذا الوصف أيضا نعم تمكن الخدشة فيما ذكرناه أيضا بأنّه إن أريد بأصالة عدم المفسد أصالة عدمه مطلقا في هذا المورد ليثبت به عدم المفسد الخاصّ وهو وقوع العقد في حال الإحرام فهو لا يتم إلاّ على القول بالأصول المثبتة وإن أريد بها أصالة عدم المفسد الخاص فهو فرع العلم بخلو العقد من هذا المفسد في زمان حتّى يستصحب عدمه وهو خلاف الفرض ويحتمل أن يكون نظر من رجح جانب مدعي الصّحة إلى قاعدة إحراز المقتضي والشكّ في المانع على ما يدعي من بناء العقلاء على عدم المانع في مثله وقد عرفت أنّ مرجع اختلاف الزّوجين إلى دعوى طرو المفسد وعدمه نعم لمانع أن يمنع تحقّق هذا البناء ولكن الأمر في ذلك بعد ما عرفت من جريان قاعدة الحمل على الصّحة في المقام سهل يسير وأمّا صورة الجهل بحال الفاعل فالظّاهر أنّها كسابقتها فتأمّل في المقام فإنّه من مزال الأقدام ومزلقة الأفهام لعدم عنوان المسألة في كلمات كثير من الأعلام (قوله) إنّ الظاهر من المحقّق الثّاني إلخ حاصل نزاعهم في المقام أن العقد الواقع