معين فإن أراد ذلك بحسب الواقع فلا يجديه بعد تسليم إبرازها ببيان لا يشتمل عليه وإن أراد ذلك بحسب الظّاهر فهذه الدّعوى على إطلاقها ممّا لا يمكن الالتزام بها إذا لم نقف إلى الآن ما يدلّ عليها بل قد عرفت ما يدل على خلافها انتهى (قوله) فلأن نسخ أكثر إلخ أنت خبير بأنّ هذا وإن كان متجه الورود على ما أجاب به المحقّق القمي رحمهالله إلاّ أنّه لا يصح الاعتراض الّذي أورده على نفسه لأن ظهور أدلّة النبوات في أنفسها أو بمعونة الاستقراء في الاستمرار والدّوام لا يجدي في إلحاق المشكوك فيه بالأعم الأغلب بعد ظهور عدم استمرار أغلبها في الواقع ولعلّ مراد المصنف رحمهالله أيضا دفع الجواب لا تصحيح الاعتراض (قوله) وأمّا ثانيا فلأن غلبة إلخ حاصله أن دعوى الغلبة إنّما تتم فيما كان هنا أفراد غالبة وفرد نادر وفرد ثالث مشكوك اللّحوق بالغالب أو النّادر وما نحن فيه ليس كذلك إذ المفروض فيه أنّ هنا في الواقع أفرادا غالبة وهي النبوات المحدودة وفردا نادرا وهي النبوّة المستمرّة ووقعت الشبهة في أنّ نبوّة موسى أو عيسى عليهماالسلام هو الفرد النادر بالخصوص أو هي من الأفراد الغالبة والنادر غيرها ولا ريب أن غلبة التحديد في النبوات لا يثبت أنّ المشكوك فيها من الغالبة وأنّ الفرد النادر غيرها ثمّ لا يخفى أنّ المحقّق القمي رحمهالله لو قنع بمجرد منع تحقّق الغلبة في ظهور أدلّة النبوات في الاستمرار من دون دعوى الغلبة في النبوات المحدودة لسلم من الإيراد المذكور(قوله) بل قد يثبت بأصالة إلخ يرد عليه أنّ هذا الأصل مثبت فلا يعتد به (قوله) وأجاب بأن إطلاق الأحكام إلخ قال في الفصول ما ذكره من أنّ إطلاق الأحكام لا يجدي مع الإخبار بمجيء نبيّنا صلىاللهعليهوآله مردود بأن الإخبار المذكور إذا لم يفد تعيين زمن مجيئه فمع عدم العلم به تستصحب تلك الأحكام وهل ذلك إلا كحكم يذكره النبيّ صلىاللهعليهوآله ويقول إنّه سينسخ فإنّه ما لم يعلم بورود النّاسخ يستصحب بقاؤه فتأمّل فيه انتهى (قوله) ويمكن توجيه كلامه إلخ حاصله أنّ إطلاق الأحكام كما لا ينفع مع الاقتران بالبشارة المذكورة كذلك إطلاقها لا ينفع مع كون قضية النبوّة مهملة كما هو الفرض بعد فرض عدم جريان الاستصحاب فيها للعلم بتبعية تلك الأحكام لمدّة النبوّة(قوله) ثم إنّه يمكن الجواب إلخ اعلم أنّ تحقيق ما ينبغي أن يقال في المقام أنّ الشكّ في ثبوت الشّريعة اللاّحقة لا بدّ أن يكون مع الشكّ في بقاء الشّريعة السّابقة أيضا لقيام الشكّ بطرفيه لا محالة والمقصود من استصحاب الشريعة السّابقة لا يخلو إمّا أن يكون تحصيل الاعتقاد بها أو إلزام الخصم وإسكاته أو الاقتناع به في مقام العمل والأوّل ممّا لا وجه له إمّا لأن المعتبر في مثل المسألة هو الاعتقاد الجزمي والاستصحاب لا يفيده وإمّا لأنه على تقدير تسليم كفاية الظنّ فيها لا يفيد الظنّ هنا كما صرّح به المصنف رحمهالله في أوّل المسألة أو لا دليل على اعتبار هذا الظنّ بناء على ما هو الحقّ من كون اعتبار الاستصحاب من باب الأخبار والثّاني مردود بما صرّح به المصنف رحمهالله من عدم كون الاستصحاب دليلا إسكاتيا وأمّا الثّالث فنقول إن الشاك إذا نظر في حقية اللاحقة إمّا أن يحصل له القطع بحقيتها أو بطلانها أو يفرض الكلام في زمان المهلة والنّظر بأن لا يمضي زمان يمكن استعلام أحد الطّرفين فيه والكلام على الأوّلين واضح وأمّا الثّالث فالكلام فيه إمّا من حيث الحكم بطهارة الشّاك ونجاسته من حيث كفره وعدمه وفيه وجهان ينشئان من أنّ الكفر عبارة عن مجرّد عدم الاعتقاد ولو لأجل كونه شاكّا أو عن جحد الحقّ وإنكاره المنتفي في حقّ الشّاك وإمّا من حيث التديّن بالشريعة السّابقة والعمل بأحكامها والظاهر أنّه لا إشكال بل لا خلاف حتّى من المنكرين لاعتبار الاستصحاب في وجوب العمل بأحكام الشّريعة السّابقة لأنّ التّكليف بها كان ثابتا يقينا والاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية حتّى عند المنكرين الاستصحاب فإن قلت إنّ القول بالموجب بقاعدة الاشتغال لا دخل له في مسألة الاستصحاب لتغاير القاعدتين والمقصود في المقام إثبات أحكام الشّريعة السّابقة بالاستصحاب لا بقاعدة الاشتغال قلت إنّ ما ذكرناه مبني على ظاهر المشهور من عدم تفرقتهم بين القاعدتين والمنكر للاستصحاب لا ينكر استصحاب الشّغل وإن كان الحقّ عدم جريانه في مورد قاعدة الشّغل كما قرر في محلّ آخر مع أنّ المقصود في المقام إثبات وجوب التديّن بأحكام الشّريعة السّابقة لمثل هذا الشّاك مطلقا وإن كان المثبت له قاعدة أخرى سوى الاستصحاب مضافا إلى إمكان استصحاب عدم حدوث الشّريعة اللاّحقة الناسخة للسّابقة فتأمل هذا كلّه فيما لم يكن الشكّ في حقية اللاّحقة ناشئا من تقصير المكلّف في الفحص كما في زمان المهلة والنظر وإلاّ فلا إشكال في الحكم بنجاسته من حيث كفره وعدم جواز العمل بأحكام الشّريعة السّابقة للاستصحاب لأنّ شرطه الفحص المفروض عدمه في المقام وأمّا جواز العمل به في زمان المهلة والنّظر فلفرض عذره عند العقل لو فرض حقية اللاّحقة في نفس الأمر بخلاف المقصّر في الفحص (قوله) إن كان الاقتناع به إلخ الدّليل كما قيل إمّا إقناعيّ أو إسكاتي أو إثباتي أو إرشادي والأوّل ما يستدل به المستدلّ لإثبات عمل نفسه وإن لم يكن بعض مقدّماته مسلّمة عند الخصم والثاني ما اشتمل على مسلمات الخصم والثالث ما يؤتى به لإثبات المطلوب والرّابع ما يراد به إرشاد الغير وتعليمه لكيفية الاستدلال كالأخبار المتضمنة لاستدلال الأئمّة عليهمالسلام بالآيات وهي كثيرة(قوله) على تقدير تسليم جوازه إلخ فيه إشارة إلى منع الجواز لما أشار إليه في أوّل هذا التنبيه ثمّ إنّ هذا الجواب مركب من مقدمتين إحداهما وجوب الفحص في العمل بالاستصحاب والأخرى عدم وجود القاصر في أصول الدّين والأولى مسلمة والثّانية ممنوعة كما أشار إليه المصنف رحمهالله عند الكلام في اعتبار الظنّ في أصول الدّين مضافا إلى إمكان فرض الكلام في زمان المهلة والنّظر كما أشرنا إليه ثمة(قوله) وإن أراد به الإسكات إلخ نظرا إلى اعتراف المسلمين بحجيّة الاستصحاب في شرعهم وحاصل ما أجاب به أنّ الإسكات والإلزام إنّما يأتي مع اعتراف المسلمين بالشكّ وليس كذلك لدعوى المسلمين القطع بكون الشّريعة السّابقة منسوخة بشرعهم (قوله) ونفي الحرج لا دليل عليه إلخ لأنّ نفيه شرعيّ وليس بعقلي ولم يثبت دليل عليه في الشّريعة السّابقة وأنت خبير بأنه إنّما يتم إذا لم يبلغ الحرج حدّا يوجب اختلال نظم أمور المكلّف معاشا ومعادا وإلاّ فلا ريب في استقلال العقل بنفيه والمطلوب إنّما يتم على تقدير عدم لزوم هذه المرتبة من الحرج من الجمع بين أحكام الشّريعتين وهو موقوف على ملاحظة أحكامهما وسبرها ولو إجمالا ويمكن نفي الإشكال عنه فيما لو انسد باب العلم في إحدى الشّريعتين أو كليهما لما ذكره المصنف ره