في زمان اليقين والأوّل يقيني فلا مسرح للأصل فيه والثّاني ممّا لا إشكال في ثبوته والثّالث هو محلّ الخلاف في ثبوت صفة التأخّر بالأصل وعدمه والحق وفاقا للمصنف ره هو الثّاني لأنّ صفة التأخّر ممّا لا يعقل تقدّمها على زمان اليقين بالوجوب المطلق حتى يستصحب بقاؤها فلا مسرح له في إثباتها إلاّ على التوجيه الّذي ذكره المصنف رحمهالله من أنّ حدوث الشّيء عبارة عن وجوده المطلق في زمان منضما إلى عدمه فيما قبل ذلك فإذا ثبت عدمه قبله بالأصل وانضمّ ذلك إلى وجوده المطلق في زمان اليقين تحقق مفهوم الحدوث كما تقدّم في الأمر السّابق من استصحاب حياة المورث في حال إسلام الوارث بناء على كون ذلك سببا للإرث لا موت المورث عن وارث مسلم وعلى الثّاني إمّا يراد ترتيب آثار الحدوث المطلق المساوق للوجود المطلق في محل الفرض وإمّا آثار عدم حدوثه إلي الزّمان الثّاني وإمّا آثار الوجود الخاصّ المساوق للحدوث الخاصّ أعني الوجود في خصوص الزّمان الثّاني والأوّل لا مسرح للأصل فيه للقطع به بالفرض وكذا الثّالث لفرض تساوق الوجود الخاص للحدوث الخاص الّذي لا مسرح للأصل في إثباته لتوقفه على إثبات صفة التأخر الّتي لا يثبتها الأصل إلاّ على القول بالأصول المثبتة وأمّا الثّاني فلا إشكال في ثبوته بالأصل وهو واضح (قوله) فإن جهل تاريخهما إلخ لا يخفى أنّه مع الجهل بالتاريخ إمّا أن يراد استصحاب عدم كل منهما إلى زمان العلم بوجوده وإمّا استصحاب عدم كل منهما في زمان حدوث الآخر وعلى الأوّل إمّا أن يراد إثبات مجرّد عدم كل منهما إلى زمان العلم بوجوده أو إثبات تقارن وجودهما وعلى الثّاني أيضا إمّا أن يراد مجرّد إثبات عدم كلّ منهما في زمان حدوث الآخر أو إثبات تأخره عنه أمّا الأوّل فلا إشكال في جريان أصالة عدم كلّ منهما إلى زمان العلم بوجوده وترتيب آثار العدم عليه إلاّ أن يكون أثرهما متضادين أو متناقضين فيحكم بالتساقط حينئذ كما إذا علم بحصول الطّهارة والحدث وشكّ في المتقدم منهما فلا يمكن ترتيب أثر عدم كلّ منهما في زمان الشكّ وأمّا الثّاني ففيه وجهان كما ذكره المصنف رحمهالله فإن قلت إنّ ما ذكر في وجه ثبوت آثار التقارن بالأصل من خفاء الواسطة حتّى يتوهم أنّ المقارنة عبارة عن عدم تقدم أحدهما على الآخر ضعيف لأنّه بعد تعارض أصالة عدم تقدّم هذا وعدم تقدّم ذاك وتساقطهما لا يمكن إثبات آثار التقارن بهما قلت إن تساقطهما إنّما هو بالنسبة إلى إثبات آثار خصوص عدم تقدّم كلّ منهما على الآخر لا بالنّسبة إلى آثار التقارن لسلامتهما بالنّسبة إليها عن المعارض نعم إنّ الحكم بالتقارن إنّما هو في مقام يتصوّر فيه التّقارن وإلاّ يحكم بتساقطهما كما عرفته من مثال الطهارة والحدث وأمّا الثالث فحكمه كما ذكره المصنف رحمهالله هو التساقط إلا أن لا يترتب على خصوص أحد المستصحبين أثر شرعي لما تقرر في محلّه من عدم جريان الأصل فيما لا أثر شرعيّ له لأن دليله حرمة النقض ولا يتحقق النقض فيما لا يترتب عليه أثر شرعيّ وأمّا الرّابع فالأصل فيه غير جار إلاّ على القول بالأصول المثبتة ومع تسليمه فهو معارض بمثله وهذا إن أريد إثبات صفة التأخّر باستصحاب عدم أحدهما في زمان حدوث الآخر وإن أريد استصحاب صفة المتأخّر فهو غير معقول كما أشار إليه المصنف رحمهالله وممّا قرّرناه قد ظهر أنّ صفة التقارن من لوازم أصالة عدم كل منهما إلى زمان العلم بوجودهما كما ذكرناه وإن شئت قلت إنّها من لوازم أصالة عدم كلّ منهما قبل وجود الآخر كما ذكره المصنف رحمهالله ومرجعهما إلى أمر واحد وصفة التأخّر من آثار عدم كلّ منهما في زمان حدوث الآخر على ما عرفت (قوله) فإذا علم تاريخ ملاقاة إلخ تحقيق الحال في هذا المثال أعني كرّا تدريجي الحصول وغسل فيها ثوب وشكّ في تقدّم الكرية أو ملاقاة الثّوب أن يقال إن تاريخ كل من الكرية والملاقاة تارة يكون مجهولا وأخرى يكون تاريخ أحدهما معلوما والآخر مجهولا فإن جهل تاريخهما فلا ينبغي التأمّل في عدم جواز الحكم بتأخّر أحدهما عن الآخر لعدم ثبوت وصف التّأخّر بالأصل مضافا إلى معارضته بالمثل وأمّا أصالة التأخّر بمعنى عدم أحدهما في زمان حدوث الآخر فهي أيضا معارضة بالمثل وحكمه التساقط نعم على القول بالأصول المثبتة أمكن إثبات التّقارن بأصالة عدم كلّ منهما قبل الآخر فتثبت نجاسة الماء وأمّا على المختار من عدم اعتبارها فالثوب المغسول بالماء المفروض لا إشكال في بقائه على النجاسة للأصل من دون معارضته بمثله أو حاكم عليه وأمّا الماء فالحكم بنجاسته وعدمها مبنيّان على كون الكرية عاصمة ومانعة من الانفعال أو القلّة شرطا في الانفعال فعلى الأوّل يحكم بالنجاسة لثبوت المقتضي للانفعال وهي الملاقاة والشكّ في المانع المدفوع بالأصل حين تحقق المقتضي كما هو مختار جماعة وعلى الثّاني يحكم بالطّهارة لأصالة عدم شرط الانفعال حين وجود المقتضي كما اختاره غير واحد والحقّ أنّ الكرّية وإن كانت عاصمة ومقتضى أصالة عدمها هو الحكم بالنجاسة إلا أنّ الحكم بها هنا مشكل أمّا كونها عاصمة لا أن تكون القلّة شرطا كما زعمه بعضهم فلأنّ العنوان في الأخبار هي الكرّية دون القلّة مثل قوله عليهالسلام الماء إذا بلغ قدر كر لم ينجسه شيء أو لم يحمل خبثا وأمّا وجه الإشكال فلأنّه إن أريد بأصالة عدم الكرّية عدم كرية هذا الماء الموجود المفروض كونه في الحال كرّا فلا ريب أنّ هذا الماء لم يكن في السّابق غير كرّ حتّى يستصحب عدمها وإن أريد بها عدم تحقق الكرّية في هذا المحلّ حين الملاقاة فلا شكّ أنّ أصالة عدم الكرّية المطلقة لا يثبت عدم كرية الموجود إلاّ على القول بالأصول المثبتة من باب تطبيق الكلّي على أفراده باستصحاب بقائه فالأولى هو الحكم بالطهارة لقاعدتها اللهمّ إلاّ أن يختار الشقّ الأوّل ويتسامح في موضوع الاستصحاب كما في موارد الشكّ في البقاء على الكرّية كما إذا أخذ من الكرّ مقدار يشك معه في بقائه على الكرّية ولكنه فيما نحن فيه يختص بموارد يتسامح فيها عرفا فتدبّر وإن علم تاريخ الملاقاة دون الكرّية يحكم فيه بنجاسة الماء لأصالة عدم تحقّق الكرّية حين الملاقاة وكذا بنجاسة الثوب النجس المغسول به لاستصحاب نجاسته ولكنّك قد عرفت حال استصحاب عدم الكرّية فالحقّ هنا أيضا الحكم بالطهارة في موارد عدم التسامح في موضوع الاستصحاب وإن علم تاريخ الكرية دون الملاقاة فإن قلنا باعتبار الأصول المثبتة يتجه الحكم بطهارة كلّ من الماء والثّوب لثبوت تأخر الملاقاة عن الكرية بأصالة عدمها حين حدوث الكرّية وإن لم نقل باعتبارها فالمتجه هو الحكم بطهارة الماء لأصالة عدم الملاقاة إلى زمان حدوث الكرّية اللهمّ إلاّ أن يقال بجريان الإشكال الوارد على أصالة عدم الكرّية كما عرفته في الصّورة الأولى هنا أيضا فالمتعين حينئذ هو التمسّك بقاعدة الطهارة وأمّا الثّوب المغسول فيه فيحكم بنجاسته لأصالة بقاء نجاسته وقد تحقق ممّا ذكرناه أن الأقرب هو الحكم بطهارة الماء ونجاسة الثوب مطلقا سواء جهل تاريخهما أو تاريخ