خلوها منها أو نحو ذلك وإن شئت قلت إنّ الله تعالى قد لاحظ جميع أفراد المياه المختلفة ذاتا أو صفة فحكم عليها بالطّهارة فكلّ فرد منها باعتبار حالاته المختلفة بمنزلة أفراد متعدّدة مندرجة تحت العموم وبعبارة أخرى أن المراد بأفراد هذا العام أعم من الأفراد الواقعية والاعتباريّة وهذا الكليّة مستفادة من ورود المطلق في مقام الامتنان فهما كما تدلاّن على الطّهارة ابتداء كذلك تدلاّن عليها استدامة وعند عروض بعض العوارض فالحكم بالطّهارة في الزّمان الثّاني أعني زمان عروض بعض العوارض ليس بالاستصحاب بل بنفس الآيتين على ما عرفت نعم يتمّ ما ذكره لو كانتا من قبيل ما ورد من قوله عليهالسلام خلق الله الغنم طاهرا لوروده في مقام بيان طهارة الغنم من حيث هو مع قطع النظر عن عروض ما يزيل طهارته ثانيا وبالعرض فإذا شكّ في طهارة الغنم الجلاّل مثلا في بعض الموارد لا يمكن إثباتها به بل لا بد حينئذ من استصحاب طهارته الذاتيّة ويشهد لما ذكرناه الاستثناء الواقع في النّبوي المشهور خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلاّ ما غيّر لونه أو طعمه أو رائحته لأن استثناء المتغير بأحد الأوصاف الثّلاثة يدلّ على كون كلّ واحد من هذه المتغيّرات فردا مستقلا في الاندراج تحت المستثنى منه ومساق الرّواية مساق الآيتين فتكشف عن المراد بهما فتدبر(قوله) ولا ينافيه عموم إلخ لأن النسبة بين عمومات الاستصحاب وسائر العمومات كعمومات الحلّ والطّهارة وإن كانت عموما من وجه ومقتضاه التوقّف في مادة الاجتماع لا تخصيصها به إلاّ أنّ العبرة بملاحظة النّسبة بين نفس الدليلين لا بين دليليهما وإلاّ لم يتحقق العام والخاص بين الأدلّة(قوله) وفي كون التحديد إلخ بالثلثين في العصير(قوله) وفي صيرورته قبل ذهاب إلخ بأن علم حصول الحليّة والطهارة بذهاب الثلثين ولكن شكّ في حصولهما بصدق اسم الدّبس قبل ذهابهما فتصير الشّبهة حينئذ حكميّة كما في المثال الثّاني (قوله) لما عرفت من أنّ إلخ هذا بناء على كون مراده بالعمومات هي العمومات الاجتهاديّة(قوله) ليست من قبيل العام بالنّسبة إلى الخاصّ إلخ بل من باب الورود أو الحكومة ولكنك خبير بأن تقديم الخاصّ على العام أيضا قد يكون من باب الورود أو الحكومة كما فيما لو كان الخاص مخصّصا لموضوع العام حقيقة أو حكما نعم قد يكون تقديمه عليه من باب تقديم أقوى المتعارضين ولعلّ مراده هنا هو القسم الأخير وسيجيء توضيح الفرق بين الأقسام في باب التعادل والترجيح (قوله) نعم لو فرض الاستناد إلخ بأن كان مستند الحلّ والطّهارة العمومات الاجتهادية وفي التعبير بالإمكان إيماء إلى ضعف هذا الوجه أيضا ويظهر وجهه ممّا أشار إليه من عدم جريان العموم في مورد جريان الاستصحاب فلا يكون هذا أيضا من باب تخصيص العام به (قوله) المثالين الأخيرين أي مثال التحديد ومثال الدّبس والمراد بالمثال الأوّل مثال الشّكّ في ذهاب الثلثين لكون الشكّ في الأوّلين حكميّا فيستصحب فيهما حكم العصير فيخصّص به عموم الحلّ والطهارة وفي الثالث عنوان الموضوع وهو عدم ذهاب الثلثين فيتحقّق به موضوع الحرمة والنجاسة ولا دخل له في تخصيص عموم الحل والطهارة(قوله) بقرينة تخصيصه إلخ إذ لو كان مراده بالعمومات أعمّ من العمومات الاجتهاديّة والفقاهيّة لم يبق وجه لتخصيص الاستصحاب بالمخالف للأصل أعني أصالة البراءة والاحتياط والتخيير إذ الاستصحاب الموافق للأصل قد يكون مخالفا للعمومات الاجتهاديّة فلا وجه لإخراجه من محلّ الكلام فلا بد أن يكون المراد بالعمومات المذكورة هي الفقاهيّة خاصّة إذ الاستصحاب الموافق للأصل يكون موافقا لها أيضا فلا معنى لتخصيصها به حينئذ فلا بدّ أن يخصّ الكلام بالمخالف لا محالة(قوله) غرضه أن مؤدّى الاستصحاب إلخ توضيحه أن الدّليل الحاكم قد يكون معمّما لموضوع الدّليل المحكوم كما إذا قال أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق منهم فإذا شكّ في عدالة عالم وفسقه فاستصحاب عدالته معمّم لموضوع قوله أكرم العلماء لمثل هذا العالم أيضا وقد يكون مخصّصا له كأدلة نفي الحرج بالنسبة إلى عمومات التكاليف لأنّها مخصّصة لها بغير موارد الحرج واستصحاب الشغل والنجاسة من قبيل الأوّل من حيث كونه معمّما لدليل الشّغل والنجاسة بالنسبة إلى زمان الشكّ ومن قبيل الثّاني من حيث كونه متمّما لدليل الشغل والنجاسة وبمنزلة المخصّص لعمومات البراءة والطهارة ثمّ إن تحقيق كون تقديم هذا الاستصحاب على عمومات البراءة والطهارة من باب الحكومة أو الورود يتّضح ممّا ذكره في تعارض الأصول فانتظره (قوله) كما صرّح به بعض المحققين إلخ هو المحقق الخوانساري على ما حكي عنه (قوله) ويمكن توجيهه بناء إلخ توضيح الفرق بين التوجيهات أنّ المعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد القضيّة المتيقنة والمشكوك فيها ومبنى الإشكال في المقام على تغاير القضيتين في المحمول حيث كان المحمول في الأولى هو الوجوب الغيري التبعي وفي الثّانية هو الوجوب النفسي ولا بدّ في تصحيح دعوى اتحادهما من ارتكاب المسامحة إما في المحمول كما في التّوجيه الأوّل أو في الموضوع كما في الثّاني أو يقال إن المستصحب هو الحكم المتعلق بالموضوع المجمل كما في الثّالث وذلك لأنّ الأوّل مبني على صحّة استصحاب القدر المشترك ودعوى اتحاده مع الفرد الّذي أريد إثباته بالمسامحة العرفية ليخرج الأصل بذلك من كونه مثبتا لأنّ المقصود من استصحاب مطلق المطلوبيّة إثبات الوجوب العيني للأجزاء الباقية لعدم ترتب الآثار من الثواب والعقاب وبراءة الذّمة ونحوها على مطلقها فالمستصحب هو مطلق المطلوبية المتّحدة مع المطلوبية النفسية بالمسامحة العرفية والثّاني مبني على المسامحة في موضوع المستصحب بأن كان المستصحب هو الوجوب النّفسي بدعوى كون الأجزاء الباقية هو عين الأجزاء المتيسّرة سابقا لأنّ الوجوب النّفسي في السّابق وإن كان قائما بتمام المركب إلاّ أنّ فقد بعض أجزائه لا يوجب تغيرا فيه بل هو من قبيل تبدل حالات الموضوع في نظر العرف فيقال إنّ هذه الأجزاء الباقية كانت واجبة في السّابق بالوجوب النّفسي والأصل بقاء وجوبها نظير ما يقال في الكرّ بعد أخذ مقدار منه يشكّ معه في بقائه على الكرّية إنّ هذا الموجود كان كرّا والأصل بقاؤه على صفة الكرّية وإن لم تعلم كرّية هذا الموجود في السّابق بالمداقة العقلية وكذا في القليل إذا زيد عليه مقدار يشكّ معه في بلوغه إلى حدّ الكرّ فيقال هذا كان قليلا فالأصل بقاؤه على صفة القلّة وكذلك في الماء المتغيّر الّذي زال تغيره من قبل نفسه فيقال إنّ هذا كان متنجسا والأصل بقاؤه على النجاسة وهكذا فالمستصحب فيما نحن فيه على هذا الوجه هو الوجوب النفسي الّذي ارتكب التسامح في موضوعه والثّالث مبني على أنّ المستصحب هو الوجوب النّفسي