بالإجماع والعلم التفصيلي بمواردها منسدّ والعمل بالأصول فيها مخالف للعلم الإجمالي فيجب العمل بالظنّ في مواردها وثانيهما استقراء الموارد الجزئيّة الّتي ثبت اعتبار القاعدة فيها بالإجماع أو الأخبار منها قبول قول ذي اليد فيما في يده في الملكيّة والطهارة والنجاسة والتّذكية ومنها قاعدة كل ذي عمل مؤتمن في عمله من الوكلاء والنواب فإنّ قولهم وفعلهم من العقود والإيقاعات والأعمال الّتي ائتمن بهم فيها مسموعة شرعا بالإجماع ومنها قبول رواية الثّقة في الأحكام عند عدم المعارض ومنها قبول شهادة الشاهد في مواردها ومنها قبول إقرار العقلاء على أنفسهم ومنها تصديق النّساء فيما في أرحامهنّ ومنها الحكم بطهارة ما وجد في أسواق المسلمين من اللّحوم والجلود وكونها مذكّاة وغير ذلك من الموارد الّتي قام الدّليل فيها بالخصوص على اعتبار القاعدة لأنّ استقراء هذه الموارد يعطي اعتبار القاعدة على وجه الكليّة إلاّ فيما قام الدّليل على عدم اعتبارها فيه فإن قلت إن التمسّك بالاستقراء إنّما يتم على القول بالظنون المطلقة دون الخاصّة قلت إنّ هذا استقراء في الأدلّة الشرعيّة من الأخبار والإجماعات والظنّ الحاصل منها كالحاصل من رواية معتبرة لوضوح عدم الفرق بين الظنّ الحاصل من مجموع عدّة روايات والحاصل من رواية خاصة من حيث الاعتبار وعدمه والاستقراء إنّما لا يعتبر إذا كان الظنّ حاصلا من تتبع موارد الحكم دون الأدلّة وهو واضح (قوله) ولعل مبناه أي مبنى التفسير ولو لم يكن مبنيّا على ذلك كان ظاهر الآية بمعونة التفسير بحسب مفهوم سياقها النّهي عن التكلّم في حقّ الغير بالسّوء بمجرّد رؤية ما يصلح للخير والشّر بأن يقال فلان شارب بمجرد رؤية شرب الخمر منه المحتمل كونه للتداوي وتشهي النّفس وحمل فعل المسلم على الصّحة لا يبتنى على حرمة التكلّم بالسّوء المحتمل في فعله بل ظاهر الآية حينئذ هو النّهي عن الافتراء لأنّ نسبة السّوء إلى شخص من دون علم بصدوره عنه يشبه الكذب والافتراء أو داخل فيهما(قوله) على إرادة الظنّ إلخ عليه يبتنى ما روي في بعض الكتب من قال لا إله إلاّ الله فقد كفر(قوله) فإن الظن السّوء إثم إلخ وحمل فعل المسلم وقوله على الفاسد ظن السّوء في حقّه فيكون إثما فيجب اجتنابه بحملهما على الصّحيح (قوله) والاستدلال به يعني بآية عموم الوفاء ولا يخفى أنّ الاستدلال بالعمومات في الشّبهات الموضوعيّة يظهر من جماعة فلازمهم أيضا جواز التمسّك بالآيتين وآية حلّ البيع للمقام (قوله) ما فيه من الضّعف لضعف التمسّك بالعمومات في الشبهات الموضوعيّة كما قرّر في محلّه (قوله) وأضعف منه إلخ لأنّ مرجع ضعف الآيتين الأخيرتين إلى عدم ظهور العمومات في الشبهات الموضوعيّة لأنّها من قبيل المجمل بالنّسبة إليها ولكنهما على تقدير تسليم ظهورهما دالتان على المدّعى والآيتان الأوليان لا دلالة فيهما على المدعى أصلا لأن مساقهما مساق الأخبار الآتية وسيشير المصنف رحمهالله إلى ضعف دلالتها وإلى أن وجوب الوفاء ولزوم العقود غير صحتها إذ قد يتردد الأمر في العقد الجائز بين الصّحيح والفاسد اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ المراد بوجوب الوفاء وجوب الالتزام بمقتضى العقود إن واجبا فعلى وجه الوجوب وإن جائزا فعلى وجه الجواز مضافا إلى أخصيتهما عن المدعى اللهمّ إلاّ أن يتمّم دلالتهما بعدم القول بالفصل (قوله) ما في الكافي إلخ رواها مرسلة عن الحسين بن المختار عن أبي عبد الله عليهالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام ولا يقدح فيها الإرسال بعد انجبار إرساله بالعمل لأنّ المدار في اعتبار الأخبار على الوثوق بصدورها لا على صحتها اصطلاحا وأمّا دلالتها فبتقريب أنّها تدلّ على وجوب الحمل على الأحسن عند دوران الأمر بينه وبين الحسن فمع دورانه بين الحسن وغيره كالصّحيح والفاسد فيما نحن فيه بطريق أولى وهو يشكل بعدم وجوب الحمل على الأحسن عند دوران الأمر بينه وبين الحسن كدوران صلاة شخص بين الإتيان بها على وجه أكمل وكامل اللهمّ إلاّ أن يقال إنه مع دوران الفعل بين الصّحيح على اعتقاد الفاعل وفساده على اعتقاد الحامل وبين الصّحيح على اعتقادهما بأن كان بين معتقدهما عموم مطلق بأن يرى الفاعل صحّة البيع بالعربيّة والفارسيّة ويراه الحامل فاسدا بالفارسيّة فأوقع بيعا وتردد بين إيقاعه بالعربية والفارسية فالحمل على الصّحيح على اعتقاد الفاعل حسن وعلى اعتقاد الحامل أحسن لاعتقاد الحامل مطابقة اعتقاده للواقع ويمكن صدق الدّوران بينهما مع الجهل باعتقاد الفاعل أيضا ولكنّك خبير بأن الرّواية إن اختصّت بموارد دوران الأمر بين الحسن والأحسن يلزم تخصيص الأكثر لعدم وجوب الحمل على الأحسن في أكثر مواردها كما عرفت وإن عمت الصّورتين لزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد وإن أريد بها استحباب الحمل على الأحسن فلا يكون لها دخل فيما نحن فيه فإن قلت إن صيغة الأفضليّة هنا مستعملة في معنى المجرّد مثل قوله تعالى (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) لعدم حبّه لما دعونه إليه أصلا قلت إنّ الحمل على هذا المعنى محتاج إلى القرينة مضافا إلى ما استظهره المصنف قدسسره في معنى الرّوايات فإنّه وارد على هذا التقدير أيضا فلا تغفل (قوله) انماث أي ذاب (قوله) فلا حرمة بينهما لعلّ المراد ارتفاع حقوق الأخوّة بينهما(قوله) إلى غير ذلك من الأخبار مثل ما دلّ على تحريم إضمار السّوء على الأخ المسلم وما يقرب منه وما في خبر الجهني والمروي مرسلا عن الصّادق عليهالسلام من أنّ المؤمن وحده جماعة وأنت خبير بأنّ حرمة اتهام الأخ المسلم وإضمار السّوء عليه أعمّ من وجوب حمل فعل المسلم على الصّحة لأنّ وجوب تركهما لا يستلزم ترتيب آثار الصّحة على فعل الأخ لجواز التوقّف من هذه الجهة وأمّا ما دلّ على أنّ المؤمن وحده جماعة فمع الغضّ عن سنده أنّه لم يبق على ظاهره لعدم اعتبار قول المؤمن الواحد في كثير من الموارد بل أكثرها كقول الفاسق مطلقا إجماعا وقول المؤمن مطلقا وفعله في مقام الدّعوى إلاّ من باب الشهادة مع استجماع شرائطها إلى غير ذلك فلو بنى على الأخذ بظاهره وإخراج ما أخرجه الدّليل لزم تخصيص الأكثر فلعلّ المراد بالمؤمن في الرّواية هو الكملين منهم مثل الأئمّة المعصومين عليهمالسلام أو هم مع من دونهم مثل سلمان وأبي ذر ومقداد مضافا إلى ما قيل في معناه من أنّ المراد به إدراك فضيلة الجماعة لطالبها ولم يجدها تفضّلا من الله تعالى ومعاملة له على قدر نيته فإنّها خير من عمله وفي الفقيه أنّ الواحد جماعة لأنّه إذا دخل المسجد وأذّن وأقام صلّى خلفه صفان من الملائكة ومتى أقام ولم يؤذن صلّى خلفه صف واحد وبالجملة أنّ اعتبار القاعدة في الجملة أوضح من أن يستند في إثبات اعتبارها إلى أمثال هذه الأخبار(قوله) إلاّ على أنّه لا بدّ من أن يحمل إلخ حاصله دعوى ظهور الأخبار المذكورة في الأمر بحمل الفعل المحتمل وقوعه على الوجه الحسن والقبيح من حيث التكليف على وجهه الحسن لا على الوجه الحسن من حيث الوضع أعني الصّحة والفساد ويحتمل أن يكون المراد دعوى ظهورها في الأمر بحسن الظنّ بالمؤمن والنهي عن سوء الظنّ به في أفعاله من حيث