الصّحة وقد تقدّم الكلام في الجميع في مبحث أصالة البراءة إلاّ أنّه أعاد الكلام في الأخير هنا لمناسبة المقام وكثرة دورانها بين أجلّة علمائنا الأعلام بل فيما بين المشهور منهم ثمّ إنّ الشّكّ في الصّحة تارة يحصل قبل الشّروع في العمل وأخرى في أثنائه وثالثة بعد الفراغ ولا مسرح للتمسّك بأدلّة الصّحة في الأوّل إلاّ تعليقا وأمّا الثّاني فجريانها فيه إنّما هو فيما أتى بما يشكّ في مانعيّته أو قاطعيّته غفلة وذهولا أو ترك ما يشكّ في جزئيّته أو شرطيّته كذلك ثم التفت بعد الدّخول في الأجزاء اللاّحقة إلى ما أتى به أو تركه وإلاّ فمع الالتفات ابتداء لو أتى بالأوّل أو ترك الثّاني حصل القطع بفساد عمله لعدم علمه بكونه مأمورا به وإذا قلنا بالصّحة في الأوّل يلحق به الثّاني أيضا لعدم الفاصل بينهما والكلام في كلا القسمين إنّما هو فيما كانت الشبهة حكميّة وإلاّ فمع كونها موضوعيّة بأن يشكّ في الإتيان ببعض الموانع أو القواطع أو في ترك بعض الأجزاء أو الشرائط فأصالة العدم في هذه الصّور حاكمة على أصالة الصّحة فما يظهر من المصنف رحمهالله من دخول الشكّ في وجود القاطع في محلّ النّزاع كما يشير إليه قوله فإذا شكّ في شيء من ذلك وجودا أو صفة إلى آخره ليس كما ينبغي أو مبني على الإغماض عن قضية الحكومة وأمّا الثّالث فإن كانت الشّبهة فيه حكميّة وهي إنّما تفرض فيما لو غفل فأتى أو ترك ما يحتمل قدح فعله أو تركه ولم يلتفت إلاّ بعد الفراغ فالحكم بالصّحة هنا وسابقيه مبني على جواز العمل بأصالة الصّحة وإن كانت موضوعية بأن يشكّ بعد الفراغ في الإتيان ببعض الموانع أو ترك بعض الأجزاء والشّرائط فالمتعيّن فيه الحكم بصحة العمل لقاعدة الفراغ وكيف كان فقد ظهر ممّا ذكرناه عدم اختصاص محلّ النّزاع بما كان الشكّ فيه في أثناء العمل كما يظهر من المصنف رحمهالله لما عرفت من تأتيه فيما حصل الشّكّ فيه قبل العمل وبعده غاية الأمر أن يكون الاستصحاب على الأوّل تعليقيّا لا تنجيزيّا على ما عرفت نعم على جميع التّقادير المتقدّمة يختص مورد الاستصحاب بصحّة الأجزاء المتقدّمة ولا يمكن استصحاب صحّة مجموع الأجزاء لفرض الشّكّ في صحّة الأجزاء اللاّحقة بعد الإتيان بما يحتمل قدح فعله أو ترك ما يحتمل قدح تركه في صحّة العمل (قوله) فالمراد بها إمّا إلخ فإن قلت إن من معاني الصّحة في العبادات إسقاط الإعادة والقضاء وإنما لم يذكره من معانيها هنا قلت إمّا للإجماع على عدم وجوب إعادة الأجزاء وقضائها من حيث أنفسها وإمّا لأنّ عدم وجوبها لازم عقلي للصّحة بمعنى موافقة الأمر فإذا فرض العلم بتحقّق الصّحة بهذا المعنى حصل العلم بها بالمعنى الأوّل أيضا(قوله) للأمر المتعلّق بها إلخ أعني الأمر المقدمي الناشئ من الأمر بالكلّ (قوله) من أنّه ليس الشكّ إلخ للعلم بالصّحة فيها بكلا معنييها كما تقدّم (قوله) بيانه أنّه قد يكون الشكّ إلخ حاصل الفرق بين المانع والقاطع أنّ المانع ما كان مانعا من تأثير الماهية ولذا كان عدمها بمنزلة الشّرائط بل يعدّ منها مسامحة أو غفلة والقاطع ما كان قاطعا للهيئة الاتّصالية ومانعا من
تأثير الجزء الصّوري دون الماهية من حيث هي وأمّا تمييز مصادقيهما الخارجة فهو موكول على نظر الفقيه وملاحظة الأدلّة(قوله) وهذا الكلام وإن كان قابلا للنقض والإبرام إلخ قد تقدم الكلام في النقض والإبرام وكيفيّة تصحيح الاستصحاب بحسب العرف في مسألة البراءة في مقام بيان زيادة الجزء ولكن نزيد هنا ونقول تقريبا إلى فهم المبتدئ وتوفيرا لحظ المنتهي إن ما يمكن استصحابه هنا أمور أحدها بقاء الأجزاء السّابقة على قابلية اللّحوق وأثر استصحابه عدم وجوب استئنافها وثانيهما الاتصال الملحوظ بين الأجزاء السّابقة واللاّحقة وأثر استصحابه أيضا بقاء الأمر بالإتمام وثالثها عدم قاطعيّة الموجود وأثر استصحابه بقاء الاتصال الملحوظ بين الأجزاء السّابقة واللاّحقة أمّا الأوّل فيرد عليه أنّ عدم وجوب الاستئناف ليس من آثار قابليّة الأجزاء السّابقة للاتصال بل من آثار صحّة تمام العمل ومع التّسليم فلا أقل من كونه من آثار فعلية الاتّصال لا قابليته ومع التّسليم فهو أثر عقلي لا شرعي فاستصحاب القابلية لإثبات عدم وجوب الاستئناف لا يتمّ إلاّ على القول بالأصول المثبتة وأمّا الثّاني فيرد عليه أنّه إن أريد به الاتّصال الموجود بين الأجزاء السّابقة واللاحقة فالشكّ في وجوده لا في بقائه بل القطع حاصل بعدمه لفرض عروض الشك في أثناء العمل وإن أريد به قابلية الأجزاء السّابقة واللاّحقة للاتّصال على تقدير الإتيان باللاحقة يظهر ضعفه أيضا مما ذكرناه وأمّا الثالث فيرد عليه أنه إن أريد باستصحاب عدم قاطعيّة الموجود عدم قاطعيّة هذا الموجود فهو غير مسبوق بحالة العدم وإن أريد عدم تحقق قاطع في هذا المورد فهو لا يثبت عدم كون الموجود قاطعا إلاّ على القول بالأصول المثبتة وسيجيء زيادة توضيح لذلك في الحواشي الآتية ويمكن دفع ما يرد على الأوّل بأن عدم وجوب الاستئناف وإن كان من آثار صحة مجموع العمل أو الاتصال الفعلي في الواقع إلاّ أنّه مرتب في نظر أهل العرف على قابلية الأجزاء السّابقة وصلاحيّتها للاتّصال فتأمل نعم يبقى فيه كونه من اللّوازم العقليّة دون الشرعيّة والثّاني بأن الاتّصال الفعلي بين الأجزاء السّابقة واللاحقة وإن لم يكن موجودا لفرض عدم الإتيان باللاحقة بعد إلاّ أنّ المكلف لما كان عازما بالإتيان بها متّصلة بالسّابقة فهو في نظر أهل العرف كالموجود فعلا وأمّا الثّالث فلا مدفع له (قوله) وربّما يتمسّك في مطلق الشكّ إلخ سواء كان الشكّ في المانع أو القاطع وقد يتمسّك في المقام أيضا بأصالة عدم طرو المبطل وفيه ما لا يخفى ويتوقف بيانه على بيان أقسام الشّكّ في المبطل لأنّ الشّكّ فيه قد يكون في وجوده وأخرى في صفته أعني إبطال الشيء الموجود وعلى الأوّل إمّا أن يكون المبطل وجوديّا كالشّكّ في أثناء الصّلاة في خروج البول منه وأخرى عدميّا مثل الشكّ في ترك الرّكوع وأيضا قد يكون الشّكّ في وجود المبطل ناشئا من الشكّ في أمر خارجي وهو أيضا قد يكون وجوديّا كالبلل المشتبه بين البول وغيره وقد يكون عدميّا كما إذا علم بترك السّجدتين وتردّد بين تركهما من ركعة واحدة وترك كلّ واحدة من ركعة وعلى الثّاني قد يكون الشكّ في الصّفة من جهة الشكّ في الحكم الكلّي للعارض مع تبيّن مفهومه وجوديّا كان مثل التّأمين في أثناء الصّلاة أو عدميّا مثل ترك ردّ السّلام مع الاشتغال بالصّلاة وقد يكون من جهة الشكّ في اندراج الفرد في مفهوم اللّفظ المجمل وجوديّا كان مثل التكفير بناء على إجماله وأنّ المتيقّن منه وضع اليمنى على اليسرى دون العكس فبذلك يحصل الشكّ في صحّة الصّلاة في صورة العكس أو عدميّا مثل ترك الطمأنينة بناء على احتمال ركنيّتها وإجمال لفظ الرّكن ووقوعه في كلام الحكيم فهذه أقسام ثمانية والتمسّك بأصالة العدم إنّما يتمّ