وجوب النّظر إن كان احتمال الخطإ في الاجتهاد كما إذا ظنّ عبارة الفقيه حديثا كما قد يتفق أو الضّعيف صحيحا أو غير ذلك من وجوه احتمال الخلل والخطإ في الاجتهاد السّابق فهو متجه وإن كان احتمال زيادة القوّة الاستنباطيّة لأجل كثرة الممارسة وتتبع أقوال العلماء وأدلتهم أو نحو ذلك كما ربّما يعلل وجوب النظر بذلك فلا مسرح للقاعدة فيه حينئذ أصلا بناء على كون مدركها قاعدة الفراغ أو أصالة الصّحة في الاعتقاد كما هو الفرض إذ لا شكّ في صحّة الاجتهاد السّابق على هذا التقدير بالنسبة إلى حالته الأولى لأنّ الشك إنّما هو في حجية اجتهاد السّابق بالنسبة إلى الحالة اللاحقة فتدبّر (قوله) وربّما فصّل بعض الأساطين إلخ هو صاحب كشف الغطاء في مسألة الوضوء وتوضيح الحال في ذلك أن الشاك في صحّة الاعتقاد السّابق لا يخلو إما أن يتذكر مدرك اعتقاده السّابق أو لا وعلى الأوّل إمّا أن يبيّن فساده عنده أو لا وعلى التقادير الثلاثة إمّا أن يكون عاملا على طبقه أو لا وعلى الأوّل إمّا أن يكون متذكر صورة العمل أو لا فهذه صور تسع أمّا صورة عدم تذكر مدركه مع عدم عمله أصلا فلا إشكال في عدم جواز ترتيب الآثار عليه في اللاّحق لأن الدّليل عليه إمّا الاستصحاب أو قاعدة الفراغ أو أصالة الصّحة في الاعتقاد والكلّ ضعيف أمّا الأوّل فلفرض كون الشكّ ساريا وأمّا الثّاني فلفرض عدم تحقق عمل منه في حال الاعتقاد وعدم شمول القاعدة لنفس الاعتقاد وأمّا الثالث فلعدم الدّليل على هذا الأصل وأمّا مع العمل به في السّابق فلا ريب أنّ قاعدة الفراغ تقتضي صحة الأعمال السّابقة مع عدم تذكر صورتها وأمّا معها فهو مبني على جريانها في صورة التّذكر كما سيشير إليه المصنف رحمهالله في محله وأمّا صورة تبيّن فساد المدرك مع عدم العمل فهي كصورة عدم التّذكر مع عدم العمل وأمّا مع العمل وعدم التّذكر فالظاهر صحّة العمل السّابق لقاعدة الفراغ لأن فساد المدرك لا يستلزم فساد المدرك وأمّا مع التذكّر ففيه ما عرفت وأمّا ترتيب الآثار عليه في الأزمنة المتأخرة فلا دليل عليه كما عرفت وأمّا صورة عدم تبيّنه مع عدم العمل فهي كسابقتها وأمّا مع العمل فأولى بالصّحة مع عدم التذكر وأمّا معه ففيه ما عرفت وأمّا ترتيب الآثار عليه في اللاّحق فهو أيضا كما تقدّم ولا يختلف الكلام على جميع التقادير بين الأحكام والموضوعات وأمثلة الجميع واضحة (قوله) بالنّسبة إلى نفس المعتقد إلخ فإذا اعتقد فسق المجتهد قبل يوم الجمعة ثم اعتقد عدالته يوم الجمعة فصلّى معه وعمل بفتاويه ثم شكّ في يوم السّبت في عدالته في ذلك اليوم لا يجوز له الصّلاة معه والعمل بفتاويه في زمان الشكّ استصحابا لفسقه السّابق ولكن يحكم بصحّة أعماله في يوم الجمعة لقاعدة الفراغ لحكومتها على استصحاب الفسق (قوله) وإنّما الكلام فيما أقامه الشارع إلخ لا يخفى أنّ الدّليل في مورد الاستصحاب موافقا له أو مخالفا إما فقاهتي أو اجتهادي وسيجيء الكلام في الأوّل عند بيان تعارض الأصول وأمّا الثّاني فالظاهر انعقاد الإجماع على تقديم الدّليل الاجتهادي على الاستصحاب سواء قلنا باعتباره من باب التعبّد أو الظنّ نوعا أو شخصا وفي وجه تقديمه وجوه أشار إليها المصنف رحمهالله أحدها وروده عليه إن أفاد العلم لرفعه موضوعه حقيقة وحكومته عليه إن لم يفده لأن معنى الحكومة كما سيجيء في محلّه حكم الشارع في ضمن دليل بوجوب رفع اليد عمّا يقتضيه الدّليل المحكوم لو لا الحاكم كأدلة العسر بالنّسبة إلى سائر العمومات المثبتة للتكليف لأنها مفسرة ومبينة للمراد بسائر العمومات ومخصّصة لموضوعاتها بغير موارد العسر فقول الشّارع صل وصم ونحوهما بعد ضمّها إلى أدلة العسر بمنزلة أن يقال يجب عليك الصّلاة والصّوم اللّتين لا تستلزمان العسر أو بوجوب العمل في مورد بحكم لا يقتضيه دليله المحكوم لو لا الحاكم مثل البينة القائمة في الموضوعات المشتبهة على طبق العمومات فإذا ورد أكرم العدول واشتبه فرد بين كونه عادلا وفاسقا فإذا قامت البينة على عدالته يدخل هذا الموضوع المشتبه في جملة موضوعات عموم وجوب الإكرام فهي مبينة لموضوع وجوب الإكرام ومعمم له لمعلوم العدالة والمشكوك الّذي قامت عليه البيّنة فظهر ممّا ذكرنا أنّ الحكومة تارة بعنوان التخصيص في موضوع دليل وأخرى بالتعميم فيه وفيما نحن فيه إذا ورد خبر أو قامت البيّنة على طبق الحالة السّابقة أو على خلافها فهما من حيث تنزيل مؤدّاهما منزلة الواقع وعدم الاعتناء باحتمال الخلاف في مدلولها شرعا رافع لموضوع الاستصحاب وهو الشكّ فكأنّ الشّارع قال في أدلّة الاستصحاب لا تنقض اليقين بالشكّ بل تنقضه بيقين آخر مثله أو ما قامت عليه البيّنة أو ورد عليه الخبر مثلا وثانيها تخصّصه به بمعنى ورود الأدلّة الاجتهاديّة وإن كانت ظنّية عليه والتقريب فيه تصحيحا وتزييفا واضح ممّا ذكره المصنف رحمهالله إلا أن في إطلاق التخصّص على الورود نوع مسامحة لأنّ الظّاهر من التخصص عدم شمول موضوع الدّليل للآخر كما ستعرفه لا رفع أحدهما لموضوع الآخر كالأدلّة العلميّة بالنّسبة إلى الأصول والفرق بينهما واضح وربّما يقال في تقريب التخصّص أن الظاهر أنّ قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشكّ وارد في مقام النّهي عن النقض بترتيب آثار الشكّ عليه من البراءة والتخيير والاحتياط فلا دلالة فيه على النّهي عن النقض بمثل خبر الواحد مثلا ويرد عليه أنّ قوله عليهالسلام بل تنقضه بيقين آخر مثله قرينة على كون المراد بالشكّ في قوله لا تنقض اليقين بالشكّ مقابل اليقين مضافا إلى أنّ الشكّ أعمّ من الظنّ والاحتمال المساوي باتّفاق من أهل اللّغة كما ادّعاه بعضهم فيشمل الأدلّة الاجتهاديّة الظنيّة فلا بد أن يكون تقديمها على الاستصحاب إمّا من باب الحكومة كما عرفت أو التخصيص كما ستعرفه وثالثها مع تسليم المعارضة بينهما بالعموم من وجه أنّ التّرجيح للأدلّة الاجتهادية دون الاستصحاب فتخصّص بأدلتها أخبار الاستصحاب وذلك لوجهين أحدهما أن من مرجّحات الدّلالة كون أحد العامين أقل أفرادا من الآخر ولا ريب أن خصوص كل من الأدلّة الاجتهادية أقل موردا من أدلة الاستصحاب فتخصّص بها وثانيهما أن من جملة المرجحات أيضا استلزام تقديم أحد الدّليلين على الآخر إلغاءه فيقدم الآخر عليه حينئذ ولا ريب أنّ تقديم الاستصحاب فيما نحن فيه مستلزم لذلك وذلك لأنّ الاستصحاب من حيث حكم المعارضة مع سائر الأدلّة مساو لسائر الأصول من البراءة والتخيير والاحتياط فلو قدم عليها لزم تقديمها عليها أيضا فيلزم إلغاء سائر الأدلة حينئذ لا محالة هذا كلّه إن قلنا باعتبار الاستصحاب من باب التعبد والأخبار وإن قلنا باعتباره من باب الظنّ فيدل على تقديم الأدلّة الاجتهادية عليه مضافا إلى الإجماع كما تقدّم أنّ الدّليل عليه حينئذ إمّا الغلبة والاستقراء أو بناء العقلاء والأوّل في مورد معارضة الدّليل الاجتهادي ممنوع لمنع غلبة اعتباره