مسعدة فقد تقدّم الإشكال في عدّها في عداد أدلة القاعدة وقد ظهر من جميع ما قدمناه عدم قيام دليل على اعتبار اليد في مقابل البيّنة المستندة إلى الاستصحاب ولكن الإنصاف أن الالتزام به بعيد لأنّ مقتضاه أن يكون المنكر مطالبا بالبيّنة لأنّه إذا ادعى عمرو شيئا في يد زيد وكان ذلك ملكا لعمرو في السّابق فمطالبة الحاكم البيّنة من عمرو إن كان لعدم اعتبار يد زيد من حيث هي في هذا المورد لا لكونه منكرا ووظيفته اليمين دون البيّنة لزم مطالبة المنكر بالبيّنة لموافقة قول عمرو للاستصحاب بالفرض فيكون هو منكرا وزيد مدعيا وهو خلاف طريقة الفقهاء حيث يطالبون البيّنة من المدّعي واليمين من المنكر وتحقيق المقام أن يقال إنا قد أثبتنا بالإجماع والأخبار اعتبار اليد وإفادتها للملك مطلقا وكذا حكومتها على الاستصحاب كذلك ولكن قد خرج من ذلك بالإجماع ما لو ادعى أحد شيئا في يد حر مع العلم بسبق ملك المدّعي فإن مقتضى القاعدة حينئذ وإن كان عدم جواز شهادة البيّنة بالملك الفعلي للمدّعي استنادا إلى الاستصحاب لما عرفت من حكومة اليد عليه وكذا مقتضاها جواز ترتيب آثار الملك على ما في اليد من الحاكم والشّاهد وغيرهما قبل إقامة المدّعي بيّنة على دعواه إلا أنّ جواز الشهادة وعدم جواز ترتيب آثار الملك بعد إبراز المدعي لدعواه ولو قبل إقامة البيّنة خارجان من مقتضى القاعدة بالإجماع ولكن لا بدّ أن يقتصر فيه على مورد الإجماع وهو ما ذكرناه ولذا لا يجوز للشاهد والحاكم وغيرهما قبل إبراز المدعي لدعواه أن يتصرف في المال بدون إذن ذي اليد وإن أذن له المدعي ولا أن يكون وكيلا في بيعه أو شرائه أو نحو ذلك ويجوز ذلك بإذنه وأمّا بعد إبرازها فلا بد أن يبني على مقتضى الاستصحاب من علم بملك المدعي سابقا ولكن للتأمّل في هذا الإجماع مجال لمنع أبي الصّلاح من جواز الشهادة استنادا إلى الاستصحاب وفصل العلامة بين إفادة الاستصحاب للظنّ وعدمها فيجوز على الأوّل دون الثّاني وفصّل الشيخ الحرّ بوجه آخر ففي المختلف قال أبو الصّلاح وإذا كان الشّاهد عالما بتملك غيره دارا أو أرضا أو غير ذلك ثمّ رأى غيره متصرّفا فيها من غير منازعة من الأوّل ولا علم بإذن ولا مقتضى إباحة التّصرف من إجارة أو غير ذلك لم يجز له أن يشهد بتملكها لواحد منهما حتّى يعلم ما يقتضي ذلك في المستقبل وليس بجيد لأنّ العلم السّابق يستصحب حكمه إلى أن يعلم المزيل والتّصرف مع السّكوت لا يدلّ على الخروج عن الملكيّة بخلاف ما لو شاهد غيره متصرّفا في ملك بغير منازع ولم يعرف سبق ملك لأحد فيه فإن جماعة من أصحابنا جوّزوا أن يشهد بالملك المطلق وأمّا مع سبق يد الغير فلا وقال وإذا غاب العبد أو الأمة عن مالك لم يجز له أن يشهد ما كان يعلمه من الملك لهما إلاّ أن يعلم أنّ غيبته لإباق أو إذن المالك وليس بجيد كالأوّل نعم إن اعترضه شكّ في بقاء الملك لم يجز له أن يشهد بأنّ الآن ملكه بل أنّه كان ملكه في الماضي وكأنّ مقصوده ذلك وحينئذ يصحّ ما قاله رحمهالله انتهى وقال في الوسائل بعد ذكر رواية حفص ولا ينافي هذا ما سيأتي في الشهادات من جواز الشهادة بالاستصحاب لأنّ المفروض هنا عدم دعوى المتصرّف الملكية على أنّه لا منافاة في جواز الشهادة وعدم قبولها لمعارضة ما هو أقوى ولا في جوازها وعدم وجوب القضاء عليها انتهى وحاصل ما ذكره في الجمع بين الأخبار وجوه ثلاثة أحدها أنّ ما دلّ على جواز الشهادة استنادا إلى الاستصحاب مفروض إما فيما لم يكن هناك يد أصلا كما إذا كان المال في يد ثالث ينكر كونه ملكا للمتنازعين ولا ينسب الملك إلى نفسه ولا إلى غيره بأن يدعي الجهل ونفي كونه لهما أو فيما لم يدع ذو اليد ملكية ما في يده بل كان ساكتا عنه مع نفيه لتملك المدعي وما دل على إفادة اليد للملك مفروض فيما كان ذو اليد مدّعيا للملكيّة فتختلف الأخبار حينئذ بحسب المورد وثانيها أن يحمل ما دلّ على جواز الشهادة على إطلاقه إلاّ أنّه لا يجوز للحاكم قبولها لمعارضتها مع اليد الّتي هي أقوى منها وثالثها أن يجوز للحاكم قبولها إلاّ أنّه لا يجب على الحاكم القضاء بها وهذه الوجوه كقول العلاّمة وأبي الصّلاح وإن كانت ضعيفة جدا إلاّ أنّها توهن دعوى الإجماع المذكور ويمكن التفصيل بوجه آخر بأن يحمل ما دل على اعتبار اليد على غير صورة المنازعة مطلقا ويخصّ ما دلّ على جواز الشهادة بالاستصحاب بصورة وقوع المنازعة بمعنى جواز بناء الشّاهد في شهادته على الاستصحاب بعد وقوع المنازعة لا قبله والمسألة بعد لم تصف عن شوب إشكال لما عرفت من إمكان منع الإجماع نعم المتيقن كون ما ذكرنا مشهورا لا مجمعا عليه تتميم يشتمل على أمرين أحدهما أنّهم قد ذكروا أنّ الاستفاضة تثبت بها أمور منها الملك المطلق فإذا عارضها اليد كما إذا شاع واستفاض كون ما في يد زيد ملكا لعمرو فهل تقدم اليد أو الاستفاضة فيه احتمالان مقتضى القاعدة هو الأوّل لكن لا من حيث قوّة دلالتها وأظهريتها وإلا فالاستفاضة قد تفيد ظنّا أقوى منها بل من حيث أنّ الدّليل على اعتبار الاستفاضة هو الإجماع على اعتبارها في الأمور المذكورة وهو ممنوع في المقام لأنّ المتيقن منه مورد عدم معارضتها باليد والمراد بالأمور الباقية هو النسب والموت والوقف والنّكاح والعتق وولاية القاضي وثانيهما أنّ بمجرّد اليد هل تجوز الشهادة بالملك المطلق أم لا بد من العلم به والأقوى هو الأوّل وفاقا لجماعة خلافا للمشهور على ما حكي عنهم وتدلّ عليه رواية حفص بن غياث المتقدّمة وضعفها منجبر بعمل جماعة ووجودها في الكافي والفقيه والتهذيب ثم اعلم أنّ المصنف رحمهالله قد أشار إلى بيان تعارض الاستصحاب مع جملة من القواعد ومن جملة القواعد الّتي أهمل المصنف رحمهالله بيان حكمها هي قاعدتا الطّهارة والحلية والحقّ حكومة الاستصحاب عليها لأنّ الشارع إنّما حكم بطهارة ما لم تعلم نجاسته وبحليته ما لم تعلم حرمته واستصحاب النجاسة والحرمة علم شرعي فيكون رافعا لموضوعهما سيّما إذا قلنا بأن مرجع الطهارة والحلية إلى أصالة البراءة عن وجوب الاجتناب كما يقتضيه الاستدلال بالأخبار الواردة فيها في مسألة البراءة لورود الاستصحاب عليها إن قلنا باعتبارها من باب العقل وحكومته عليها إن قلنا باعتباره من باب الأخبار كما سيجيء إن شاء الله تعالى (قوله) وأمّا حكم المشهور إلخ دفع لتوهّم تقديم المشهور هنا الاستصحاب على اليد وحاصل الدّفع أن التقديم هنا للإقرار لا الاستصحاب (قوله) وإن جعلناه إلخ أي الاستصحاب (قوله) في أنّ أصالة الصّحة في العمل إلخ اعلم أنا إن قلنا باختصاص مورد قاعدة حمل فعل المسلم على الصّحة بفعل غير الحامل فالنّسبة بينها وبين قاعدة الشكّ بعد الفراغ هو التباين وإن قلنا بكونه أعمّ منه ومن فعل الحامل بناء على ما يظهر من بعضهم من شمول الأولى لفعله كما سيجيء في محلّه فالنّسبة بينهما بحسب المورد بالنسبة إلى فعل