حينئذ وكذا الثّاني كيف لا وقد عرفت الإجماع على خلافه والعلماء من جملة العقلاء فكيف يدعى بناؤهم على خلاف ما أجمعوا عليه فتدبّر مضافا إلى منع إفادة الاستصحاب للظنّ ولو نوعا مع قيام الدّليل الظنّي على خلافه كما يظهر ممّا نقله المصنف رحمهالله عن العضدي هنا من تعريفه لكنّه ربّما يشكل بأنّ مقتضاه تقديم جميع الأمارات الظنيّة غير المعتبرة عليه وهو خلاف طريقة العلماء طرّا ممّن لا يقول بالظّنون المطلقة نعم لو قلنا باعتباره من باب الظنّ الشّخصي كما حكي عن شيخنا البهائي في الحبل المتين اتجه تقديمها عليه لانتفاء مناط اعتباره حينئذ هذا كلّه إن قلنا باعتبار الأخبار مثلا من باب الظّنون الخاصّة وإن قلنا باعتبارها من باب الظّنون المطلقة ففيه تفصيل لأنّ القائلين بالظنون المطلقة منهم من يقول مع ذلك باعتبار شطر من الظّنون من باب الخصوصيّة كظواهر الكتاب والخبر الصّحيح الأعلائي لثبوت اعتبارهما بأدلّة خاصّة وإن قال في غيرهما بالظنون المطلقة وهذا هو المعروف بين أرباب هذا القول ومنهم من يقول باعتبار الجميع حتّى ظواهر الكتاب من باب الظّنون المطلقة كما يظهر من المحقق القمي رحمهالله وإن لم أعرف سابقا له ولا لاحقا به في ذلك وعلى الأوّل فالدّليل المخالف إن كان ثابتا من باب الظّنون الخاصة فتقديمه على الاستصحاب على نهج ما عرفت وإن كان ثابتا بدليل الانسداد فهو كالطريقة الثانية وعلى الثاني فالمدار على وصف الظنّ فيقدم ما كان مفيدا له سواء كان هو الاستصحاب أو معارضه لفرض كون مناط اعتبار كلّ منهما هو الظنّ اللهمّ إلاّ أن يقال بعدم إفادة الاستصحاب للظنّ مع معارضة الدّليل الاجتهادي فتأمل ثمّ إن ما قدّمناه من الإجماع ربّما يظهر من المحقّق القمي رحمهالله منعه كما يظهر ممّا نقله عنه المصنف رحمهالله وهو ضعيف كما ذكره المصنف رحمهالله لأنّ الأخبار الواردة في المفقود من قبيل الأدلّة الفقاهيّة وما ذكرناه من الإجماع إنّما هو على تقديم الأدلّة الاجتهاديّة على الاستصحاب فلا تغفل ثمّ إنّ جميع ما قدمناه إنّما هو فيما كان الدّليل المقابل للاستصحاب دالاّ على ارتفاع الحالة السّابقة أو بقائها كما هو الغالب في الأدلّة الاجتهاديّة وأمّا إن كان دالاّ على عدم العمل بالحالة السّابقة مع فرض الشكّ في بقائها وارتفاعها كالأخبار الدّالة على البناء على الأكثر عند الشكّ في عدد ركعات الصّلاة وكأخبار المفقود فلا إشكال في كونه مخصّصا لعموم أخبار الاستصحاب ولا تتأتى فيه الوجوه المتقدّمة وبالجملة ما دلّ من الأدلّة الاجتهاديّة على بقاء الحالة السّابقة أو ارتفاعها فهو في مقابل نفس الاستصحاب وما دل على عدم العمل على طبق الحالة السّابقة مع فرض الشكّ فيها فهو في مقابل عموم أدلّة الاستصحاب (قوله) لا يخلو عن مسامحة إلخ توضيحه أنّ الدّليل على خلاف الحالة السّابقة على وجهين أحدهما أن يكون مقتضى الدّليل وجوب البناء على خلاف الحالة السّابقة في مورد الشكّ بمعنى وجوب البناء على خلافها مع كون القضيّة مشكوكة مثل ما دل على وجوب البناء على الأكثر عند الشكّ في ركعات الصّلاة والأخبار الواردة في الفحص عن المفقود أربع سنين وثانيهما أن يكون مقتضاه ارتفاع الحالة السّابقة تنزيلا لمودّاه منزلة الواقع بحكم الشّارع كمؤديات الأدلّة الاجتهادية المعتبرة شرعا القائمة على خلاف الحالة السّابقة ثمّ إن شروط الاستصحاب على قسمين قسم شرط لصّحة العمل به بعد فرض تحقّق موضوعه كاشتراط عدم معارضته بمثله وقسم شرط لتحقق موضوعه كاشتراط بقاء الموضوع والوجه الأوّل من قبيل الأوّل والثاني من قبيل الثّاني ومن هنا يظهر أن جعل عدم الدّليل على خلاف الحالة السّابقة من شرائط العمل بالاستصحاب لا يتمّ إلاّ أن يتسامح في التعبير عن شرط الجريان والتحقّق بشرط العمل (قوله) فالظّاهر أنّه لا تأمل إلخ إن أراد بالظنّ الّذي هو مناط اعتبار الاستصحاب الظنّ النّوعي كما هو الظاهر فما ذكره هنا مناف لما ذكره في الأمر الثّاني عشر من عدم منافاة الظنّ النّوعي للظنّ بخلافه وإن أراد به الشخصي منه فهو خلاف ظاهر العلماء كما اعترف به سابقا وإن أراد به النّوعي وبالأمارة الأمارة المعتبرة خاصّة ففيه أنّ التفصيل في إفادة الاستصحاب للظنّ بين الأمارة المعتبرة وغيرها غير واضح المأخذ اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ ما ذكره في الأمر الثّاني عشر مبنيّ على التحقيق وما ذكره هنا مبني على ظاهر المشهور من عدم عملهم بالاستصحاب في مقابل الأمارات المعتبرة بخلاف غيرها مع قولهم به من باب الظنّ (قوله) فلا دخل له بما نحن فيه إلخ من اعتبار عدم قيام دليل على خلاف الحالة السّابقة في جريان الاستصحاب وقد عرفت توضيحه قبل الحاشية السّابقة فراجع (قوله) لقصور فيها إلخ الأولى في وجه الطّرح بعد الاعتراف باعتبار الأخبار في نفسها وعمل جماعة بها كما تقدّم في كلام المحقق القمي رحمهالله أن يقال إنّ مقتضى إعمال قانون تعارض العام والخاص مطلقا وإن كان تقديم الأخبار المذكورة على عمومات الاستصحاب إلاّ أنّ بعض الأصول والقواعد من اليقينيات عند الفقهاء فلا يرفعون اليد عنها بورود خبر أو خبرين على خلافها ولذا طرحوا ما ورد من الأخبار في جواز تزويج أمة الزّوجة من دون إذنها وما ورد في جواز بيع الوقف وليس الوجه فيه إلاّ أنّ عدم جواز التّصرف في ملك الغير من دون إذنه وكذا عدم جواز بيع الوقف في الجملة من المسلمات المفروغ منها عندهم ولذا ذكر صاحب كشف الغطاء فيما حكي عنه في الأخبار الواردة في جواز بيع الوقف أنّ تخصيص مثل هذه القاعدة بخبر أو خبرين خروج من مذاق الفقاهة وبالجملة أنّ ما ذكرناه في وجه عدم عمل المشهور بالأخبار المذكورة في مقابل الاستصحاب أولى ممّا ذكره صاحب الفصول وتبعه المصنف رحمهالله في ظاهر كلامه في مقام الجواب عمّا ذكره المحقّق القمي رحمهالله من أنّ عدم عملهم بالأخبار في مقابل الاستصحاب من أجل ضعف في سندها فلا تغفل (قوله) الأولى أنّ اليد إلخ اعلم أنّ المصنف رحمهالله وإن أتى من الكلام فيما يتعلق بقاعدة اليد ما يناسب المقام إلاّ أنّه لم يستوفه في فروعها وسائر ما يتعلّق بها فبالحري أن نقدم الكلام أولا في بيان اعتبار القاعدة ومقدار عمومها ودلالتها وما يتبع ذلك ثمّ نشير إلى حكم تعارضها مع الاستصحاب فالكلام هنا في مقامين المقام الأوّل في بيان أمور الأوّل أنّه لا إشكال في اعتبارها في الجملة ويدلّ عليه بعد نقل الاتفاق تارة والإجماع أخرى والضّرورة ثالثة الأخبار المتكاثرة بل المتواترة معنى على ما ادّعاه الفاضل النّراقي منها خبر حفص بن غياث المروي في الكتب الثّلاثة وفيه أرأيت إذا رأيت في يد رجل شيئا أيجوز أن أشهد أنّه له قال نعم قلت فلعلّه لغيره قال عليهالسلام ومن أين جاز لك أن تشتريه وتصير ملكا لك ثم تقول بعد ذلك هو لي وتحلف عليه ولا يجوز أن تنسب إلى من صار ملكه إليك من قبله ثمّ قال عليهالسلام ولو لم يجز هذا ما قام للمسلمين سوق وفيه دلالة على اعتبار كلّ أمارة لولاها لزم اختلال نظم أمورهم سواء كانت يدا أم غيرها ومنها المروي في الوسائل عن تفسير عليّ بن إبراهيم صحيحا وعن الاحتجاج مرسلا عن مولانا الصّادق عليهالسلام