عند بيان دليل الانسداد من كون الاحتياط عند الانسداد الأغلبي موجبا لذلك فضلا عن انضمام الانسداد في الشريعة السّابقة إليه في شرعنا وأمّا الخصوصيّة الّتي ادعاها المصنف رحمهالله فلم يظهر لها وجه لعدم الفرق في موضوع الأحكام الكليّة بين القليل والكثير بعد تحقّق عنوان موضوع الحكم فبعد تحقّق عنوان الحرج ولو في حقّ مكلف واحد انتفي عنه الحكم الحرجي نعم يختلف الحكم بذلك فيما لو كان الحرج نوعيّا أو شخصيّا إذ لو تحقّق الحرج للأغلب انتفي الحكم عن الجميع على الأوّل وعمّن تحقق في حقه الحرج خاصة على الثّاني ولكن لا دخل لذلك فيما نحن فيه لسقوط التكليف عمّن تحقق في حقه الحرج على التقديرين ولا تؤثر فيه القلّة والكثرة(قوله) بالتقريب الّذي ذكره بعض المعاصرين إلخ هو صاحب الفصول (قوله) ودعوى أنّ النبوّة موقوفة إلخ حاصلها أنّ الجواب المذكور يرجع إلى أن علمنا بنبوّة عيسى وموسى عليهما وعلى نبيّنا وآله الصّلاة والسّلام إنّما هو بإخبار نبيّنا صلىاللهعليهوآله فمع الشكّ في نبوّته لا يبقى لنا علم بنبوّتهما حتّى يستصحب ومع تسليم نبوته لا معنى للاستصحاب ولمانع أن يمنع حينئذ توقّف ثبوت نبوّتهما على نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله حتّى يلزم من صحّة التمسّك باستصحاب نبوّتهما ثبوت نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله بل على صدقه وعليه لا يلزم المحذور(قوله) لعدم قابليته للارتفاع إلخ هذه العبارة يحتمل معنيين أحدهما أنّ صفة النبوّة قائمة بشخص النّبي فعدم النبوّة بعد موت النّبي إنّما هو لعدم تحقق موضوعها لا لارتفاعها حتّى تكون قابلة للشكّ في الارتفاع والبقاء بعد الموت كي تكون موردا للاستصحاب والآخر أنّ صفة النّبوّة قائمة بالنّفس النّاطقة الّتي لا زوال لها فتكون صفتها أيضا دائميّة فلا تكون موردا للاستصحاب ولكن يرد على هذا المعنى أنّ قيام الصّفة بالموصوف لا يقتضي كون الموصوف علّة تامّة لثبوتها إذ يحتمل أن يكون قيامها به مشروطا بشرط مفقود عند ظهور نبيّ آخر إذ الحكم والمصالح كثيرة لا يحيط بها إلاّ الله تعالى مع أنّ ما ذكر إنّما يتم إن كانت النبوّة صفة واقعيّة لا أمرا منتزعا من وجوب إطاعته فيما جاء به إذ الخلاف في قيام النبوّة بالنّفس أو بها مع مدخليّة الهيكل الجسماني إنّما يتم على الأوّل اللهمّ إلاّ أن ينازع على الثّاني أيضا في مدخليّة أحد الأمرين بالخصوص في وجوب الإطاعة وهو فاسد إذ مورد الاستصحاب حينئذ يكون هو وجوب التديّن بما جاء به لا الصّفة المنتزعة لعدم قابليتها للاستصحاب مع أنّه على تقدير احتمال مدخلية الهيكل الجسماني لا يمكن استصحاب الصّفة لعدم العلم ببقاء الموضوع (قوله) ولعلّ هذا الجواب يرجع إلى ما ذكره الإمام عليهالسلام الرّواية طويلة نقلها الطبرسيّ في الاحتجاج وهي تحتمل وجهين آخرين أحدهما أن لا يكون الإمام عليهالسلام في مقام ردّ الاستصحاب بل في مقام دفع كلام جاثليق حيث سأله بقوله ما تقول في نبوّة عيسى وكتابه وهل تنكر منهما شيئا وسكت في جواب الإمام عليهالسلام بقوله إنا مقرّ بنبوّة عيسى إلى آخره ولم يلتفت إلى التمسّك بالاستصحاب بالتقريب الّذي تمسّك به اليهودي في مناظرة السّيّد ولو تمسّك به لعلّ الإمام عليهالسلام أجابه بجواب أوفي وأتمّ وثانيهما مع تسليم كون الإمام عليهالسلام في مقام ردّ الاستصحاب أنّه عليهالسلام لما كان مدعيا لنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله والجاثليق منكرا لها فأبرز الإمام عليهالسلام دعواه في زيّ الإنكار حتّى لا يطالبه بدليل على دعواه والجاثليق لما لم يلتفت إلى عدم كون مقالته عليهالسلام واقعة للاستصحاب سكت بذلك وهو من طرق المناظرة بل أحسنها(قوله) لا يخفى أنّ الإقرار بنبوّة إلخ حاصله أن ما أقرّ به الإمام عليهالسلام من نبوّة عيسى وكتابه والبشارة إن كان كلّ منها إقرارا مستقلا لا يحسم مادة كلام الجاثليق إذ له أن يقول له إنّه بعد الإقرار بالنّبوّة فلا يجديك دعوى إقرار عيسى بالبشارة إلاّ عن دليل وبرهان فما لم تقم دليلا على هذه الدّعوى فلا بد من الأخذ بالإقرار الأوّل فلا بدّ أن يكون مراد الإمام عليهالسلام أنّ إقرارنا بنبوّة عيسى ليس على إطلاقه بل على تقدير البشارة بمعنى أن من نقرّ بنبوّته هو عيسى الّذي بشّر أمّته بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله فالمقرّ به هي النبوّة المتعلّقة بهذا الموصوف على تقدير وجود هذه الصّفة فيه لا مطلقا وحقيقة ذلك ترجع إلى أنّه إذا كان شخص واحد وجزئي حقيقي في الخارج على صفة وكان اتصافه بها على تقدير وجود صفة أخرى فيه مثل كون زيد ابن عمرو فإنّه على تقدير كون عمرو أباه لكون البنوّة والأبوة من المتضايفين صحّ لنا نفي كونه على الصفة المذكورة على تقدير عدم وجود الصّفة الأخرى فيه وفيما نحن فيه أيضا لما كانت نبوّة عيسى مرتبطة بالبشارة لما علمنا من وجوب ذلك عليه صحّ لنا نفي نبوّته على تقدير عدم بشارته فإقرار الإمام عليهالسلام بالنّبوّة والكتاب والبشارة بمنزلة الإقرار بأمر واحد لما ثبت من الارتباط والاقتران بينها(قوله) فلا يدلّ على تسليمه إلخ من حيث دلالة الالتزام بها على كون الجاثليق منكرا وقوله موافقا للأصل ثمّ المراد بالاستصحاب هنا هو المنجز دون المعلق وهو واضح (قوله) فالحقّ هو التفصيل في المقام إلخ تحقيق المقام أنّه إذا تعلّق حكم بعام إمّا أن يتعلّق بأفراده في كلّ زمان بأن كان الزمان جزء موضوع للحكم بأن يعلم من حال الآمر أنّ مراده بقوله أكرم العلماء وجوب إكرام زيد وعمرو وبكر إلى آخر الأفراد في كلّ زمان يسع إكرامهم أو يصرّح هو بذلك بأن يقول يجب عليك إكرام كلّ فرد من العلماء في كل زمان من الأزمنة وإمّا أن يتعلق بالأفراد على وجه الدّوام والاستمرار من دون أخذ الزمان قيدا له بأن يعلم من جهة عدم تقيد الأمر بزمان كون مراد الآمر استمرار حكم الأفراد أو كان الاستمرار من لوازم الفعل المأمور به كالأمر بالوفاء بالعقود بناء على أنّه مع المخالفة في زمان لا يسمّى وفاء كما ادعاه بعضهم وستعرف ما فيه أو صرّح الآمر بذلك بقوله أكرم العلماء دائما وكيف كان فاعتبار الزّمان على هذا التقدير من باب الظرفية لا التقييد ثمّ إذا خرج بعض الأفراد من تحت العموم في زمان بأن قال لا تكرم زيدا العالم يوم الجمعة فهو لا يخلو أيضا إمّا أن يعتبر الزّمان فيه أيضا من باب التقييد أو من باب الظرفية فالأقسام أربعة الأوّل أن يكون الزّمان في كل منهما معتبرا من باب التقييد الثّاني أن يعتبر في كلّ منهما من باب الظرفيّة الثالث أن يكون في العام من باب الظرفية وفي الخاص من باب التقييد الرّابع عكس الثّالث أمّا الأوّل فلا يمكن فيه استصحاب حكم المخصّص حتّى يحكم بعدم وجوب إكرام زيد فيما بعد يوم الجمعة أيضا لفرض أخذ الزمان فيه جزء موضوع فلا يمكن إسراء حكم موضوع إلى موضوع آخر بالاستصحاب لاشتراط اتحاد الموضوع في جريانه وحينئذ لا بدّ في محلّ الشكّ من العمل بعموم العام لفرض كون كل فرد في كلّ زمان موضوعا مستقلاّ فمع خروج بعض الأفراد في زمان فأصالة عدم التخصيص زائدا