اتفاقا ومنها اليد المسبوقة بالعلم بكون ما في يده للمدّعي كما إذا كان شيء في يد زيد وعلمنا بكونه في السّابق لعمرو وادعاه عمرو وأنكره عليه زيد بأن ادعى كونه له فعلا دون عمرو من دون تعرض لكونه في السّابق لعمرو حتّى يكون بذلك مدعيا للانتقال منه إليه وعمرو منكرا للانتقال كي ينتزع المال من يده ويدفع إلى عمرو ويلزم بإقامة البيّنة على دعواه نظرا إلى أنّ مقتضى الأصل عدم الانتقال كما عرفت من عدم الاعتداد باليد في مثله ومحلّ الكلام في المقام هذا القسم الأخير وتقديم البيّنة المستندة إلى الاستصحاب على اليد الموجودة إنّما هو لعدم الدّليل على اعتبار مثل اليد المذكورة لا لتقديم الاستصحاب عليها وذلك لأنّك قد عرفت أنّ اعتبار اليد في إفادة الملك إنّما هو من باب الغلبة وإمضاء الشّارع لها تنزيلا للأخبار عليه لا على بيان اعتبار اليد تعبّدا ولا غلبة مع دعوى المالك السّابق في كونه لذي اليد الموجودة فينتفي مناط اعتبارها وإن أبيت عن تحقق الغلبة أو ادعيت أن الغلبة حكمة في الحكم لا علّة له فلا يجب اطرادها أو منعت هذا أيضا وادعيت كون اعتبارها من باب التعبّد المحض جمودا على ظاهر الأخبار نمنع شمول الرّوايات حينئذ للمقام لأنّ العمدة منها رواية حفص بن غياث المتقدّمة وتقريب دلالتها أنّ الإمام عليهالسلام قد جوّز أن يشهد الرّجل بكون ما في يد آخر ملكا له بمجرّد رؤيته في يده مع احتمال كونه لغيره قال قلت فلعلّه لغيره قال ومن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك ثمّ تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه الحديث وهو بإطلاقه يشمل اليد الموجودة ولو مع دعوى المالك لبقاء ملكه فيصح لنا الحكم بكون ما في يده له ولو مع دعوى ذي اليد السّابقة وفيه أوّلا أنّ ظاهر الرّواية أو المتيقّن منها حكم الإمام عليهالسلام بكون اليد أمارة للملك مع احتمال كونه لغير ذي اليد فيما لم يتعين الغير فلا يشمل صورة تعيّنه خصوصا مع كونه مدعيا له ولعلّ لعدم التعين مدخلا في الحكم وثانيا مع التّسليم نمنع صحّة الرّواية لأنّ في سندها محمّد بن قاسم الأصبهاني وسليمان بن داود المنقري وحفص بن غياث أمّا الأوّل فعن النّجاشي أنّه قال فيه إنّه غير مرضيّ وأمّا الثّاني فعن النّجاشي أنّه ليس بمتحقق لنا وعن ابن غضائري أنّه ضعيف جدّا لا يلتفت إليه يصنع كثيرا في المهمّات وأمّا الثالث ففي الخلاصة حفص بن غياث القاضي ولي القضاء لهارون وروى عن الصّادق عليهالسلام وكان عاميّا وثالثا مع التّسليم بناء على ما هو الحقّ من أنّ المعتمد كون الرّواية موثوقا بها وإن لم تصح على اصطلاح المتأخرين ويكفي في وثاقتها وجودها في أحد الكتب الأربعة وهي مرويّة في الكافي والفقيه والتّهذيب أنّ قوله أرأيت إذا رأيت في يد رجل شيئا إلى آخره يحتمل وجوها أحدها أن يكون ذلك تقريرا من الإمام عليهالسلام للسّائل على جواز الشّهادة بكون ما في يدي ذي اليد ملكا له من دون أن يكون ذلك في مقام التّنازع والخصومة والدّعوة إلى أداء الشهادة وفيه أنّه مخالف للأصول والقواعد لعدم الاعتداد بالشهادة في غير باب التنازع فتكون الرّواية حينئذ مطروحة من هذه الجهة وثانيها أن يكون تقريرا منه على جواز الشهادة وفي مقام التّسهيل وتسجيل الأمر بأن أشهد ذو اليد بما في يده لإثبات يده عند الحاكم ليحكم الحاكم بكونه ملكا له تسهيلا للأمر عند ظهور مدّع له لعدم جواز نقض حكم الحاكم وإن أقام المدّعي بعده بينة على دعواه وفيه مع كونه خلاف ظاهر الرّواية ومع عدم نهوض دليل على عدم جواز النقض للحكم الصّادر في غير مقام الدّعوى أنّ المشهور عدم صحّة مثل هذا الحكم وإن حكيت صحّته عن العلاّمة وبعض من تأخّر عنه فتكون الرّواية حينئذ مطروحة أيضا عند المشهور وثالثها أن يكون المقصود بيان جواز الشّهادة بالملك لبينة الداخل بمجرّد اليد في صورة تعارض البينتين فلا يكون للرواية حينئذ مدخل فيما نحن فيه من تقديم البينة المستندة إلى الاستصحاب على اليد الموجودة ورابعها أن يكون المقصود بيان جواز الشّهادة بالملك لذي اليد السّابقة بمجرّد اليد مع إنكار اللاحقة وفيه أنّ الرّواية حينئذ أيضا لا تدلّ على اعتبار اليد اللاحقة وخامسها أن يكون المقصود جواز إقامة الشهادة لذي اليد الموجودة بما في يده له مع العلم بكونه ملكا لمدعيه في السّابق وفيه أنّ الرّواية حينئذ تكون مخالفة للإجماع إذ مع اعتبار اليد يكون ذو اليد منكرا فلا تسمع منه إقامة البينة وبالجملة أنّه ليست في الرّواية على جميع الوجوه المذكورة دلالة على المدّعى ورابعا أنّ قوله عليهالسلام ولو لا هذا لما قام للمسلمين سوق في موضع التعليل للحكم السّابق ويستفاد منه كلية كبرى مطوية وهي أنّ كلّما كان موجبا لاختلال أمور المسلمين لو لا اعتباره فهو حجّة فيدلّ التعليل بعمومه المستفاد منه على اعتبار الاستصحاب الّذي هو مستند الشهادة في مقابل اليد الموجودة في محلّ الفرض بمعنى عدم الاعتداد باليد الموجودة في مقابله لما عرفت من لزوم بطلان حقوق النّاس غالبا على تقدير عدم اعتباره وأمّا موثقة يونس فغاية ما يمكن أن يستدلّ بها على المقام من فقراتها هو عموم قوله عليهالسلام من استولى على شيء منه فهو له وفيه أنّ ضمير منه عائد إلى متاع البيت وحاصله أن من استولى من الرّجل أو المرأة على شيء من أمتعة البيت فهو له ولا عموم فيه لصورة المنازعة على الوجه المفروض في المقام وأمّا قضية فدك فموردها وإن ناسب المقام لأنّ أبا بكر حيث طلب البيّنة من علي عليهالسلام على تمليك النّبي صلىاللهعليهوآله للفدك فاطمة عليهاالسلام مع كونها ذات يد زعما منه كون فدك صدقة للمسلمين لرواية رواها عن عائشة عن النّبي صلىاللهعليهوآله نحن معاشر الأنبياء لا نورث فأنكر عليهالسلام عليه ذلك بكونها ذات يد لا يطالب منها البيّنة وأظهر عليهالسلام عليه أنّ الطريقة الموظفة من الشّارع أن يطالب البيّنة من المدّعي دون المنكر لأنّ إنكاره عليهالسلام يدلّ على كون اليد مقدمة على الاستصحاب لمخالفة دعوى فاطمة لتمليك النّبي صلىاللهعليهوآله للأصل إلا أنّك خبير بأن عليّا عليهالسلام لم يكن في مقام إثبات الحقّ على الوجه الموظف شرعا لقطع المنازعة للمدّعي والمنكر بل كان غرضه التوصّل إلى حقّه بأيّ وجه اتّفق وإن كان على خلاف الطريقة المقرّرة من الشّارع لقطع الخصومة حيث كان أبو بكر وأصحابه في مقام التعصّب واللّجاج وكان قصدهم انتزاع يده من فدك عنادا ولم يكونوا عارفين بأسلوب الشّرع في قطع الخصومة فهو عليهالسلام قد ألزم عليهم الحجّة تسجيلا للحقّ عليهم وإن لم يكن على الطّريق المقرّر لرفع الخصومة ولذا أنكر على أبي بكر مطالبته منه البينة مع إقراره بتملكه للفدك في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله في قوله تسألني البيّنة على ما في يدي وقد تملّكته في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله وبعده الحديث إذ مقتضى قانون الشّرع أن يطالب البيّنة من علي عليهالسلام لصيرورته مدعيا بعد إقراره بالتملك لأصالة عدمه فليس الوجه فيه إلاّ ما ذكرناه من كون المقصود هو التوصّل إلى الحقّ بأي وجه اتفق وأمّا رواية