أنّ الشكّ قد يقع في وجود الحائل على البشرة وأخرى في حيلولة الموجود كالخاتم على الإصبع في الوضوء والغسل وعلى التقديرين إمّا أن يقع الشكّ في أثناء العمل أو بعد الفراغ منه فالصّور أربع والمستدل بالسّيرة إن أراد التمسّك بها مع الشكّ في الوصف فإن أراد صورة وقوع الشكّ في أثناء العمل ففيه منع تحقق السّيرة فيها على إعمال أصالة عدم الحيلولة بل الظّاهر استمرارها حينئذ على الفحص وتحصيل اليقين بوصول الماء إلى البشرة وإن أراد صورة الشكّ بعد الفراغ من العمل فالسّيرة فيها وإن كانت مستمرّة على عدم الاحتياط إلاّ أنّ ذلك ليس لأجل الأصل المذكور بل لقاعدة الشكّ بعد الفراغ المعتبرة عند المشهور وإن نوقش في جريانها عند تذكر صورة العمل كما سيجيء في محلّه إلاّ أنّه لا يسلّم السّيرة أيضا في صورة التذكر وكذا في غيره من الموارد الّتي وقع الخلاف في جريانها فيها كما سيجيء في محلّه وممّا ذكرناه يظهر ضعف التمسّك بها في صورة الشكّ في وجود الحائل لأنّه إن أراد به صورة وقوع الشكّ في أثناء العمل يرد عليه منع بنائهم فيها على أصالة عدم الحائل مع الشكّ فيه بل المعلوم من حالهم الاحتياط والتفتيش فيها ولو سلم فلعلّه في موارد حصول العلم العادي بعدم وجود الحائل كما هو الغالب وهذا العلم معتبر عندهم وإن أراد صورة الشكّ بعد الفراغ يرد عليه ما عرفت من كون ذلك للشكّ بعد الفراغ لا لأصالة عدم الحائل هذا كلّه هو الوجه في تنظر المصنف ره في المقام ثم إنّه مع تسليم تحقق السّيرة في المقام كان اعتبار الاستصحاب في خصوص هذا المورد من باب بناء العقلاء وتسليم اعتبار الأصل المثبت هنا لا يرد نقضا على القول بعدم اعتباره لابتنائه على القول باعتبار الاستصحاب من باب التعبّد وهذا مبني على اعتباره من باب الظنّ النّوعي وقد تقدّم عدم الإشكال فيه على هذا التقدير وأمّا ما تقدّم من التمسّك بإطلاقات الصب ففيه أنّ هذه الإطلاقات واردة في مقام حكم آخر لا في مقام بيان الإطلاق فلا يجدي التمسّك بها في المقام وقد يبقى في المقام شيء لا بد أن ينبه عليه وهو أنّه قد قيل إنّه اشتهر عدم اعتبار الاستصحاب بالنّسبة إلى اللّوازم بل قد عزي ذلك إلى المشهور وقال الفاضل التّوني في شرائط العمل بأصالة البراءة الأوّل أن لا يكون إعمال الأصل موجبا لثبوت حكم شرعيّ من جهة أخرى مثل أن يقال في أحد الإناءين المشتبهين الأصل عدم وجوب الاجتناب عنه فإنّه يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن الآخر وعدم بلوغ الملاقي للنجاسة كرّا أو عدم تقدّم الكرّية حيث يعلم بحدوثها على ملاقاة النجاسة فإنّ إعمال الأصول يوجب الاجتناب عن الإناء الآخر أو الملاقي أو الماء انتهى وأقول إنّه على تقدير تسليم النسبة المذكورة لا بد من بيان مرادهم من الكلام المذكور فيحتمل أن يكون مرادهم عدم اعتبار الاستصحاب بالنّسبة إلى إثبات اللّوازم العقلية والعادية للمستصحب كما تقدّم تحقيق القول فيه ويحتمل أن يكون مرادهم عدم جريان الاستصحاب في نفس اللّوازم مطلقا وإن كانت شرعية نظرا إلى أنّه مع إجرائه في اللّوازم إمّا أن يراد إجراؤه في الملزوم أيضا أم لا فعلى الأوّل لا معنى لإجرائه في اللوازم أمّا بالنسبة إلى اللّوازم الشرعيّة فلحكومة الأصل في الملزوم عليه في لازمه وكذا بالنّسبة إلى اللّوازم العقلية والعادية الّتي تترتب عليها أحكام شرعيّة إن قلنا باعتبار الأصول المثبتة وإلاّ فلا وجه للمنع بعد فرض كون اللّوازم موردا للأصل فلا بد أن يراد من المنع غير هذه الصّورة وعلى الثاني الأمر أوضح لاشتراط العلم ببقاء الموضوع في جريان الاستصحاب فمع عدم إجرائه في الملزوم لا يتحقق شرط جريانه في اللّوازم ومع جريانه فيه لا يبقى مورد لإجرائه في اللّوازم على ما عرفت ويحتمل أن يكون مرادهم أن شيئا إذا كان لازما لملزومين وعلم قيامه بأحد ملزوميه فإذا شكّ في ارتفاعه بسبب ارتفاع ملزومه الّذي قام به فباستصحابه لا يحكم بقيامه مع ملزومه الآخر كعدم التذكية الملازمة للحياة والموت بحتف الأنف فعند الشكّ فيها كما في الجلد أو اللّحم المطروح المحتمل كونه مذكى فاستصحاب عدمها لا يثبت قيامه بالموت بحتف الأنف قال في الوافية ردّا على المشهور في تمسّكهم في نجاسة الجلد المطروح باستصحاب عدم التّذكية إنّ عدم المذبوحيّة لازم لأمرين الحياة والموت حتف الأنف والموجب للنجاسة ليس هذا اللاّزم من حيث هو بل ملزومه الثّاني أعني الموت حتف الأنف فعدم المذبوحيّة لازم أعمّ لموجب النجاسة فعدم المذبوحيّة اللاّزم للحياة مغاير لعدم المذبوحيّة العارض للموت حتف الأنف والمعلوم ثبوته في الزّمان السّابق هو الأوّل لا الثّاني وظاهر أنّه غير باق في الزّمان الثّاني ففي الحقيقة يخرج مثل هذه الصّورة عن الاستصحاب إذ شرطه بقاء الموضوع وعدمه هنا معلوم وقال ليس مثل التمسّك بهذا الاستصحاب إلا مثل من تمسّك على وجود عمرو في الدّار باستصحاب بقاء الضاحك المتحقق بوجود زيد في الدّار في الوقت الأوّل وفساده غنيّ عن البيان انتهى ويظهر الكلام في ذلك ممّا علقناه على التنبيه الأوّل فراجع ولاحظ (قوله) لا فرق في المستصحب إلخ لا يخفى أنّ عمدة أقسام هذا الاستصحاب ما أشار إليه المصنف رحمهالله وأمّا سائر الأقسام المتصوّرة فيه مثل اتحاد زمان الشكّ والمشكوك فيه وتقدم زمان الشكّ عليه وتأخره عنه وعلى التقادير كونه حكميّا كما لو شكّ بعد ذهاب ثلث اللّيل أو في أوّل المغرب أو بعد الفجر في أنّ وقت العشاء إلى ثلث اللّيل أو إلى نصفه أو إلى الفجر وموضوعيّا كما لو شكّ قبل الظهر أو في حينه أو بعده في حدوث موت زيد في أوّل الظّهر أو تقدّمه عليه وعلى الثّاني كونه صرفا أو مستنبطا وعلى التقادير كون المستصحب وجوديّا أو عدميّا وعلى التقادير أصليا أو فرعيّا إلى غير ذلك فلا يؤثر اختلاف هذه الأقسام في اختلاف حكم المسألة وهو واضح (قوله) وهذا هو الّذي يعبر عنه إلخ لأنّ هذا الأصل وإن تركب من عقدي إيجاب وسلب وهما عدم حدوث الحادث إلى زمان العلم بوجوده المطلق وتأخر حدوثه إلى هذا الزمان فيما لوحظ تأخر الحادث بالقياس إلى ما قبله من أجزاء الزّمان وعدم حدوث أحد الحادثين قبل حدوث الآخر وتأخر حدوث أحدهما عن حدوث الآخر فيما لوحظ تأخّر حدوث الحادث بالقياس إلى حادث آخر إلاّ أنّ المقصود الأصلي من إعمال هذا الأصل لما كان إثبات صفة التّأخر سموه بأصالة تأخر الحادث (قوله) إنّ تأخّر الحادث قد يلاحظ إلخ توضيحه أنّه قد يعلم وجود حادث في زمان معيّن كموت زيد يوم الجمعة ويشكّ في مبدإ زمان حدوثه وأنّه يوم الجمعة أو الخميس ولكن حصل القطع بأنّه على تقدير حدوثه يوم الخميس فهو مستمرّ إلى يوم الجمعة وقد يعلم حدوثه في أحد الزّمانين وانعدامه بعد حدوثه فيساوق حدوثه وجوده كمثال الكرّ الّذي مثل به المصنف رحمهالله وعلى الأوّل إمّا يراد ترتيب آثار الحدوث المطلق أعني الحدوث في أحد الزّمانين في الجملة أو آثار عدم الحدوث إلى زمان اليقين بوجوده المطلق أو آثار الحدوث الخاص أعني الحدوث