لزوم المخالفة العمليّة أيضا كما لا يخفى على من راجعه وحاصل ما أورده المصنف رحمهالله عليه منع صحّة القياس ببيان الفارق ويظهر توضيحه ممّا قدّمناه عند بيان وجوه المنع من المخالفة الالتزاميّة وتضعيفها(قوله) حتّى مع العلم التّفصيلي إلخ لا يخفى ما فيه إذ لا مجرى للأصول مع العلم التّفصيلي بالواقع فكيف يفرض التعارض والمنافاة بينها وبين الحكم الواقعي المعلوم تفصيلا وكان المقصود بيان جواز المخالفة الالتزاميّة للحكم المعلوم بالتّفصيل ولكن وقع قصور في العبارة(قوله) إذ هو المسلم المعروف إلخ يعني أنّ المسلم المعروف من جواز مخالفة قول المعصوم عليهمالسلام بين القائلين بجوازها هو جوازها بحسب الالتزام دون العمل أما على قول الشّيخ رحمهالله بالتخيير الواقعي فظاهر وأمّا على قول من قال بالرّجوع إلى مقتضى الأصل فإنّ المسلم والمتيقّن من كلامه هو الرّجوع إلى أصل ثالث لا يلزم من العمل به إلا مجرّد مخالفة التزاميّة كأصالة الإباحة فيما نحن فيه وعلى ما ذكرناه يكون مرجع الضّمير هو طرح قول الإمام عليهالسلام من حيث الالتزام لا عدم جواز الطّرح من حيث العمل وإلاّ فلا يتم استشهاد قول الشّيخ والمنقول عن بعض ثمّ إنّ استظهار التّخيير الواقعي من كلام الشّيخ قد تقدّم وجهه عند بيان ما يتعلق بالموارد الّتي ورد في الشّرع فيها جواز مخالفة العلم التّفصيلي المتولد من العلم الإجمالي وأمّا وجه ما استظهره من كلام البعض فإنّ الظّاهر من حكمه بالرّجوع إلى مقتضى الأصل هو الرّجوع إلى أصل ثالث مخالف للقولين وإلاّ فالرّجوع إلى أصل موافق لأحدهما في الحقيقة عمل بأحد القولين لا بالأصل وأمّا بناء على كون مراد الشّيخ هو التخيير الظّاهري كما يظهر من المحقق القمي رحمهالله وكذا مراد البعض من الأصل هو خصوص الأصل الموافق لأحد القولين فلا يستلزم كلامهما جواز المخالفة الالتزاميّة أيضا كما لا يخفى وممّا ذكرناه يظهر أن قوله فإن ظاهر الشّيخ إلخ تعليل لمعروفية جواز المخالفة الالتزاميّة في قبال احتمال ما ذكرناه من إمكان كون مرادهما ما لا يستلزم تجويز المخالفة الالتزاميّة أيضا لا في قبال احتمال كون مرادهما ما يشمل المخالفة العمليّة أيضا وإلاّ فلا وجه لما استظهره من كلامهما لعدم شمول كلام الشّيخ للمخالفة العمليّة أصلا حتّى يستظهر خلافه وكلام البعض أيضا عام لها وللمخالفة الالتزاميّة والحاصل أنّه في قوله فإن ظاهر الشّيخ إلخ في صدد إثبات تجويزهم المخالفة الالتزاميّة في قبال ما ذكرناه لا في صدد إثبات عدم تجويزهم المخالفة العمليّة فيكون بيان ذلك موكولا إلى الخارج كما أشرنا إليه وكذلك يظهر أنّ مراده بقوله والرّجوع إلى الأصل هو الأصل الثّالث في قبال احتمال كون مراد البعض هو الرّجوع إلى أصل موافق لأحد القولين (قوله) والإنصاف أنّه لا يخلو عن قوّة إلخ لا يذهب عليك أن ما قوّاه هنا مخالف لما ذكره في مبحث البراءة في مسألة دوران الأمر بين الوجوب والحرمة لحكمه هناك بالتّوقف عن الحكم الواقعي وعدم التزامه بشيء من طرفي الشّبهة في مقام الظّاهر ثمّ إنّ ما ذكره هنا من دليل العقل جاز في الشّبهات الحكميّة والموضوعيّة وإن ذكره في ذيل الشّبهة الحكميّة كما أشرنا إليه سابقا نعم دليله الثّاني أعني الفحوى ظاهر الاختصاص بالأوّل ولكن قد تقدم ما فيه كما نبه عليه المصنف رحمهالله أيضا في مبحث البراءة (قوله) فهي لازمة البتّة إلخ يعني بحسب العادة وإلا فاللّزوم العقلي واضح المنع لإمكان أن لا يلتزم المكلّف بشيء من الوجوب والحرمة المحتملين مع تركه الفعل عن قصد أو اتفاقا(قوله) وتعدد الواقعة أنّما يجدي إلخ دفع لما يمكن أن يتوهّم من اختصاص حرمة المخالفة العمليّة القطعيّة بصورة اتّحاد الواقعة وعدم تأتّيها في الوقائع المتعددة كما يشهد به تخيير الشّارع للمقلّد بين قولي مجتهدين تخييرا مستمرا يجوز معه العدول عن أحدهما إلى الآخر بحيث يستلزم القطع في بعض الموارد بمخالفة العمل للواقع في الوقائع المتعدّدة كما إذا كان رأي أحدهما وجوب فعل ورأي الآخر حرمة هذا الفعل فقلّد الأوّل فارتكبه ثمّ قلّد الآخر فتركه وكذلك تخييره في العمل بأحد الخبرين المتعارضين تخييرا مستمرا حتّى فيما كان مضمون أحدهما وجوب فعل ومضمون الآخر حرمته وكذلك حكم المشهور بوجوب العدول عن تقليد الميّت إلى تقليد الحيّ وعن تقليد غير الأعلم إلى تقليد الأعلم لأن ذلك أيضا قد يستلزم المخالفة العمليّة في الوقائع المتعددة ومحصّل دفعه أنّ ما ذكر من عدم قبح المخالفة العمليّة مع تعدّد الواقعة أنّما يسلم فيما كان للمكلّف عند كلّ واقعة دليل تعبّدي مأمور هو بالبناء على كونه طريقا إلى الواقع أو على كون مضمونه بدلا عن الواقع على الوجهين في جعل الطّرق الظاهريّة أو على مجرّد العمل على طبقه الّذي مرجعه إلى مجرّد معذوريّة المكلّف في العمل به كما في العمل بالأصول وبالجملة أنّ ما ذكر أنّما يتمّ مع إذن من الشّارع على أحد الوجوه المذكورة عند كل واقعة مع قطع النظر عن الآخر وأمّا مع عدمه بأن كانت الوقائع المتعدّدة المتدرجة من جزئيات التكليف الواحد المعلوم بالإجمال ومحتملاته فالعقل لا يفرق بينها وبين الواقعة الواحدة في قبح المخالفة العمليّة ووجه الفرق بين المقامين واضح لأنّه مع عدم قيام الدّليل على حكم كلّ واقعة وكون الوقائع المتعددة من جزئيّات التّكليف الواحد المعلوم إجمالا ومحتملاته تكون تلك الوقائع في نظر العقل في حكم واقعة واحدة فتقبح المخالفة فيها بخلاف ما لو قام الدّليل عند كلّ واقعة لأنّه مع قيامه كذلك يصير كل واقعة في نظر العرف واقعة مستقلّة معلوما حكمها بالتّفصيل فكأنّ تلك الوقائع حينئذ تخرج عندهم من أطراف العلم الإجمالي فلا يلاحظ حينئذ مخالفة العمل له عند ملاحظة مجموع تلك الوقائع هذا غاية توضيح ما ذكره المصنف رحمهالله وهو بعد لا يخلو عن نظر لأنّ المخالفة الالتزاميّة من حيث هي على ما حقّق المقام غير مانعة عن جريان الأصول والمانع أنّما هو لزوم المخالفة العمليّة في الوقائع المتعددة فما نحن فيه من قبيل الموارد المذكورة في السّؤال لفرض جريان الأصل عند كلّ واقعة مع قطع النّظر عن لزوم المخالفة العمليّة في الوقائع المتعددة