للاستصحاب إلاّ فيما لا يكون الشكّ فيه ناشئا من الشّكّ في موضوعه مثل الطهارة والنجاسة ونحوهما فلا تترتب عليه ثمرة في مقابل المثبت مطلقا قلت قد أوضحنا الكلام في وجه ترتب الثمرة عند نفي المصنف رحمهالله للفائدة عن استصحاب الأمور الخارجة عند بيان القول بالتفصيل المذكور فراجع وأمّا الثّاني فكالطعام المسموم إذا شكّ في بقاء السّمّ فيه فإنّه موضوع للحرمة بواسطة كونه مهلكا فاستصحاب وجود السمّ فيه لا يثبت كونه مهلكا إلاّ على القول بالأصول المثبتة وعلى هذا القول إذا أريد استصحاب الموضوع مقدّمة لاستصحاب حكمه أعني الحرمة يرد عليه بعض ما تقدّم في القسم الأوّل مضافا إلى ضعف القول المذكور وإن نوقش في المثال المذكور بإمكان استصحاب وجود السّم المهلك لا استصحاب وجود السمّ لإثبات كونه مهلكا وحراما فالمثال غير عزيز على المتأمّل (قوله) وعلى الثّاني فلا مجال إلخ لا يخفى أن عدم تعين الموضوع تارة ينشأ من إجمال مفهومه كالأفراد الخفيّة للمطلقات بحيث يشك في شمول الحكم لها فتتعين النّادرة إذا علم بارتفاع الشائعة كما إذا أوجب عليه عتق رقبة مع تمكنه من أفرادها الشّائعة والنّادرة ثم تعذرت عليه الشائعة وأخرى من اشتباه أحد الفردين بالآخر كما إذا وجب إكرام واحد معيّن من زيد وعمرو بأن اشتبه الخطاب في تعلّقه بخصوص أحدهما ثمّ مات أحدهما وثالثة من تردد عنوان موضوع الحكم بين معلوم الارتفاع ومعلوم البقاء كما إذا شكّ في أنّ موضوع النجاسة في الكلب هو الجسم أو عنوان كونه كلبا وفرض صيرورته ملحا بوقوعه في المملحة واستصحاب الموضوع الواقعي في الأوّل والثّالث لا يثبت كون الموضوع هو المحتمل الباقي وفي الثّاني لا يثبت كون الباقي هو الموضوع أولا إلا على القول بالأصول المثبتة ولا يصحّ استصحاب الحكم أيضا لعدم العلم ببقاء موضوعه كما ذكره المصنف ره (قوله) وأمّا أصالة بقاء الموضوع إلخ دفع لتوهّم منع كون الأصل مثبتا بتقريب أنّه فرق واضح فيما أخذ من الكر شيء فشك في بقائه على الكريّة بين استصحاب وجود الكر لإثبات كون الموجود كرّا وبين استصحاب بقاء الموجود في زمان الشكّ على صفة الكرية الثابتة له في السّابق وما نحن فيه من قبيل الثّاني وإثبات الأصل إنّما يلزم على الأوّل وهو واضح وأمّا كون ما نحن فيه من قبيل الثّاني فإنّه كما يقال إنّ هذا الموجود كان في السّابق كرّا والأصل بقاؤه على صفة الكريّة كذلك يقال في الكلب الواقع في المملحة إنّ هذا الموجود كان موضوعا للنجاسة فالأصل بقاؤه على هذه الصّفة فإن قلت إن المتيقن من كونه على صفة الموضوعيّة في السّابق إنّما هو بعنوان الكلبيّة فلم يعلم بقاء الموصوف حتّى يصحّ استصحاب صفته قلت إنّ الأمر في الكرّ أيضا كذلك لعدم العلم بكون الموجود في زمان الشكّ كرّا في السّابق وإلاّ لم يقع موردا للاستصحاب ومحلاّ للشكّ فكما أنّ استصحاب الصّفة هنا مبنيّ على المسامحة في موضوعها كذلك فيما نحن فيه ولكنك خبير بأن هذه المسامحة العرفيّة على تقدير تسليمها في مثال الكلب لا تتمّ في جميع موارد ما نحن فيه كما يظهر من ملاحظة الأقسام المتقدّمة في الحاشية السّابقة مضافا إلى عموم ما أورد عليه المصنف ره (قوله) فيقال إنّ مقتضاه إلخ توضيحه أنّ الاستصحاب هو إثبات عين الحكم السّابق لعين الموضوع السّابق والحكم بالعينية لا يتم عقلا إلاّ بعد إحراز جميع القيود المحتمل أخذها في موضوع الحكم السّابق فتكون جميع القيود المحتملة كذلك في ظاهر حكم العقل في حكم القيود المعلوم أخذها في الموضوع في وجوب إحرازها في جريان الاستصحاب والظاهر أن هذا هو المراد لا ما يتوهّم من ظاهر العبارة من استقلال العقل بكون جميع القيود المحتملة داخلة في الموضوع الأوّلي للحكم حتّى يمنع ذلك وهو واضح بعد التأمّل في العبارة ثمّ إنّ جميع القيود المذكورة في الكلام سواء كانت قيودا للموضوع أو المحمول راجعة في الحقيقة إلى قيود الموضوع فإذا قيل الماء ينجس إذا تغير فهو في معنى قولنا الماء المتغير ينجس بالملاقاة وكذا في الأمثلة العرفيّة إذا قيل إن جاءك زيد فأكرمه فهو في معنى قولنا يجب إكرام زيد الجائي وهكذا ولذا اشتهر اشتراط بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب مع أنّ الشرط بقاء كل من الموضوع والمحمول بقيودهما المأخوذة فيهما في السّابق كما أشار إليه المصنف رحمهالله ثمّ إنّ هذا الدّليل لعلّه ظاهر مستند الأخباريين في نفي حجيّة الاستصحاب في الأحكام الكليّة نظرا إلى أنّ الشكّ في بقاء الحكم لا بدّ أن ينشأ من تغير بعض القيود المأخوذة في الموضوع في ظاهر الأدلّة وقد تقدّم كلام للأمين الأسترآبادي في فوائده المكية عند بيان قول من فصّل بين الحكم الكلّي والجزئي في جريان الاستصحاب من أقوال المسألة فراجع (قوله) نعم لو شكّ بسبب تغيّر الزّمان إلخ حاصله دعوى صحّة إلغاء خصوصيّة الزّمان فيما اعتبر من باب الظّرفية خاصّة للمتيقّن السّابق وكانت سببيّة تغير الزّمان للشكّ في بقاء الحكم لأجل احتمال انقضاء استعداده بسبب طول الزّمان كما يظهر من تمثيله بالخيار لأنّ ثبوته للمغبون لأجل الضّرر المتوجّه إليه وهو منجبر بثبوت خيار الفسخ له في أوّل زمان اطلاعه نعم لو احتملت خصوصيّة الزّمان في موضوع الحكم أو ثبوته له لم يكن محلّ للاستصحاب لعدم صدق البقاء حينئذ إلاّ على بعض الوجوه كما تقدم عند بيان الاستصحاب في الأزمان والزّمانيات (قوله) نعم يجري في الموضوعات الخارجيّة إلخ لعلّ الوجه فيه ما تقدّم من المصنف رحمهالله من دعوى بقاء الموضوع دائما في استصحاب وجود الموضوعات ولكنك خبير بأنّه أخصّ من المدّعى لأن المراد بالموضوعات هنا أعمّ من ذواتها وأعراضها وبعبارة أخرى أنّ المراد باستصحاب الموضوعات هنا أعمّ من استصحاب وجود الموضوع الخارجي كاستصحاب حياة زيد ومن استصحاب ما يعرضه كاستصحاب قيامه وما ذكره هناك إنّما يتأتى في الأوّل دون الثّاني كما يظهر ممّا ذكره هناك وقوله بأسرها يعني أعمّ ممّا كان الشكّ فيه في المقتضي كما إذا كان الشكّ في حياة زيد من جهة الشكّ في انقضاء استعداده للبقاء وممّا كان الشكّ في الرّافع كما إذا شكّ في حياته من جهة الشكّ في عروض مانع منها من قتل ونحوه وأنت خبير بأنّا قد أشرنا هناك إلى أنّ ما ذكره في فرض بقاء الموضوع في استصحاب الموضوعات إنّما يتم فيما كان الشكّ فيه في الرّافع دون المقتضي فراجع ولا تغفل (قوله) الثّاني أن يرجع في معرفة إلخ توضيح المقام على هذا الميزان أنّ موضوع الحكم إطلاقا وتقييدا قد يكون مبيّنا في الكتاب والسّنّة فيفرق بين قوله الماء المتغيّر نجس وقوله الماء ينجس إذا تغيّر فيستصحب النجاسة بعد زوال التغيّر على الثّاني دون الأوّل لأن الموضوع على الأوّل هو الماء بوصف تغيّره وقد زال بزوال قيده وعلى الثّاني هو الماء من حيث هو والتغيّر سبب لعروض الحكم وحدوثه فإذا شكّ في كون