أن يراد به أسماء موضوعاتها التي هي مناط تعلق الأحكام بها لا الأسماء الّتي وردت في ظاهر الأدلّة لما عرفت من عدم دورانها مدارها مطلقا وتحقيقه أنّ الحكم قد يتعلق باسم ولكن لا يكون الموضوع الواقعي له مسمّى هذا الاسم بالخصوص بل أعمّ منه ومن الفاقد لوصفه العنواني على حسب ما دلت عليه القرينة أو فهم عرفا فيكون المذكور فردا من الموضوع الواقعي ويكون تخصيصه بالذّكر إمّا لعلم السّائل بحكم غيره أو لعدم ابتلائه به أو لكونه أشيع الأفراد وأغلبها أو نحو ذلك نظير ما ورد في الأخبار من أحكام المتنجسات لورودها في موارد خاصّة كما أشار إليه المصنف رحمهالله آنفا وكذا لو قال الشّارع اليهود نجس لا يتأمّل في بقاء النجاسة لو دخل يهودي في دين النّصارى أو في دين آخر من أديان الكفّار وإن لم يكن له اسم في الكتاب والسّنة وكذلك ما أشار إليه المصنف رحمهالله في مثال الرّطب والعنب وعلى هذا فلا يكون للوصف مدخل في ثبوت الحكم حدوثا وبقاء وقد يفهم كون الموضوع أعمّ من الواجد والفاقد ويفهم أيضا مدخلية الوصف في حدوث الحكم ويشك في مدخليته في بقائه كما لو علمنا بنجاسة الماء المتغير وعلمنا أيضا بكون السّبب في حدوثها هو التغير وشككنا في مدخليته في بقائها وكذا ما ذكر المصنف رحمهالله من مثال بول غير المأكول وقد يعلم كون الموضوع هو مسمّى الاسم مع وصفه العنواني مثل قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) وما ذكره من مثال العذرة والدّهن المتنجّس وإذا عرفت هذا ظهر لك أنّ الحكم بزوال الاسم في القسمين الأوّلين لا بد أن يكون بزوال الاسم الجامع للواجد والفاقد لعدم العلم بزواله بدونه بالفرض وفي الأخير بزوال الاسم المأخوذ في ظاهر الأدلة والكلمة الجامعة بين هذه الأقسام ما أشار إليه المصنف رحمهالله بقوله أسماء موضوعاتها الّتي هي المعيار في وجودها وعدمها(قوله) نعم تبقى دعوى إلخ حاصل هذه الدّعوى أن مقتضى ظاهر اللفظ في القضية المذكورة كون الموضوع هو الوصف العنواني لا ما زعمه أهل العرف من التعميم ولا يعدل عن الظواهر إلاّ بدليل والجواب أنّ تعميم الموضوع إنما هو بحسب فهم أهل العرف من ظواهر الأدلّة لا بحسب تخيّلاتهم واعتقاداتهم ولا ريب أن المدار في أمثال المقام على الظواهر العرفية لا على مقتضيات الأوضاع اللغويّة وحاصل الدّعوى الثانية أنّ المدار إنّما هو على مقتضيات الأوضاع اللغوية أو العرفية أو على المجازات المكتنفة للقرائن الخارجة وشيء منهما غير متحقق في المقام إذا الفرض أن مقتضى الوضع لغة أو عرفا كون الموضوع هو الوصف العنواني ولا قرينة على خلافه والجواب أنّ القرينة إنما هي فهم العرف بخلاف الظاهر لأنّ المدار في مباحث الألفاظ على المفاهم العرفية وإن لم تكن مستندة إلى قرينة مخصوصة وإذا تحقّق عندك ذلك يستقيم لك أن تقول إن المراد بقولهم إنّ الأحكام تدور مدار الأسماء هو دورانها مدار الأسماء الّتي علقت الأحكام عليها في ظواهر الأدلّة وأن هذه الضّابطة منهم وردت لتأسيس أصل وقاعدة في ترتيب الأحكام على موضوعاتها فمرادهم به التنبيه على عدم جواز الخروج من ظواهر الأدلّة إلا بقرينة فهم العرف أو غيره كما هو مقتضى تأسيس الأصل في موارده وتثمر هذه الضّابطة فيما لو شكّ في كون الموضوع هو الوصف العنواني المذكور في ظاهر الدّليل أو الأعم منه ومن الفاقد للوصف من جهة الشكّ في فهم العرف للتعميم فيقتصر حينئذ على ما اقتضاه ظاهر الدّليل ثمّ إن الفرق بين المعنى المذكور والمعنى الّذي أشار إليه المصنف رحمهالله آنفا بقوله ومما ذكرنا يظهر أنّ معنى قولهم إلى آخره ظاهر عند المتأمّل (قوله) وقد تقدم حكاية إلخ لا يخفى أنّه لم يتقدم منه ذلك بل استدلال الفاضلين على بقاء نجاسة الأعيان النجسة بعد الاستحالة (قوله) وتوضيح دفعه إلخ حاصل الدّفع وما أورد عليه من السّؤال وما أجاب به عنه أن مناط اعتبار الشكّ الطاري أعني الاستصحاب هو حصول اليقين بحدوث الشيء والشكّ في بقاء الحادث المتيقن بمعنى تعلق اليقين بالوجود الأوّل والشكّ بالوجود الثّاني ومناط اعتبار الشكّ السّاري حصول اليقين بحدوث الشيء أوّلا ثمّ عروض الشكّ في نفس الحدوث بأن شكّ في صحّة اعتقاده السّابق أو كونه جهلا مركّبا فعلى الأوّل يكون متعلق اليقين والشكّ متحدا مع قطع النّظر عن تغاير زمان المتيقن والمشكوك فيه لما عرفت من تعلق اليقين فيه بالحدوث والشكّ بالبقاء ولازمه كون القضية المتيقّنة أعني عدالة زيد يوم الجمعة متيقنة حين الشكّ أيضا من غير جهة الزّمان بمعنى حصول اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة لكن لا بوصف كونها في يوم الجمعة بأن اعتبر الزّمان الأوّل في المتيقن من باب الظّرفية دون التقييد وعلى الثّاني يكون متعلقهما متحدا من جهة الزّمان بمعنى كونه في الزّمان اللاحق شاكا فيما تيقنه أولا بوصف وجوده في السّابق فيكون الزّمان الأوّل في المتيقن معتبرا من باب التقييد دون الظرفية واختلاف مناط اعتبار القاعدتين وعدم الجامع بينهما يمنع إرادتهما من لفظ واحد بناء على ما هو الحقّ من عدم جواز استعمال لفظ واحد في أكثر من معنى واحد ومع التسليم فهو محتاج إلى القرينة وحيث كانت الأخبار صريحة في اعتبار القاعدة الأولى كما سيصرح به المصنف رحمهالله فهو يمنع إرادة الثانية منها أيضا وأمّا ما ذكره في السّؤال فحاصله أنّ اختلاف مناط القاعدتين لا يستلزم كون نفس المناطين مرادين من اللّفظ بخصوصهما لجواز التّعبير عنهما بما يلزمانه كالمضي على اليقين عند عروض الشكّ مطلقا لأنّ المضي عليه في مورد الشكّ في البقاء هو البناء عليه وفي مورد الشكّ في الحدوث هو البناء عليه مع قطع النظر عن بقائه وأمّا ما أجابه به عن السّؤال فحاصله أن ظاهر الأخبار اعتبار اتحاد متعلق اليقين والشكّ وكون الشكّ متعلقا بعين ما تعلق به اليقين وقد أشرنا إلى أنّ متعلقهما في مورد القاعدة الأولى متحدان مع قطع النظر عن الزّمان وفي مورد الثانية متحدان من جهة الزّمان بمعنى كون الشكّ في مورد الأولى متعلقا بعين ما تعلّق به اليقين بإلغاء خصوصيّة الزّمان الأوّل حتّى يكون الشكّ في البقاء وفي مورد الثّانية باعتبار خصوصيّة الزّمان الأوّل حتّى يكون الشكّ في الحدوث وحينئذ إذا حكم الشّارع بالمضي على اليقين السّابق وعدم الاعتناء بالشكّ في مورد الأولى فلا بدّ أن يكون حكمه بذلك من الحيثية الأولى أعني حيثيّة إلغاء خصوصيّة الزّمان الأوّل وكون الشكّ في البقاء وفي مورد الثّانية لا بد أن يكون من الحيثيّة الثّانية أعني اعتبار خصوصيّة الزّمان الأوّل وكون الشكّ في الحدوث لا بمجرّد حصول اليقين والشكّ في مورد لما عرفت من ظهور الأخبار في اعتبار اتّحاد متعلّقهما وقد عرفت عدم تماميته في مورد القاعدتين إلاّ باعتبار إحدى الحيثيتين ولا ريب في عدم جواز إرادة كلتا الحيثيتين في المقام حتّى يدعى شمول الأخبار للقاعدتين لتباينهما واختلافهما فلا بد من إرادة إحداهما فلا تشمل إلاّ ما كان من قبيل الشكّ في البقاء