تغير في نفس الموضوع كما عرفت وأخرى بتغير في نفس الموضوع وهذا التغير أيضا قد يحصل بتغير ما هو عنوان في ترتب الحكم عليه ومن جملة مقتضياته كما إذا صار الكلب ملحا بوقوعه في المملحة والعذرة ترابا لوضوح كون المناط في الحكم بالنجاسة هو كونه كلبا وعذرة وأخرى بتغير ما لا مدخل له في قوام الحكم كتسمية الطحين عجينا والعجين خبزا بعد الانتقال إلى الحالة الثانية لوضوح كون عنوان الحكم فيهما ليس كونهما طحينا وعجينا بل كونهما جسمين ملاقيين للنجس وهذا العنوان لم يزل بعد التسمية فزوال الحكم إنّما هو في القسم الثّاني دون الأوّل والثّالث ومرادنا من كون الأحكام دائرة مدار أسماء موضوعاتها إنّما هو فيما كان تبدل الاسم ناشئا من تغيّر ما هو مناط الحكم كما أشار إليه المصنف رحمهالله وكذا الكلام فيما ذكره جماعة من الفرق بين النّجس والمتنجس على نحو ما أوضحه وبقي في المقام شيء وهو أنّه كما يشترط في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع كذلك يشترط بقاء المحمول أيضا وبعبارة أخرى يشترط في جريانه بقاء القضية المتيقنة السّابقة بحسب موضوعها ومحمولها إلى زمان الشكّ بأن كان المحمول على تقدير ثبوته في زمان الشكّ هو عين المحمول في زمان اليقين وذلك بأن يقال إنّ هذا كان على تلك الحالة فهو باق عليها فلو اختلف المحمول في القضيّتين لم يكن موردا للاستصحاب إلاّ من باب المسامحة إن كان المورد محلا لها كاستصحاب وجوب الأجزاء المتيسّرة بعد تعذر بعض أجزاء المركب لأنّ المستصحب فيه الوجوب الغيري للأجزاء الباقية والثابت بالاستصحاب في زمان الشكّ هو الوجوب النّفسي وتحقيق المقام أنّ المحمول وهو المستصحب على أقسام أحدها أن يكون المحمول في زمان الشك على تقدير ثبوته هو عين المحمول في القضية المتيقنة كاستصحاب الطهارة أو النجاسة عند عروض ما يشك في بقائهما وثانيها أن يحصل التفاوت بينهما باختلاف وصف مثل ما عرفت من الوجوب الغيري والنّفسي أو بالشّدة والضّعف كما في الطعوم والرّوائح والألوان بأن كان الثّابت في الزّمان السّابق مرتبة أقوى منها وفي اللاّحق على تقدير ثبوته فيه مرتبة ضعيفة منها كما إذا شك في بقاء لون في جسم ولكنّه على تقدير بقائه أضعف من الأوّل وثالثها أن يعلم بانتفاء المحمول السّابق وشكّ في ثبوت محمول آخر للموضوع السّابق بأن علم بزوال اللّون الأحمر من جسم وشكّ في عروض لون آخر له ولا إشكال في عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم كما لا إشكال في جريانه في القسم الأوّل وإنّما الإشكال في القسم الثّاني وجريان الاستصحاب فيه مبنيّ على اعتبار المسامحة العرفية في موارد ثبوتها وقد عرفت تحقيق الحال فيها وممّا ذكرناه يظهر أنّه كما يعتبر في جريانه بقاء الموضوع والمحمول في القضيّة المتيقّنة السّابقة كذلك يعتبر فيه اتحاد النسبة في القضيتين لأنّه لازم لبقاء الموضوع والمحمول السّابقين وهل يكفي بقاء النّسبة الثّابتة في ظاهر الأدلة أو لا بد من بقاء النّسبة الواقعيّة فإذا ورد في كلام الشّارع كلّ جسم لاقى نجسا رطبا ينجس وعلمنا بأن السّبب ليس الملاقاة مطلقا بل هي مع تأثر الملاقي فإذا ثبتت الملاقاة للنجس مع الشكّ في بقاء رطوبة النجس حين الملاقاة فالقضية السابقة هي كون النجس رطبا فإن اكتفينا ببقاء هذه النّسبة يحكم بنجاسة الملاقي باستصحاب بقاء الرّطوبة وإن اعتبرنا بقاء النّسبة الواقعية فلا لعدم إثبات أصالة بقاء الرّطوبة تأثر الملاقي إلاّ على القول بالأصول المثبتة والأقوى اعتبار بقاء النّسبة الواقعيّة لأنّ الفرض أنها السّبب في الحقيقة لا النّسبة الظاهرية(قوله) حكم العرف إلخ يعني بعد اطلاعهم بالأدلة الشّرعيّة على نجاسة الميتة من الإنسان والكلب فإن حكمهم بارتفاع طهارة الأوّل وبقاء نجاسة الثّاني دليل على كون موضوع الطهارة والنجاسة عندهم أعمّ ممّا كان حيوانا وجمادا وإلاّ لم يصدق الارتفاع والبقاء(قوله) وبهذا الوجه يصح للفاضلين إلخ لأنّ دعوى الفاضلين لقيام النجاسة بذات الأعيان النجسة لا بها مع أوصافها العارضة لها مبنيّة على دعوى فهم العرف موضوع النجاسة أعم من واجد الوصف والفاقد له وإن كان الموضوع في ظاهر الأدلّة هو الموصوف مع وصفه ثمّ المستفاد من كلامه أنّ دليل القول بالنجاسة وجوه أحدها ما عرفت من عموم الموضوع وثانيها الأصل والفرق بينهما أنّ الأوّل مبنيّ على عدم مدخلية الأوصاف في عروض النجاسة أصلا فلا يكون موردا للأصل والثّاني مبنيّ على كون الموضوع أعمّ من الواجد للوصف والفاقد له وكون الوصف علّة لحدوث النّجاسة فمع الشكّ في كون العلة المحدثة مبقية صحّ استصحاب النجاسة وثالثها أن الاسم أمارة ومعرف للموضوع وليس بعلّة للثبوت فالموضوع أعم ممّا صدق عليه الاسم وهذا الوجه راجع إلى الأوّل لأنّه إنّما يتم على تقدير فهم العرف للموضوع أعمّ من الواجد للوصف والفاقد له وإلاّ فهو مصادرة محضة وتحكم بحت ثم إن ضعف هذه الوجوه كما ذكره المصنف رحمهالله ظاهر والحقّ ما أسلفناه في الحاشية السّابقة(قوله) في موضوع الاستصحاب إلخ سواء كان المستصحب نجاسة نجس العين أم المتنجّس فيصحّ الاستصحاب مع صدق بقاء الموضوع مطلقا وإن انتفي عنوان موضوع الأوّل المأخوذ في ظاهر الأدلّة ولا يصحّ مع عدمه (قوله) أرأيت أنّه لو حكم إلخ غرضه أنّه لو ثبت فرق بين الحكم الأصلي والعرضي عند العرف لوجب أن يكون الأمر بالعكس في المثالين لتغير ما هو موضوع في ظاهر الأدلّة في الأوّل دون الثّاني فإنّ الموضوع فيه على زعم مدّعي الفرق هي الصّورة الجنسيّة وهي باقية بعد الاستحالة أيضا(قوله) كما أنّ العلماء لم يفرقوا إلخ إلى زمان الفاضل الهندي بل هو مقتضى إطلاق صريح الإجماع المحكي عن جامع المقاصد وظاهر التّذكرة(قوله) بل جعل بعضهم إلخ هذا محكي عن صاحب المعالم وهو من أهل الظنون الخاصّة ولا ينبغي لمثله أن يستند إلى مثل هذه الأولويّة الاعتبارية(قوله) بل الأحكام أيضا مختلفة إلخ مثل أنّ حكم الرّطب أو العنب من الطّهارة والحليّة مثلا يسري إلى التمر والزبيب بحكم العرف كما أشار إليه المصنف رحمهالله بخلاف ما لو حلف أن لا يأكل أحد الأولين فلا يحنث بأكل أحد الأخيرين فتدبّر(قوله) وممّا ذكرناه يظهر إلخ توضيحه أنّك حيث قد عرفت أنّ موضوع الحكم مع تقيّده في ظاهر الأدلّة بوصف عنواني قد يفهم منه العرف كون الموضوع هو الجامع المشترك بين الواجد للوصف والفاقد له بحيث لا يحتاج في إسراء الحكم إلى الفاقد إلى الاستصحاب وقد يحتاج فيه إليه وقد يفهم كون الموضوع هو المقيد بالخصوص بحيث لا يمكن إسراء الحكم إلى الفاقد ولو بالاستصحاب ظهر لك أنّ قولهم إن الأحكام تدور مدار الأسماء لا بدّ