الإخلال ببعض ما يعتبر فيه منحصر فيما ذكرناه فقد حكي عن العلاّمة في المنتهى عدم الالتفات إلى هذا الشكّ لاندارجه تحت عموم القاعدة ونقله الشّهيد في محكي البيان عن السّيّد جمال الدّين بن طاوس واستوجهه وقال في المدارك ويمكن الفرق بين الصّورتين بأنّ اليقين هنا حاصل بالتّرك وإنّما حصل الشكّ في موضعه بخلاف الشكّ بعد الفراغ فإنه لا يقين فيه بوجه والمتبادر من الأخبار المتضمّنة لعدم الالتفات إلى الشكّ في الوضوء بعد الفراغ الوضوء الذي حصل الشكّ فيه بعد الفراغ انتهى وظاهره كون العلم الإجمالي مانعا من جريان القاعدة مطلقا والذي يساعده التحقيق أنّ العلم الإجمالي إن كان مستلزما لخطاب شرعي يلزم من إلغائه مخالفته نظير الشبهة المحصورة إذا كان طرفاها محلّ ابتلاء للمكلّف لا تجري فيه القاعدة وإن لم يستلزمها لا يعتبر فيه العلم الإجمالي ويراعى فيه مقتضى القاعدة نظير الشبهة المحصورة أيضا إذا كان كل من طرفيها أو أحدهما خارجا من محلّ الابتلاء فالعلم الإجمالي على إطلاقه غير مانع من جريان القاعدة كما لا يمنع جريان الاستصحاب كذلك وتوضيح المقام أنّ الطّهارتين اللّتين علم ببطلان إحداهما إجمالا إن ترتب على بطلانهما حكم شرعي فالعلم ببطلان إحداهما يستلزم ترتب هذا الخطاب عليه فلا تجوز مخالفة مثل هذا العلم الإجمالي كما قرّر في محلّه كما إذا صلّى بعد كل من الطّهارتين الرّافعتين صلاة واحدة وعلم ببطلان إحداهما فإنّ العلم الإجمالي ببطلان إحداهما مستلزم للعلم كذلك ببطلان إحدى الصّلاتين لا محالة وحينئذ يجب قضاؤهما من باب المقدّمة على وجه يحصل الترتيب بينهما على القول باعتباره على ما هو الحقّ من وجوب الموافقة القطعيّة وعدم كفاية الموافقة الاحتماليّة على ما حققناه في الشّبهة المحصورة والقائل بجريان القاعدة في المقام إن أراد إجراءها بالنّسبة إلى كلّ من طرفي العلم الإجمالي فهو مستلزم لمخالفة خطاب وجوب قضاء الفوائت قطعا وإن أراد إجراءها بالنسبة إلى أحدهما فهو مستلزم لمخالفته الاحتمالية نظير ما قررناه في الشبهة المحصورة وغيرها من موارد العلم الإجمالي الذي تستلزم مخالفته مخالفة خطاب شرعيّ وإن لم يترتب على بطلانهما أو بطلان إحداهما حكم شرعي مثل الصّلاة الواقعة بعد وضوءين تجديديين أو أحدهما أصلي والآخر تجديدي وقلنا بعدم رفع التجديدي كما في محلّ الفرض فلا مجرى للقاعدة على الأوّل بخلاف الثّاني أمّا عدم ترتب حكم على بطلان الأوّلين فلفرض عدم استناد صحّة الصلاة على الوضوء التجديدي مع القطع بصحّته فضلا عن القطع ببطلانه تفصيلا أو إجمالا فلا يترتب خطاب وجوب الإعادة والقضاء على بطلانهما وأمّا عدم ترتبه على العلم الإجمالي ببطلان أحدهما فلاحتمال كون الباطل هو التجديدي فلا يحصل العلم بتوجّه خطاب بوجوب الإعادة والقضاء بسبب هذا العلم الإجمالي وأمّا عدم جريان القاعدة على الأوّل فلفرض العلم التفصيلي ببطلان الصّلاة فيه وأمّا جريانها على الثّاني فإنّه لا محظور فيه بعد فرض عدم استلزام مخالفة العلم الإجمالي حينئذ لمخالفة خطاب منجز نظير ما حقّقناه في الشبهة المحصورة إذا كان أحد طرفي الشبهة خارجا من محلّ ابتلاء المكلّف هذا كلّه إن قلنا باعتبار القاعدة من باب الأصول وإن قلنا باعتبارها من باب الظنّ ولو نوعا فالقول بالمنع أوجه لعدم تحقق الكشف والظّنّ ولو نوعا مع العلم الإجمالي بخلافها وإن أراد صاحب المدارك بالمنع المطلق ذلك فلا اعتراض عليه وإن أراد غير ذلك بأن منع جريان القاعدة مطلقا مع قوله باعتبارها من باب التعبّد فقد عرفت ما فيه وما ادعاه من انصراف الأخبار إنما يتم على الأوّل لا على هذا القول إذ عليه لا فرق بين الشكّ البسيط والمشوب بالعلم الإجمالي في عموم القاعدة العاشر أنّك قد عرفت سابقا أنّ عدم الالتفات إلى الشكّ بحكم القاعدة إنّما هو فيما تحقّق التجاوز عن محلّ المشكوك فيه وعرفت أيضا محلّه على المختار من عموم القاعدة ومذهب المشهور وهذا مع تعين محلّ المشكوك فيه واضح وإن لم يتعيّن ذلك بأن كان المكلّف متجاوزا عن محلّ المشكوك فيه على تقدير دون آخر كما إذا علم بترك أحد جزءين إجمالا وكان متجاوزا عن محلّ أحدهما دون الآخر فهو على وجهين أحدهما أن يتحقق التجاوز عن محلّ الشكّ للمحتمل الذي فرض تحقق التجاوز عن محلّه كما إذا علم في حال النهوض للقيام بترك التّشهّد أو السّجود لأنّ المتروك إن كان هو السّجود فقد تجاوز عن محلّه ودخل في غيره وهو التّشهّد وإن كان هو التشهّد فقد بقي محلّه بعد لفرض عدم وصوله إلى حدّ القيام وثانيهما أن يتحقق التجاوز عن محل النّسيان للمحتمل المذكور وهو الدّخول في ركن آخر كما إذا علم حال النّهوض للقيام بترك التشهّد أو الفاتحة إذ لو كان المتروك هي الفاتحة فقد تجاوز عن محلّ نسيانها وهو الدّخول في الرّكوع أمّا الأوّل ففي جريان القاعدة فيه وجهان من بقاء محلّ التشهّد فيجب الجلوس له فإذا جلس يتحقق بقاء محلّ السّجود أيضا فيجب العود إليه أيضا مضافا إلى منع العلم الإجمالي من جريان القاعدة كما تقدّم ومن صدق التّجاوز عن محلّ أحد الجزءين وهو السّجود دون الآخر وهو التّشهّد فيجب عدم الالتفات إلى الشكّ بالنّسبة إلى الأوّل دون الثّاني والعلم الإجمالي غير مانع من جريان القاعدة في المقام لتعين أحد طرفيه إذ الجلوس للتشهّد واجب على كلّ حال لفرض بقاء محلّه لأنّه إن كان هو المتروك فواضح وإن كان هو السّجود دونه فلا يترتّب على وجوده أثر لأنّه إنّما يعتبر مع سبقه بالسّجود إذا لو التفت بعد التشهّد إلى نسيان السّجود وجب تداركه معه ما لم يدخل في ركن آخر وقد تقدّم في مسألة الشبهة المحصورة عدم وجوب الاجتناب عن أحد طرفيها مع تعيّن الاجتناب عن الطرف الآخر بالخصوص فكما أن العلم الإجمالي هناك غير مانع من استصحاب الطهارة كذلك هو غير مانع من إجراء القاعدة هنا بالنّسبة إلى ما تحقّق التجاوز عنه وأمّا دعوى كون الجلوس للتشهّد محقّقا لبقاء محلّ السّجود ففيها أن الإذن في العود إلى التشهّد لا يستلزم الإذن في العود إلى السجود أيضا وإن استلزم بقاء محلّه بقاء محلّه لجواز التفكيك بين اللّوازم في موارد الأصول بناء على ما هو الحقّ من كون اعتبار القاعدة من باب التعبّد دون الظنّ ولو نوعا فيجب حينئذ تدارك التشهّد لبقاء محلّه دون السّجود سيّما على القول بكون الأمر بالمضي وعدم الالتفات إلى الشكّ من باب العزيمة دون الرّخصة ومن هنا قد قوى هذا الوجه بعض مشايخنا ولكنّك خبير بأنّه وإن فرض صدق التجاوز عن محلّ السّجود إلاّ أنّه لم يتحقق الدّخول في الغير كما هو المعتبر في عدم الالتفات إلى الشكّ لأنّه فرع العلم بالإتيان بالتشهّد وهو خلاف الفرض وكيف كان فعلى ما قوّاه لا فرق بين أن يكون أحد الجزءين ركنا وعدمه نعم لو كان كلّ منهما ركنا فلا يمكن فرضه في هذا القسم بل هو داخل في القسم الثّاني إذ مع فرض كون المتروك هو الجزء الأوّل الرّكني يحصل التجاوز عن محلّ نسيانه بالدّخول في الجزء الآخر الرّكني وإن فرض بقاء محلّ شكّ هذا الجزء الرّكني